لماذا يجبر الأردن الأصوليين اليهود على قص «جدائلهم» المتدلية خلال زيارتهم؟
اعتاد الأردن أن يشترط على اليهود الأصوليين من الجماعات الحريدية وغيرها لزيارة البلاد أن يقوموا بإخفاء مظاهرهم الدينية المستفزة للأردنيين لأسباب أمنية.
أبرز ما يطلب منهم هو إخفاء أو قص سوالفهم (جدائل شعر متدلية على جانبي الرأس) على المعبر بين فلسطين المحتلة والأردن، أو في المطارات؛ ما أثار استياء دولة الاحتلال وعبرت عن احتجاجها عدة مرات.
اليهود الحريديون الذين أصبحت أحزابهم ممثلة في الحكومة «الإسرائيلية» الحالية، الذين بدؤوا يفرضون تعاليمهم الدينية بالقوة على «الإسرائيليين» العلمانيين.
وهم يتميزون برموز دينية يطالبهم الأردن بالتخلي عنها حين يزورون البلاد، ويجري منعها، مثل: الطاليت (شال يرتديه اليهود المتدينون)، والكيباة (طاقية صغيرة غطاء للرأس)، والشوفار (قرن كبش يُنفخ فيه للصلاة)، بخلاف «جدائل الشعر» والملابس السوداء.
في 25 يوليو 2023م، قالت صحيفة «إسرائيل هيوم»: إن «إسرائيل» أرسلت مذكرة احتجاج للأردن، بعد إجبار الأمن الأردني لعدد من اليهود المتدينين على قص سوالفهم (جدائل الشعر) عند المعبر الذي تسميه «إسرائيل» «معبر إسحاق رابين»، الذي يقع على الحدود مع الأردن.
الصحيفة أفادت بأن الأمن الأردني اتخذ هذا القرار لأنه كان من الآمن ألا يظهروا على أنهم يهود أثناء السفر، وخشية أن يحتج على وجودهم الأردنيون الذين يعارضون مثل المصريين وبقية الشعوب العربية التطبيع مع دولة الاحتلال.
لكن «إسرائيل» رفضت هذا المبرر، وبعث وزير الخارجية «الإسرائيلي» إيلي كوهين مذكرة احتجاج للسفارة الأردنية في «تل أبيب»، أعرب فيها عن صدمته من تصرف السلطات الأردنية، داعياً إلى عدم تكرار ذلك.
كوهين زعم أن مجموعة تضم 150 متديّناً يهودياً (من طائفة الحريديم المتدينة) تم احتجازهم على مدار 48 ساعة، على المعبر الحدودي مع الأردن، إلى حين قيام بعضهم بقص السوالف بناء على طلب السلطات الأردنية.
وزعمت وزارة الخارجية «الإسرائيلية» أن هذا التصرف «مسّ مشاعر اليهود»، بحسب تعبيرها، ونقلت صحيفة «إسرائيل هيوم» عن كوهين قوله: إن هذه ليست المرة الأولى التي يُطلب فيها من اليهود المتدينين اتخاذ مثل هذه الخطوات التمييزية.
واشتكي كوهين من أنه يتعرض اليهود للتمييز في المعبر الحدودي، ويُمنعون من الدخول لمجرد كونهم متدينين، السلام بين «إسرائيل» والأردن مهم لكلا البلدين، وفق زعمه.
وقد سعت السفارة «الإسرائيلية» في الأردن للتدخل عدة مرات لدى السلطات الأردنية لإيجاد حل لآلاف «الإسرائيليين» الذين يرغبون في زيارة الأردن، ولكن لا يمكنهم القيام بذلك، نظراً لمنع عمَّان اليهود من إدخال كتب دينية يهودية واصطحاب أدوات تلمودية معهم.
وقالت وكالة «عمون» الأردنية، في 25 يوليو 2023م: إن سفارة «إسرائيل» أعلنت أنها تحاول عبر العديد من الخطوات الدبلوماسية لحل هذه القضية.
يُشار إلى أن الأردن و«إسرائيل» يتشاركان في 3 معابر حدودية، هي: معبر وادي عربة، ومعبر نهر الأردن، ومعبر اللنبي (كما تسميه «إسرائيل»)، فيما يسميه الأردن جسر الملك حسين، الذي يصل الضفة بالأردن، وكانت «تل أبيب» وعمّان قد طبعتا العلاقات في العام 1994م.
مقايضة بـ«الأقصى»!
الغريب أن الجنرال الصهيوني تال بار-أون دعا حين قامت قوات الاحتلال باعتقال وحبس نائب البرلمان الأردني عماد العدوان بدعوى أنه يهرب أسلحة للمقاومة في الضفة الغربية، دعا لإجراء مقايضة مع الأردن وتحقيق إنجازات سياسية لـ«إسرائيل».
هذه التفاهمات التي طالب بها الجنرال «الإسرائيلي» هي السماح لليهود بإدخال رموزهم الدينية لـ«الأقصى» والأردن، مثل: الطاليت، والكيباة، والشوفار، وفق زعمه.
كما دعا هذا الجنرال، ضمن الصفقة، لعدم منع الأردن، في مطاراته الجوية، للحاخامات اليهود من اصطحاب شرائط «التيفلين» الجلدية (علبة جلدية بها أحبال توضع على رأسهم ويدهم اليسرى أثناء الصلاة).
وكشف أنه سبق أن منع رجال الأمن الأردنيون الحاخام موشيه حليفا من السفر في مطار عمّان وأنزلوه من الطائرة وهو في طريقه إلى الإمارات، في فبراير 2023م؛ بحجة أن «التيفلين» بها أحبال تشكل خطراً على سلامة الركاب.
وأفصح الجنرال «الإسرائيلي» تال بار-أون عن هدفه بقوله: الفرصة باتت مواتية للثأر من المضايقات الأردنية لـ«الإسرائيليين» المتدينين الذين يزورون المملكة، وعقد صفقة لإطلاق سراح النائب العدوان مقابل تحقيق مصالح لـ«إسرائيل».
بدورها، نقلت القناة «14» العبرية عنه، في 25 أبريل 2023م، قوله: إنه مقابل إعادة النائب الأردني لبلاده يمكن مقايضة قضايا مع الأردن في عدة قضايا أخرى، وذكر منها: إعادة أجهزة الكشف عن المعادن (أجهزة مراقبة) لأبواب المسجد الأقصى، التي اضطرت «إسرائيل» إلى إزالتها في عام 2017م تحت ضغط أردني ودولي، في محاولة لامتصاص غضب الشارع الأردني والإسلامي، وأيضاً لمقايضة تتضمن التوصل لتفاهمات جديدة مع وزير الأوقاف الأردني بشأن المسجد الأقصى، باعتباره ذراعاً تنفيذية للمملكة في جميع أنحاء المسجد.
ما اليهودية الحريدية؟
الحريديم أو «اليهود الأرثوذكس»، هم جماعة من اليهود المتدينين المتشددين في تعاليم دينهم، ويوصفون بأنهم أصوليون حيث يطبقون الطقوس الدينية ويعيشون حياتهم اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية، ويقولون: إنهم يسعون لتطبيق التوراة في «إسرائيل».
ومنذ فوز وزراء من هذه الطائفة المتطرفة التي تؤمن بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه، وهم يسعون لتطبيق تعاليمهم بالقوة مثل طمس أوجه النساء في الإعلانات في الشوارع باعتباره حراماً، والفصل بين الجنسين في المدارس وحتى أرصفة الشوارع!
ويقصد باسم «حريديم» وهي جمع لكلمة «حريدي» الشخص «التقي» حيث يعتبرون أنفسهم أنقياء مقارنة بغيرهم من اليهود العلمانيين.
ويرتدي الحريديم عادة أزياء يهود شرق أوروبا، وهي المعطف الطويل الأسود والقبعة السوداء ويضيفون له الطاليت (الشال) ويرسلون ذقونهم إلى صدورهم وتتدلى على آذانهم خصلات من الشعر المقصوع.
وترتدي نساؤهم البرقع الذي يشبه النقاب إلى حدٍّ بعيد، وهم لا يتحدثون العبرية على قدر استطاعتهم (باعتبارها لغة مقدسة) ويفضلون التحدث باللغة اليديشية.
والحريديم يرفضون تحديد النسل، لذا فأعدادهم تتزايد بالنسبة للعلمانيين الذين يحجمون عن الزواج والإنجاب، وبدؤوا السيطرة على مدن يهودية بأكملها.
ويعتبرون المشاركة في الجيش أو النشاطات الاقتصادية أو الأدب الحديث أو الرياضة أو الموسيقى أو الأفلام والتلفزيون «خطيئة».
وهم ينتظرون مجيء «المسيح اليهودي المنتظر» ليخلصهم من متاعب الحياة، ويقيم لهم مملكة الرب على الأرض التي ستتحد مع مملكة السماء، وفق تعاليمهم، لكنهم ينقسمون بين تيار يرى أنه يجب انتظار المسيح اليهودي.
وتيار يرى أنه يجب استعجال نزوله! عبر تأجيج الصراع في القدس مع المسلمين وطرد الفلسطينيين وبناء الهيكل وتعجيل الصدام مع المسلمين لأجل معركة نهاية العالم.