4 خطوات ترسخ لدى طفلك تحمل المسؤولية
يشكو الكثير من الآباء والأمهات من أن طفليهما لا يتحمل المسؤولية، وأنه فوضوي، ويكره النظام والتخطيط، وهو ما يخل بسلوكه الاجتماعي، ويقلل من كفاءته الذاتية، وقد يجعله شخصاً غير مرغوب به في المستقبل.
الشكوى قد تتكرر منذ سن الحضانة، وإلى بلوغ مرحلة المراهقة، ووقتها يصعب العلاج والتقويم، وتصويب المسار، وقد تتطور الأمور إلى حالة من الفوضى والعشوائية، تؤثر على الأسرة بأكملها.
العلاج يجب أن يبدأ من الصغر، وفي سن مبكرة، مع الحذر من زيادة جرعة الدلال التي تقدمها الأم للطفل، خاصة إذا كان ممن يطلقون عليه «آخر العنقود»، أو الطفل الذي جاء بعد تأخر في الحمل، أو لأسباب ترتبط بنمط المعيشة ومستوى الرفاهية التي تتمتع بها الأسرة.
من خلال التجارب الحياتية، ونظريات التربية، ونصائح خبراء الأسرة، نقدم لك روشتة علاج، من شأنها أن ترسخ في نفس الطفل روح المسؤولية، وأن تكسبه قدراً معقولاً من الإيجابية والاعتماد على النفس، حتى يصبح إنساناً صالحاً نافعاً لنفسه وغيره.
أولاً: هناك نشاط يومي من المهم تربوياً ونفسياً أن يتم إسناده للطفل، وهو ترتيب غرفته، وتنظيم سرير نومه، وترتيب ملابسه وألعابه، وفق طاقته وجهده، على أن تشاركه الأم في ذلك مرة بعد الأخرى، حتى يعتاد على الأمر، ويصبح سلوكاً بديهياً يداوم عليه، وقتها سيشعر أنه يفعل شيئاً، وأنه يجب أن يقوم على خدمة نفسه، لا أن يتكل على الآخرين.
تقول دراسة شملت ما يقرب من 10 آلاف طفل في سن المدرسة الابتدائية: إن من تم تكليفهم بالأعمال المنزلية في سن رياض الأطفال أظهروا مزايا واضحة وتطوراً ذاتياً بحلول الصف الثالث، بحسب مجلة «طب الأطفال التنموي والسلوكي» الأمريكية.
توافقت نتائج الدراسة السابقة، مع دراسة علمية أجرتها جامعة لا تروب الأسترالية، أكدت أن المشاركة في أنشطة الأعمال المنزلية مفيدة للأطفال اليافعين، حيث تكسبهم القدرة على حل المشكلات والتفوق الدراسي، كما أن تعزيز هذا السلوك، من شأنه تقليل حدة التوتر داخل البيت، وزيادة أواصر التعاون بين أفراد الأسرة.
النتائج ذاتها، انتهت إليها دراسة صادرة عن جامعة هارفارد، تفيد بأن الأطفال الذين يؤدون الأعمال المنزلية يصبحون أكثر نجاحاً كبالغين؛ لأنهم اكتسبوا أخلاقيات العمل، وتعرفوا بشكل عملي على مهارات التخطيط والتنظيم وترتيب الأولويات.
ثانياً: استحمام الطفل بمفرده، تحت رقابة من الأسرة، على أن يكون ملماً بأساسيات النظافة والطهارة، وهذه الخطوة تحديداً، تقوم بعض الأسر بتأجيلها لسنوات، بدعوى أن الطفل صغير ولا يمكن أن يستحم بمفرده، وربما يكبر ويصبح صبياً، وأمه تقوم على تنظيفه، وهو خطأ كبير، يحرم الطفل من الاستقلالية، والاعتماد على النفس، وتحمل المسؤولية، في أمر يتعلق به شخصياً، بينما العكس يمنحهم مستوى أعلى من الرضا والمسؤولية الذاتية.
تقول العميدة السابقة للطلاب الجدد في جامعة ستانفورد جولي ليثكوت هايمز: إن النجاح المهني في الحياة يأتي من القيام بالأعمال المنزلية في وقت مبكر من حياة الأطفال، بينما يلفت الأكاديمي والتربوي مارتي روسمان، إلى أن من شاركوا في الثالثة أو الرابعة من العمر مهام حياتية كانوا الأكثر نجاحاً حينما وصلوا إلى مرحلة العشرينيات، بحسب «الجزيرة».
ثالثاً: لا تكرر كثيراً أمام طفلك أنه ما زال صغيراً، بل اقبل منه المساعدة في أمر ما، وأشركه مثلاً في تنظيف السيارة، أو في إصلاح عطب في البيت تحت إشرافك، أو في رعاية حيوان أليف، المهم أن تخبره أنه مساعدك في المنزل، وأنه شخص يُعتمد عليه، وأنك تثق فيه وفي قدراته، هذا سيغرس في نفسه حب العمل وروح التعاون، وسيشعر بأنه يتحمل المسؤولية ولو في أمور بسيطة جداً، مثل إعداد كوب شاي للوالد، أو طي الغسيل لمساعدة الأم، أو المشاركة في إعداد وجبة الغداء، قد تراها أموراً بسيطة من وجهة نظرك، لكنها بالنسبة إليه تعتبر شيئاً كبيراً، تشعره بتحمل المسؤولية، والرغبة في مساعدة الآخرين.
رابعاً: تعويد الطفل على الوضوء والصلاة، وارتياد بيوت الله، دون توبيخ أو عقاب حال قصر في ذلك، بل تحبيبه في الأمر، حتى يعتاد النظام عند سماع آذان الصلاة، والانضباط في الوقوف خلف الإمام، والنظافة في المحافظة على طهارة المسجد، والإنصات عند سماع القرآن الكريم، ورؤية الكبار وهم يصلون صفاً واحداً، لا يسبقون الإمام ولا يسابقونه، وسماع دروس العلم في المسجد، فتترسخ في نفسه معان عدة، كما يعتاد التواجد بين الكبار، فيشعر مبكراً برجولته، فهذا عبدالله بن عمر كان عمره 11 عاماً، وكان يحضر مجالس الكبار من الصحابة، فلما كبر أصبح علماً من أعلام المسلمين.