لقاءات «المجتمع» مع الأستاذ خالد المذكور المعيد بجامعة الكويت

كم يُسر المسلم حين يرى شاباً مسلماً قد شق طريقه بنجاح ليأخذ مكانه مع أبناء وطنه ويعمل جاداً؛ لبناء مجتمع الحضارة الصحيحة الخالصة من الزيف، ويبني مجتمعا عزيزًا بين الأمم متحررًا من التبعية مستقلًا في جميع أموره الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.. هذا المجتمع بكل هذه المعاني اسمه المجتمع المسلم.

التقيت بهذا الشاب وطرحت عليه أسئلتي بشغف واستمعت إلى الأجوبة بشغف أيضاً.

  • قلت للأستاذ خالد المذكور، المعيد في قسم الحقوق والشريعة بجامعة الكويت: يا أخ خالد، حدثنا عن رحلتك الدراسية التي أوصلتك إلى هذا المكان؟

- لقد بدأت دراستي الأزهرية منذ الصفر؛ إذ التحقت بالمعهد الديني بالكويت وأنا ابن العاشرة وقضيت فيه تسع سنوات كنت فيها من الأوائل والحمد لله.

ثم التحقت بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر الشريف 5 سنوات متتاليات حصلت بعدها على العالمية (الليسانس) في الشريعة والقانون.

وقد قبلت معيداً في جامعة الكويت في الصيف الماضي وسأواصل دراستي بعون الله في مستهل العام الدراسي الجديد ولمدة 4 سنوات لنيل درجة الماجستير وبعدها الدكتوراة وأعود بعدها إلى بلدي لأخدم شريعتي الغراء بتوفيق الله.

  • ما ميزات الدراسة خارج الكويت بالنسبة للطالب الكويتي وما هي مساوئها؟

- من أهم ميزات الدراسة في الغربة هي ما يحصل عليه الطالب من خبرة في الاعتماد على النفس بعد الاعتماد الكامل على الأهل الذي نشأ عليه أغلب شبابنا مما يعين على بناء الرجولة الصحيحة، فمن الملحوظ أن أغلب الطلبة يتخرجون من الثانوية العامة في سن العشرين أو قريبا منه وهو سن حديث بالتغرب نسبيًا وهذا يكون صراعًا نفسيًا عنيفًا لدى الطالب ينتصر عليه بأن يفرض على نفسه التكيف مع الجديد والعمل الجاد لنيل الشهادة.

أما مساوئها فلا تكون ظاهرة عند الشاب المؤمن المتصل بالله في صلاته، ولكنها تكون عند غيره أوضح ممن لم يتمسكوا بالنهج الإسلامي القويم حيث نجد أغلبهم ينجرف مع الحياة الجديدة في نظرهم فيتأخر في دراسته كثيراً، ويعود إلى الكويت بدون النفس الطاهرة التي خرج بها.

  • ما أهم ملاحظاتك على طلبة جامعة الكويت؟ وبم تعلل انخفاض مستوى النجاح الملحوظ في هذه السنة بالذات؟

- من خلال تجربتي التي عشتها هذه السنة لاحظت أن الطالب الكويتي مقبل على التحصيل العلمي جاد في دراسته شغوف بالكتب وتحصيلها، غير أنه لا يحاول أن يكون على المستوى المطلوب دائماً، إذ إنه سرعان ما ينتابه ضيق النفس وخصوصًا في أيام الامتحانات، وهذه الظاهرة ليست عامة، ولكنها تظهر على نسبة كبيرة من الطلبة.

غير أن هؤلاء جميعاً لو بعثت فيهم الروح الإسلامية الوثابة التي لا ترضى بنجاح ناقص ولا تقبل إلا الدرجات العلا لصاحبها عندئذ سنجد انتصارات علمية كبيرة تتحقق على يد هؤلاء الطلبة، فهناك ملاحظات كثيرة وعلى رأسها كثرة الاضطرابات الطلابية والحفلات الكثيرة وما رافق هذه من شواغل كثيرة فرعية للطلبة شغلتهم عن التحصيل العلمي، فإذا أضفنا إلى هذه كثرة الإضرابات أثناء الدراسة وعدم التركيز في النصف الثاني من السنة لتبين لنا سبب هبوط المستوى الدراسي هذه السنة.

  • ما الكلية التي تعمل فيها معيداً؟

- كلية الحقوق والشريعة اسم على غير مسمى؛ إذ إن نصف اسم الكلية الثاني مشلول تقريباً، وكلية الحقوق والشريعة هنا تتبع أخواتها في مصر في المناهج والتعليم.

وتواجد المواد الشرعية فيها لا يسمن ولا يغني من جوع.

  • للجامعة الدور الأكبر في تكوين الطبقة المثقفة التي تقود المجتمع، فما مدى نجاح الجامعة في إعداد الخريج المسلم؟

- لا شك أن دور الجامعة في هذا المجال خطير جدًا، ولكن يجب أن نعلم أن إعداد الخريج المسلم لا يأتي بحشو فكره وذهنه بمعلومات إسلامية وشرعية وإنما لا بد من التربية الإسلامية الصحيحة التي تختلف تماماً عن النمط المتبع في المدارس التي سبق للطالب أن تدرج فيها، بالإضافة إلى وجوب وجود مربين ناصحين ومرشدين متجردين يكونون قدوة صالحة للطلاب والطالبات، وهذا مفقود ليس في الجامعة فقط وإنما في كل المؤسسات التعليمية للأسف.

  • تعودت صحافة الكويت على طرح موضوع الاختلاط من وجهة نظر مؤيديه، فهل لنا أن نسألك عن رأيك في الاختلاط من خلال تجربتك الدراسية؟

- لا شك أن الاختلاط لـه من المساوئ ما يجعل المرء المخلص لا يفكر فيه، ومساوئه واضحة في الجامعات التي تمارسه، وهذا ما شاهدته خلال دراستي ولو أنني لم أدرس في كلية مختلطة.

وإذا أردنا أن نقيم مجتمعًا سليمًا نقيًا مسلمًا، فيجب أن نكون جادين في البناء مثابرين عليه ولا نلتفت إلى الذين يحرثون في البحر، وتكون أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف(1).





________________

(1) نُشر بالعدد (110)، 14 جمادى الآخرة 1392هـ/ 25 يوليو 1972م، ص15.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة