وزارة التربية تعلن مسؤولياتها في مطلع هذا العام الجديد

بدأ العام الدراسي الجديد، وعاد الطلبة إلى مدارسهم كما تعود الطيور إلى أعشاشها، وباشرت وزارة التربية مسؤولياتها التي تنوء الجبال عن حملها.. كيف لا ومستقبل هذه الأمة بأخلاقه وقوته ورجاله أمانة لدى وزارة التربية، وخطورة هذه المهمة تفرض علينا التناصح وتذكير الوزارة بالواجب المترتب عليها وقلنا قبل قليل إن مستقبل الأمة كلها أمانة في أعناق القائمين على وزارة التربية، وهذا معناه أن مهمة إصلاح الشباب من الطلاب لها شقان:

مسؤولية الحكومة

شق مسؤولة عنه الوزارة وحدها وهذا سنتحدث عنه بعد قليل، وشق مسؤولة عنه الحكومة مجتمعة ونقول: إن الحكومة مجتمعة مسؤولة عن شباب هذه الأمة وتهيئة المناخ الخُلقي الطيب الذي ينشؤون في ظله ويتربون عليه.. وبحق فإن الجو الذي يحيط بالطلبة محموم، فدور السينما والمسارح لا تعرف إلا الأفلام والمسلسلات الإجرامية أو الجنسية والمراهقون تستهويهم الجريمة ودور بطلها والعمل على تقليده ومحاكاته فيما فعله من جريمة، والجنس يحرك نزوات الشباب.. وعلى الحكومة مجتمعة أن تحافظ على أخلاق الشباب وتفرض مراقبة صارمة على الأفلام والتمثيليات التي تعرض في دور. السينما والمسارح.

مسؤولية وزارة الإعلام

ووزارة الإعلام مسؤولة عن تلفزيونها، فالتلفزيون يكثر من عرض الأفلام الإجرامية والجنسية ونشر الدعاية للتبشير والصليبية، وإذا عرض برنامجًا إسلاميًا فتراه يستكتب من لا يفرق بين عنتر بن شداد وخالد بن الوليد، وطبيعي أن يكون البرنامج قائمًا على أساس من الخرافة، ومبنيًا على البدع التي لا أصل لها من كتاب الله وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وما من صحيفة أو مُصلح إلا ونقد واقع التلفزيون المؤسف وبقي كلامهم صيحة في واد أو نفخة في رماد -كما يقولون-. إن وزارة الإعلام مسؤولة عن واقع التلفزيون وضرورة إصلاحه، ولنتق الله في طلابنا ووجوب إصلاحهم عن طريق الفيلم الهادف، والمسلسل الذي يوضح دور القادة الفاتحين من أمتنا الإسلامية، وعرض مشاكل الشباب وأن يكون حلها وفقًا لتعاليم الإسلام وهديه.

مسؤولية وزارة الأوقاف

ووزارة الأوقاف مسئولة عن إحياء رسالة المسجد -فعلًا- إحياؤها بالخطيب القدير والواعظ الصادق العالم، ودروس العلم التي تلائم عقلية الشباب وتشعرهم بأن المسجد مدرسة وجامعة وناد ومركز إصلاحي.

ولا بد أن تتخذ الحكومة قرارًا مناسبًا لردع رؤساء تحرير الصحف الذين جعلوا من صحفهم وسيلة لترويج الجنس وأداة لنشر الميوعة والخنا، وبجرأة لا يحسدون عليها يقولون: إن نشر الصورة العارية والمواضيع الجنسية يساعدان على رفع المشتريات وها قد تضاعف التوزيع خلال مدة بسيطة لاتباعنا مثل هذا الأسلوب!

وهذا هو الغرض الذي نشط من أجله اليهود وورد ذكره في بروتوكولاتهم المشهورة، هذه مسؤولية تشترك فيها وزارة التربية مع الحكومة. 

مسؤولية وزارة التربية

وهناك مسؤولية مهمة جدًا تقع على عاتق وزارة التربية وحدها:

وأولها: اختيار المسؤولين الصالحين فناظر المدرسة المؤمن الصالح أمين على مقررات وزارة التربية، نستطيع أن نطمئن عليه في تنفيذها، أما الناظر المستهتر رقيق الدين فسيضرب بكل قرار لا يناسب مزاجه عرض الحائط وسيجد مسؤولين عنه أرق منه دينًا وأكثر منه استهتارًا وتلاعبًا.

وثانيًا: لا بد من تنفيذ قرار وزارة التربية الذي سبق وأصدرته والذي يقضي بإيجاد مسجد مناسب في كل مدرسة، وأن تقام الصلاة فعلًا في المسجد ويكون الناظر ووكيله والمدرسون في طليعة المصلين، فالصلاة ما فرضت على الطلبة دون المدرسين بل هي فرض على كل مسلم لا يجوز له عدم أدائها وإن رفض فعلى أولي الأمر فرض العقاب الرادع... ومسجد المدرسة لا يصنع شيئًا ما لم يرافقه توعية إسلامية تتسع لدرس أسبوعي داخل المدرسة ورحلات للجمعية الإسلامية وصحف جدارية وغير جدارية، ثم ترتب وزارة التربية برنامجًا لزيارة عدد من الدعاة فيلقون المحاضرات والندوات داخل المدرسة ويعيشون مع الطلبة ومشكلاتهم بعض الوقت.

ثالثًا: على وزارة التربية أن تضع نظامًا يحفظ للمدرس كرامته وهيبته ولا يسمح للطالب أن يتجاوز حدود الأدب واللباقة، وألا يفرق هذا النظام بين وافد وغير وافد.

فالمدرس يؤدي رسالة تربوية مهمة والوزارة أطلقت على نفسها اسم وزارة التربية ولا يمكن تربية الناشئة دون أن نصون كرامة المربي.

إن كثيرًا من المدرسين يعيشون في المدارس حياة شاقة، والطلبة يهملون واجباتهم ويتطاولون على مدرسيهم ثم تقف الإدارة مكتوفة الأيدي أمام أنظمة سلبية ضعيفة.

رابعًا: إن مناهج وزارة التربية تحتاج إلى إعادة نظر لتصاغ صياغة طيبة لا تخرجها عن حدود الإسلام الذي هو عقيدة هذه الأمة وإن نظرة سريعة نلقيها على مناهج الوزارة تشعرنا بما تعانيه من فجوات:

ففي مادة الشعر والأدب العربي نجد أن المؤلفين اختاروا قصائد وثنية تقدس التراب وتدعو إلى الركوع أمام الوطنية، وقصائد لشعراء نصارى جاء شعرهم صورة طبق الأصل عن حياة الضياع والقلق التي يحيونها.. وهذه القصائد بعد كل هذا ركيكة مهلهلة ليس فيها متانة الشعر العربي وقوته.

وفي الفلسفة وضعوا لنا نظريات غير صحيحة لأساطين الانحراف والضلال، وفي الاجتماع راحوا يحدثوننا عن شخصيات غربية وشرقية وكأن هذه الأمة ليس لها تاريخ مشرف أو ليس فيها أعلام عظماء أحرزوا قصب السبق في كل لون من ألوان المعرفة، ولا بد من زيادة دروس العلوم الإسلامية ليتخرج الطالب وهو مستوعب لأمور دينه من عقيدة، وفقه، وقرآن، وحديث.

وعلى وزارة التربية أن تلاحظ هذا الغلو في الرياضة والمباريات، وأن عقول معظم الطلبة مشدودة إلى الكرة.. وأغلب المباريات كانت تحدث قرب الامتحانات فينصرف الطلبة عن مذاكرة دروسهم لينظروا من الغالب وبكل أسف ترصد مبالغ خيالية في الميزانية لهذا الغرض.

وأخيرًا

هذه ملاحظات نقدمها على عجل لوزارة التربية آملين أن تأخذها بعين الاعتبار وتفكر طويلًا بعطلة الخميس وخطورة هذا الفراغ على الطلبة وكيف يشغلون أوقاتهم والعطلة قد تمتد إلى بعض الدروس يوم الأربعاء.

إننا مسؤولون جميعا عن الطلبة لأنهم أبناؤنا وإخواننا وهم الذين يقررون مستقبل هذه الأمة(1).




________________

(1) نُشر بالعدد (319)، 12 شوال 1396هـ/ 15 أكتوبر 1976م، ص8.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة