الكويت تبني الأمل.. حملة شعبية لإعادة إعمار مستشفى النصر للأطفال في غزة

وسط مشهدٍ قاتم فرضه العدوان «الإسرائيلي» على قطاع غزة، الذي استهدف الإنسان والحجر، دمرت آلة الحرب مستشفى النصر للأطفال، تاركةً آلاف المرضى الصغار بلا رعاية، وسط منظومة صحية تنهار تحت وطأة القصف والحصار.

وفي مواجهة هذا الواقع المرير، أطلقت الجمعية الكويتية للإغاثة حملة خيرية لإعادة بناء المستشفى، وجمعت خلال أيام قليلة 10 ملايين دولار، في واحدة من أسرع حملات التضامن وأكثرها تأثيرًا.

وأكد المشرف العام على الحملة عمر الثويني أن الحملة التي انطلقت يوم 10 مارس الجاري، استطاعت تحقيق هدفها بحلول 13 مارس، بفضل التفاعل الشعبي الهائل؛ ما يعكس عمق التزام الكويت قيادةً وشعبًا بدعم القضية الفلسطينية، وخصوصًا القطاع الصحي الذي يعاني نقصًا حادًا في الموارد الطبية.

مستشفى النصر.. صرح طبي يعاد بناؤه ليخدم أطفال غزة

كان مستشفى النصر للأطفال قبل تدميره منارة أملٍ للأطفال المرضى في غزة، إذ قدم خدماته لأكثر من 95 ألف طفل سنويًا، لكن الاحتلال أصرّ على استهدافه في نوفمبر 2024م، ليحرم الآلاف من الرعاية الصحية الأساسية.

واليوم، بفضل هذه الحملة، سيتم تشييد المستشفى على مساحة 10 آلاف متر مربع، ليصبح قادرًا على تقديم خدماته لأكثر من 165 ألف طفل سنويًا، بالإضافة إلى رعاية 350 ألف شخص من مختلف الفئات.

وفي هذا الصدد، قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الكويتية للإغاثة، د. إبراهيم الصالح: حملة مستشفى النصر للأطفال تمثل نموذجًا مشرفًا للعمل الشعبي الإنساني، حيث جاءت بجهود أهل الخير في الكويت، وبرعاية وزارة الشؤون الاجتماعية، وبتنسيق كامل مع وزارة الصحة الفلسطينية، وجمعية فلسطين الغد، وتحت إشراف وزارة الخارجية الكويتية.

تفاصيل المشروع.. منظومة طبية متكاملة لخدمة الأطفال

228 سريرًا طبيًا بنسبة إشغال متوقعة تصل إلى 60% عند الافتتاح.

أقسام متكاملة تشمل: الإسعاف والطوارئ، العيادات الخارجية، مركز غسل الكلى، أقسام العمليات الجراحية والعناية المركزة، حضانات الأطفال والخدمات المساندة، مساحات خارجية مخصصة لخدمة المرضى وذويهم.

وأوضح الثويني أن المشروع سيساهم في تعزيز القطاع الصحي المنهك، عبر توفير رعاية طبية حديثة للأطفال، في وقت يواجه فيه القطاع نقصًا كارثيًا في الخدمات الصحية.

وأضاف: هذه الحملة ليست فقط بناءً لمستشفى، بل استعادة للحياة والأمل للأطفال المرضى في غزة، الذين حرمهم الاحتلال حتى من أبسط حقوقهم الإنسانية.

تفاعل شعبي هائل.. ومؤثرون في مقدمة العطاء

حظيت الحملة بتفاعل استثنائي على منصات التواصل الاجتماعي، حيث شارك العديد من المشاهير والمؤثرين العرب في دعم المشروع؛ ما ساهم في تسريع جمع التبرعات.

كما تم توفير عدة وسائل دفع إلكترونية، لضمان وصول التبرعات بسرعة؛ ما جعل الحملة نموذجًا للعمل الإنساني الفعّال والمبتكر، الذي استطاع تحقيق هدفه في أيام قليلة.

إشادة فلسطينية.. والمستشفى ضرورة ملحة للقطاع الصحي

من جانبه، أكد وكيل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة د. يوسف أبو الريش أن مستشفى النصر للأطفال كان أحد أهم المرافق الصحية المتخصصة، وتدميره أدى إلى نقص حاد في الخدمات الطبية للأطفال.

وفي مقطع فيديو نشرته وزارة الصحة الفلسطينية، شدد أبو الريش على أن إعادة بناء المستشفى تأتي ضمن خطة شاملة لإعادة إعمار القطاع الصحي، وبالتنسيق الكامل مع الجهات المختصة في فلسطين والكويت.

هذا، وقد ثمن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة عمر معروف المبادرة الأهلية والشعبية الرائدة التي أطلقتها الجمعية الكويتية للإغاثة، لإعادة إعمار مستشفى النصر للأطفال، ونوجه تحية تقدير لكل الجهود التي ساهمت في إنجاح هذه الحملة وتحقيق هدفها الإنساني النبيل.

وأضاف أن النجاح الباهر للحملة في جمع 10 ملايين دولار خلال أيام قليلة، يعكس التضامن العميق والتفاعل الكبير من أبناء أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، الذين يتلهفون دومًا للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتقديم العون لتخفيف معاناته، وإعادة الأمل ورسم الابتسامة على وجوه أطفال غزة المرضى.

وتابع: نرحب بكل جهد شعبي وإنساني يهدف إلى تقديم الدعم والمساهمة في تخفيف آثار العدوان، وندعو إلى تنسيق هذه الجهود مع المؤسسات الحكومية ذات الصلة، لضمان تحقيق أقصى فاعلية في إيصال المساعدات إلى الفئات الأشد احتياجًا والأكثر تضررًا، وتعزيز أثرها الإغاثي والإنساني.

وأكد معروف أن المبادرات المجتمعية والفردية أدت دورًا محوريًا خلال العدوان، وأسهمت في التخفيف عن المواطنين والاستجابة لاحتياجات عاجلة، إلا أن حجم الدمار والمعاناة يفوق إمكانات أي مبادرة منفردة؛ ما يستدعي تبني خطة إعادة إعمار شاملة بدعم إقليمي ودولي، لضمان تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة التي خلفتها الحرب.

ودعا المجتمع الدولي إلى الإسراع في عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، والشروع فورًا في تنفيذ الخطة العربية بمراحلها المختلفة، لا سيما مرحلة الإنعاش المبكر والإغاثة العاجلة، عبر توفير المأوى المؤقت لنحو 300 ألف أسرة فقدت منازلها.

كما أكد ضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة فورًا، وفتح كافة المعابر، والضغط لإدخال الاحتياجات الإنسانية والمستلزمات المعيشية الأساسية، لتمكين أهلنا من استعادة حياتهم الكريمة، والحد من التداعيات الكارثية للعدوان المستمر على القطاع.

الكويت.. ريادة إنسانية مستمرة في دعم فلسطين

لم تكن هذه الحملة جهدًا عابرًا، بل امتداد لموقف الكويت الثابت في دعم القضية الفلسطينية، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني.

وأكد الثويني أن الكويت كانت وما زالت في طليعة الداعمين للشعب الفلسطيني، وحملة مستشفى النصر للأطفال هي استمرار لهذا النهج المبارك، الذي يجسد التزامنا تجاه إخواننا في غزة.

إعادة بناء الأمل.. والرحلة مستمرة

إن إعادة إعمار مستشفى النصر للأطفال ليست مجرد مشروع طبي، بل هي رسالة إنسانية قوية، تؤكد أن الشعوب الحرة لا تنسى أهل غزة، وأن الأمل يمكن أن يولد من بين الركام، بفضل أيادي الخير التي تمد يد العون لمن يحتاجها.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة