اليمن وصمود غزة.. هنا المعركة الحقيقية

عادت آلة الحرب الصهيونية، في 18 مارس 2025م، إلى الدوران بقسوة فوق سماء قطاع غزة، مستأنفة عملياتها العسكرية بعد هدوء هش دام أشهراً، نتيجة لانهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في يناير الماضي، الذي لم يكتب له أن يتحول إلى نافذة أمل حقيقية، بل ظل ورقة ميتة في وجه عناد الاحتلال الغاشم واستمرار انتهاكاته؛ ليدفع المدنيون مرة أخرى إلى دوامة العنف والدمار.

ووسط هذا المشهد الدموي والغطرسة الصهيونية، التي تهاوت أمامها كل مبادئ القانون الإنساني، ظل اليمن الجريح بصراعاته الداخلية، والمنهك بحصاره الاقتصادي، قلباً نابضاً يجسد إرادة شعب حر يرفض الانكسار، فهذا الشعب ورغم تشظي خارطته السياسية، فإنه رفع سقف التضامن مع أهلنا في غزة إلى مستوى غير مسبوق، وتحولت ساحات المحافظات والمدن إلى بحر بشري هادر يردد هتافات التحدي، في مسيرات مليونية ترفع شعار «فلسطين جبهة الجميع».

موقف ثابت

في أعقاب استئناف الكيان الصهيوني عملياته العسكرية الوحشية على قطاع غزة، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 700 شهيد، معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير ما تبقى من بنى تحتية في القطاع، أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن عن نيتها تصعيد هجماتها ضد المصالح الصهيونية، مؤكدة توسيع نطاق أهدافها لتشمل مواقع «إسرائيلية» استراتيجية.

وأعلنت الجماعة التي تسيطر على محافظات بشمال البلاد عن إطلاق صاروخ باليستي استهدف قاعدة جوية «إسرائيلية»، تم اعتراضه من قبل الدفاعات الجوية الصهيونية، كما أعلنت الجماعة عن استئناف استهداف السفن «الإسرائيلية» في البحر الأحمر وبحر العرب حتى يتم فتح المعابر نحو قطاع غزة.

وكان الحوثيون قد حذروا سابقًا من أن استئناف العدوان «الإسرائيلي» على غزة سيؤدي إلى استئناف العمليات اليمنية بشكل كامل، مع تهديدات باستهداف مدن في قلب الأراضي الفلسطينية المحتلة مثل «تل أبيب».


اقرأ أيضاً: اليمن ينتصر على جراحه ويساند غزة


وفي محاولة لإثناء الجماعة عن مساندتها لغزة، وفيما يمكن تسميته بضربة استباقية دولية للحوثيين قبل استئناف الكيان الصهيوني عدوانه على غزة، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا عدوانًا عبر ضربات جوية استهدفت مواقع مدنية وعسكرية بدأت في صنعاء وصعدة، وامتدت إلى البيضاء وذمار وحجة والحديدة وتعز، تحت ذريعة «حماية الملاحة الدولية»؛ وهي الخطوة التي أدانتها جماعة الحوثي باعتبارها انتهاكًا صارخًا للسيادة اليمنية، ومحاولة لإسكات الصوت اليمني الداعم لفلسطين.

وعلى الصعيد الداخلي، انضمت الأصوات الحزبية إلى الركب الرسمي في إدانة العدوان، حيث أدان التجمع اليمني للإصلاح – أحد أبرز الأحزاب السياسية في اليمن– بشدة الجرائم «الإسرائيلية» في غزة، ووصفها بأنها استمرار لمشروع استعماري يستهدف وجود الشعب الفلسطيني.

وأكد الحزب، في بيانه، ضرورة تحويل التضامن العربي من الشعارات إلى خطوات عملية، كفتح المعابر الإنسانية بشكل دائم، ومحاكمة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية، كما حذر من أخطار التطبيع مع الكيان المحتل، معتبرًا إياه طعنة في ظهر المقاومة وتشجيعاً للعدوان على الأمة.



ظهير شعبي

وفي قلب المأساة الإنسانية التي يعيشها اليمن بسبب الحرب الداخلية والحصار الاقتصادي، تحولت المحافظات اليمنية إلى منصات للتعبير عن الإرادة الشعبية الرافضة للعدوان «الإسرائيلي» على غزة، والمؤكدة على التمسك بالقضية الفلسطينية كقضية مركزية في الوجدان اليمني.

ومع استئناف الكيان الصهيوني عدوانه على غزة، تحولت صنعاء إلى ساحة للتعبير عن الإرادة الجماعية، حيث خرجت مسيرات مليونية تحت شعار «ثابتون مع غزة.. ونواجه التصعيد الأمريكي بالتصعيد»، مرددة هتافات تندد بالعدوان وتؤكد استمرار الدعم لغزة.


اقرأ أيضاً: لسان غزة الصمود.. وإن عدتم عدنا


ويبقى أن الصمود اليمني، في ظل تعقيدات المشهد الداخلي، يقدم نموذجاً لاستحالة فصل الأمن القومي العربي عن استقرار فلسطين، ويذكر العالم بأن العدوان «الإسرائيلي» لن ينتج سوى مزيد من الكراهية وعدم الاستقرار، في حين أن السلام الحقيقي للمنطقة لن يكون إلا باجتثاث هؤلاء المجرمين من الأراضي المحتلة.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة