رمضان إثيوبيا.. إستعدادات مبكرة و أطباق خاصة في موائد الأفطار وتزاحم في المساجد

ما أن يقترب شهر رمضان المبارك في إثيوبيا حتى يبدأ المسلمون في
الاستعدادات والترتيب على المستوى المادي والروحي، والذي يأتي في عدة مظاهر من
شراء المواد الخاصة بإعداد الأطباق الرمضانية، ونظافة وتزيين المساجد والمنازل
وغيرها من مظاهر الاحتفاء بالشهر الفضيل لدى مسلمي إثيوبيا في المدن والأرياف.
مظاهر
الاستقبال
ويقول
الحاج محمد سراج الدين، من سكان حي بولي وسط العاصمة أديس أبابا، يترقب مسلمو
إثيوبيا حلول رمضان بشوق كبير، وتتزين المساجد بالإضاءة والألوان، ويجري تنظيفها
وصيانتها، وتشهد الأسواق حركة دؤوبة حيث يقبل المسلمون على ابتياع المفارش والسبح
والسجادات والجلباب العربي، فيما تبدأ السيدات في ترتيب منازلهن وتوفير مواد
الإفطارات الرمضانية للاسرة.
وأشار
سراج الدين (63عاما)، خلال حديثه لمجلة المجتمع، إلى أهم الثقافات والقيم
الرمضانية التي يتميز بها مسلمو إثيوبيا من خلال استعداداتهم وتهيئتهم للشهر
الفضيل، وقال أيام رمضان على المستوى الروحي ترتبط بمجالس معتكفات الذكر وقراءة
وحفظ القرآن الكريم والاستماع للدروس الدينية، وأضاف تُزين المساجد قبل دخول
رمضان، وتوضع إضاءات جميلة حول المساجد.
ولفت
سراج الدين، الى أن كبار العلماء الذين يدرسون الفقه والحديث في القرى يعتزلون
الناس في رمضان، وينقطعون للعبادة والذكر وقراءة القرآن والدعاء وصلاة التراويح
والتهجد، وأضاف أما عامة الناس فيتبارون في الحضور إلى المساجد لأداء صلاة
التراويح وتتحول المساجد الى ملتقى للأحباب والأصدقاء والاسر.
وتمتلئ
المساجد في إثيوبيا بالمصلين وخاصة في صلاة التراويح، والتي قد تصل حتى الشوارع،
ورغم كثرة المساجد في العاصمة أديس أبابا فإنها لا تكفي المصلين وتمتلئ حتى تؤدي
لإغلاق الشوارع العامة، وأشهرها مساجد الأنوار والنور وبنين وولو سفر والتوفيق
وغيرها، والتي تشهد دروساً وحلقات تلاوة وتمتلئ حتى نهاية الشهر.
الأطباق
الرمضانية
تتعدد
الثقافات في إثيوبيا بتعدد القوميات والشعوب التي بلغت أكثر من 83 قومية، وتبعا
لذلك أيضا تتعدد ثقافات وتقاليد مسلمي إثيوبيا في شهر رمضان، إذ لكل قومية من
القوميات والشعوب أسلوب معين للإفطار من ناحية المأكولات والمشروبات وطقوس وتقاليد
أخرى مميزة لا تجدها إلا لدى مسلمي إثيوبيا.
وقالت
الحاجة فاطمة موسى (ربة منزل)، إن المرأة الإثيوبية المسلمة تبدأ قبل قدوم رمضان
بأسابيع في توفير المواد التي تجهز وجبات رمضان، وإعداد مكونات الأطباق الرمضانية
الخاصة، موضحة الأطعمة التي تشتهر بها المائدة الأثيوبية في رمضان، قائلة: تمتلئ
المائدة في هذا الشهر بكل الأطعمة الإفريقية والإثيوبية والعربية، وهناك أطعمة
شعبية إثيوبية مثل الشوربة من الشعير ودقيق القمح والعصيدة والإنجيرا، والمشروبات
المحلية مثل الشعير والحلبة والعسل.
وتطرقت
فاطمة في حديث لمجلة المجتمع، إلى أبرز العادات والتقاليد لدى قومية عفار شرقي
إثيوبيا ذات الغالبية المسلمة خلال رمضان، مستعرضة دور المرأة والأمهات لدى قومية
عفار واستعدادات شهر رمضان من تجهيز المنزل وإعادة ترتيبه قبل أيام.
وقالت إن
الشوربة (الحساء) تمثل أحد أهم الأطباق إلى جانب السنبوسة والمكسرات. وإن الحبوب
كالشعير، والدخن، والحلبة، أساسية في صناعة المرق والمشروبات الساخنة، إلى جانب
تجهيز البهارات والشطة الحارة التي تمتاز بها المائدة الإثيوبية.
وتابعت
حديثها حول أهم الأطباق الرمضانية، مشيرة الى أن تجهيزات السمبوسة الإثيوبية تختلف
في صناعتها عن أي سمبوسة في بلد آخر ليكون الاختلاف في طريقة إعدادها ومكوناتها،
وأضافت يتم تجهيز الدقيق بطريقة خاصة به ليتم تقطيعه على شكل شرائح سميكة ليتم
إخراجه في أشكال مثلثة.
والسمبوسة
الإثيوبية (عجينة مثلثة الشكل تحشى باللحم أو مواد أخرى)، وتتنوع طريقة حشو
السمبوسة سواء باللحوم والخضراوات أو السمك، حيث تلف كل مادة من المواد الثلاث
بشرائح العجين مثلثة الشكل على طبقات لتأتي المرحلة الأخيرة.
الجانب
الرسمي في رمضان
وعلى
المستوى الرسمي، قال الصحفي محمد الحسن خضر، هناك العديد من المناشط الرمضانية
وعلى رأسها الإفطار السنوي الجامع الذي دأب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في
إثيوبيا على تنظيمه منذ سنوات، على مستوى العاصمة، وأضاف للمجتمع: أصبح الإفطار
السنوي تظاهرة كرنفالية يحتشد فيها مسلمو العاصمة في ميدان الثورة وسط المدينة،
وعادة ما يتزامن هذا الإفطار السنوي الجامع مع ليلة بدر الكبرى في الـ 17 من رمضان
سنويا بمشاركة رسمية من رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعدد من المشايخ
والعلماء وممثلي حكومة العاصمة والبعثات الدبلوماسية بأديس أبابا.
وتابع
خضر، لم يقتصر برنامج الإفطار الجامع على العاصمة أديس أبابا وإنما أصبح ظاهرة
خلال شهر رمضان في المدن الرئيسية بإثيوبيا، حيث يتنافس المسلمون في إقامة إفطارات
جماعية بالشوارع العامة، بعد أن كانت هذه الإفطارات تقام في بعض أحياء المدن فقط.
وأضاف
تجد ذات التزاحم في مساجد المدن الرئيسة الكبرى (جيما، أداما بالي، روبي) في إقليم
أوروميا، ومدن ولوو ودسي وبحر دار بإقليم أمهرة، إلى جانب هرر وجيغجيغا شرقي
إثيوبيا، واوربي وحلابا بجنوب البلاد.
فعاليات
وأنشطة رمضان
وضمن
مناشط المجلس الإسلامي بإثيوبيا لرمضان هذا العام، بدأ المجلس الأعلى للشؤون
الإسلامية، خلال هذا الشهر الفضيل مسابقة وطنية كبرى لحفظ كتاب الله في جميع
الأقاليم لأول مرة في تاريخ المجلس، وتمنح في ختام المسابقة جوائز قيمة للفائزين،
هذا إلى جانب المشروعات التي ينفذها المشرفون على المجلس خلال هذا الشهر المعظم من
برامج للدعوة والتوعية من خلال محاضرات وندوات دينية ومشروعات إفطار الصائم.
وفي إطار
التكافل تنشط العديد من المنظمات الخيرية المحلية والأجنبية في إثيوبيا، حيث تبرعت
المفوضية العليا للشؤون الإسلامية في أديس أبابا بالتعاون مع مؤسسة ديانيت فاكفي
التركية بفدية رمضان لـ 350 شخصا، بينهم 300 شخص من ذوي الحالات الخاصة.
وفي ذات
السياق تبرعت مؤسسة ناصر ياسين الخيرية بإثيوبيا، بأكثر من مليون بر إثيوبي
للفقراء في منطقة سلطي بالإقليم الأوسط، حيث وصل الدعم لـ 250 أسرة، وهو عبارة عن
كيس صائم يحتوي على وجبات غذائية من الأرز والزيت ومواد أخرى.