5 ثمرات لقراءة القرآن في شعبان

لما كان شهر شعبان كالمقدمة لرمضان؛ شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن، ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.
وفيما يأتي بيان بعض ثمرات قراءة القرآن في شعبان:
1- الاقتداء بالسلف
نقل كثير من العلماء أقوال السلف وأحوالهم في استحباب قراءة القرآن شهر شعبان، قال ابن حجر رحمه الله: "كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ أَكَبُّوا عَلَى الْمَصَاحِفِ" (1).
وقال الأصبهاني وابن رجب الحنبلي: عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم إذا استهلوا شعبان أكبوا على المصاحف فعرضوها، وفي رواية: يقرأونها. وقال سلمة بن كهيل رحمه الله: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان حبيب بن أبي ثابت رحمه الله إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء. وكان عمرو بن قيس الملائي رحمه الله إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن. وقال الحسن بن سهل رحمه الله: قال شعبان: يا رب جعلتني بين شهرين عظيمين فما لي؟ قال: جعلت فيك قراءة القرآن. (2).
2- التدريب على قراءة القرآن في رمضان
إن شهر رمضان هو الشهر الذي نزل فيه القرآن، حيث قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (البقرة: 185). وإن قراءة القرآن في رمضان من أهم وأعظم الأعمال، لذا فهي تحتاج إلى تدريب وتمرين، حتى لا يدخل شهر رمضان، ويبدأ المسلم في القراءة، فيصاب بالملل بعد فترة وجيزة، لأنه لم يتعود على هذا، لذا كانت قراءة القرآن في شعبان بمثابة التهيئة والإعداد لقراءة القرآن في رمضان.
3- إعانة الأئمة على ضبط التلاوة في صلاة القيام
ينشغل الدعاة والأئمة في زحام الحياة بمواجهة متطلباتها وإعداد ما يلزم من ضروراتها، وقد يأتي هذا على حساب المراجعة والإتقان لحفظ القرآن الكريم، وفي شهر رمضان المبارك يقوم هؤلاء الأئمة بالتقدم للصلاة بالناس في صلاة القيام، فيتطلعون إلى قراءة القرآن الكريم من حفظهم، أو قدر كبير منه، وقد يقعون في بعض الأخطاء بسبب النسيان لبعض المواضع، نتيجة الانشغال، وفي علاج ذلك جاء شهر شعبان بمثابة إنذار لكل إمام، حتى يجلس ويراجع حفظه ويجهز نفسه للقراءة في رمضان.
فإذا دخل رمضان؛ كان على أتم استعداد، لا لمجرد القراءة والتركيز في استحضار الآيات، بل للتأثر بها والتدبر في معانيها. لذا جاء عن السلف، رضي الله عنهم، أن شعبان شهر القراء. فقد قال سلمة بن كهيل رحمه الله: كان يقال شهر شعبان شهر القراء. وكان حبيب بن أبي ثابت رحمه الله إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القراء. (3)
4- مضاعفة الأجر والثواب
إن خير ما يذكر الإنسان به ربه هو القرآن الكريم، فهو كلام الله رب العالمين، وإن الذكر من أعظم الأعمال عند الله سبحانه وتعالى، وتزداد عظمته ومنزلته إذا كان الناس في غفلة عنه، فالناس في شهر شعبان مشغولون بالإعداد والترتيب لشهر رمضان، لذا كانت قراءة القرآن الكريم والمداومة على ذكر الله سبحانه وتعالى دليلا على يقظة صاحبها وحياة قلبه وانشغاله بتحصيل الأجر والثواب، والحرص على إرضاء الله سبحانه وتعالى ودخول جنته.
5- تهيئة القلب لاستقبال رمضان بالروحانية والهداية
يسهم القرآن الكريم في شفاء القلوب وهدايتها، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 57)، وقال عز وجل: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (الإسراء: 82)، فقراءة القرآن شافية كافية لتحقيق الهداية وتهيئة النفس للتوبة والاستقامة على طريق الله رب العالمين. وتزداد الحاجة إلى ذلك قبل شهر رمضان الكريم، حتى تتهيأ النفس له.
وإن قراءة القرآن في شعبان أشبه ما تكون بصلاة السنة قبل الفريضة، ففيها التهيئة والاستعداد وإحضار الخشوع للفريضة الأساسية، وكذلك القراءة في شعبان تسهم في إحضار القلب وتهيئة النفس وتدريبها على الصبر والقدرة على الإنجاز في قراءة القرآن الكريم، حتى يحصل القارئ في رمضان على التلذذ بالقراءة بعد أن تجاوز مرحلة الصبر والمعاناة.
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري: لابن حجر العسقلاني، (13/ 311).
(2) الترغيب والترهيب: لإسماعيل الأصبهاني، (2/ 351). وانظر: لطائف المعارف، ص: 135.
(3) لطائف المعارف: لابن رجب الحنبلي، ص: 135.