رحيل حارس السُّنة ومفند شبهات العلمانيين الشيخ الحويني

هو المحدث العلَّامة
الشيخ أبو إسحاق الحويني الذي وقف مدافعًا عن سُنة النبي صلى الله عليه وسلم في
مواطن عديدة، تسجلها أحداث السنوات الماضية وتعرفها ذاكرة أبناء هذه الأمة، فهو
الذي ساهم في نشر علم الحديث في ربوع العالم الإسلامي بالتحقيق والتأليف والدعوة،
محافظًا على إرث السُّنة النبوية من التحريف والتبديل والمغالطات البحثية العلمية،
كما أنه وقف في وجه إعلام نظام مبارك الذي أخذ يهاجم الإسلام والنبي صلى الله عليه
وسلم في كثير من الأحيان، ولم يتردد الشيخ يومًا في مواجهة شبهات العلمانيين الذين
سعوا بكل السبل لإبعاد أبناء الأمة عن دينهم.
ولعلنا نقف
سريعًا مع مواقفه رحمه الله دفاعًا عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم في
مواقف مختلفة.
مواجهته
لجريدة «اليوم السابع»
هي الحادثة
الشهيرة التي لا ينساها المسلمون للشيخ الحويني حين خرج في برنامجه الذي كان يُذاع
على قناة «الناس» الفضائية، ليرد على نشر صحيفة «اليوم السابع» التي كانت تنوي نشر
رواية بعنوان «محاكمة النبي محمد».
وقال الشيخ الحويني
في حلقته: إن هذه الجريدة نشرت العناوين التي تحويها رواية تسيء للنبي محمد صلى
الله عليه وسلم، وهي بصدد النشر، ومما جاء في عنوانيها: «لماذا يجاهد محمد أعداءه
بالسيف؟ ولماذا جعل الحكم لأهله وأقاربه بعده؟ ولماذا لا يتزوج أحد من أهله بعده؟
الليالي الحمراء لمحمد وعلاقته بالنساء»!
وتساءل الحويني
وقتها موجهًا كلامه لكل المسؤولين في مصر: هل يعقل أن يُكتب هذا الكلام عن النبي
محمد صلى الله عليه وسلم؟ أين الرقابة على الصحف؟ وأين دور الأزهر؟ وأين المؤسسة
الرسمية من التصدي للذين يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل يعقل أن يكتب هذا الكلام
عن النبي في دولة دينها الإسلام وأغلبيتها مسلمون؟!
وأشار إلى أن
الخراب والدمار والفقر الذي حل في الأمة الإسلامية سببه أمثال هؤلاء الذين يسبون
النبي صلى الله عليه وسلم، وإن هذا الموقف للشيخ الحويني دفاعًا عن النبي صلى الله
عليه وسلم في وجه ما نشرته صحيفة «اليوم السابع» كان له صدى كبير، وقد كادت
الصحيفة أن تنشر روايتها المزعومة بالفعل لولا وقفة الشيخ وما أثاره هذا الدفاع
منه عن النبي صلى الله عليه وسلم من هبة كبيرة للمصريين، لتأتي بعدها التعليمات وقتها
لصحيفة «اليوم السابع» بالتوقف عن نشر هذه الرواية.
دفاعه
عن الهجوم على النقاب
ذكر الشيخ
الحويني أن مشكلة هذه الأمة تكمن في عدم وجود العلماء الربانيين الذين يأخذون
بنواصي أفرادها إلى الخير، وقد انتقد العلماء الذين يفتون في مسائل ليسوا أهلًا
لها بقوله: لا أدري بأي قرآن أو بأي سُنة أو فهم لأصول المسلمين ينظر هؤلاء إلى
النصوص الشرعية؟!
وقد استدل الشيخ
بفتوى منشورة وقتها في صحيفة «الأهرام» عن النقاب، لصحفي تاريخه معروف بالعداء
للدين، حينما لم يعجبه حكم المحكمة الإدارية بأن الطالبات لهن الحق في ارتداء
النقاب؛ لأن هذا من الحرية الشخصية، سارع في الاستدلال بفتوى لعالم في إحدى كليات
الأزهر الشريف، وهو الأمر الذي أغضب الشيخ الحويني فسارع في إنكاره وبيان بطلانه.
حيث استند هذا
الصحفي إلى فتوى للدكتور عبدالغني الراجحي الذي كان يشغل منصب العميد الأسبق لكلية
أصول الدين، وأستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر.
وقد صنف د.
الراجحي كتاباً بعنوان «حجاب ونقاب في نظر الدين»، وانتهى بحثه العلمي في هذا
الكتاب إلى أن النقاب لا يوجد له أثر في القرآن ولا في صحيح السُّنة، وأنه دخل مصر
مع قدوم المماليك.
فغضب الشيخ
الحويني لهذا الهجوم الصحفي على النقاب والمستند إلى فتاوى لعلماء بالأزهر، فخرج
يدافع عن النقاب ويسرد الأدلة على صحته من القرآن والسُّنة؛ لتخف بعدها شراسة هذه
الحملة الشعواء التي كانت قد بلغت ذروتها تجاه النساء اللاتي يرتدين النقاب في ذلك
الوقت.
تفنيد
شبهات العلمانيين والملحدين
وليس هناك أشهر
من موقف مواجهة الشيخ الحويني لشبهات وضلالات العلمانيين للتشكيك في الإسلام، ومن
أبرز هؤلاء سيد القمني الذي خرج عن كتابات ولقاءات يلمز الشريعة الإسلامية ويتهمها
بالتطرف والتفرقة والتمييز بين طبقات الناس وعدم تحقيق المساواة لهم، ووصف صلاة
الاستسقاء بالممارسة السحرية، بجانب رفض حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول
فيه: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو
شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد»، بجانب وصف القمني للصحابي الجليل خالد بن الوليد
بـ«السفاح الدموي»! فخرج الشيخ الحويني مفندًا ادعاءاته ومزاعمه بالأدلة العلمية
الرصينة وبتطبيق الحكم الشرعي عليه حسب أقواله وادعاءاته، ومحذرًا كل من يحذو حذوه
من المصير الذي سيواجهه في الآخرة.
هذه كانت أبرز
مواقف الشيخ الحويني الناصعة التي حفظتها لها ذاكرة أبناء الأمة الإسلامية من
مواقف، فقد كان الشيخ رحمه الله سباقًا في الدفاع عن هذا الدين وعن سُنة النبي صلى
الله عليه وسلم بكل ما أؤتي من قوة، ولذلك لم يكن من الغريب أن تمتلئ مواقع التواصل
برسائل العزاء والحزن الشديد على فقده، فهو العالم الرباني الذي وقف بجانب قضايا
الأمة وسخّر علمه من أجلها، فرحمه الله وتقبل عمله وسعيه وبذله وجهاده وجزاه عن
الأمة كلها خيرًا.