24 فبراير 2025

|

«إسرائيل» تخون نفسها وتقتل أبناءها (1 - 2)

د. حلمي الفقي

24 فبراير 2025

42

لم يعرف التاريخ خائناً كـ«إسرائيل»، ولم يرَ الزمان قاتلاً كهذا الكيان المجرم، ولم يشهد المكان خائناً للأصدقاء والحلفاء والأبناء كبني صهيون، ونظرة عابرة إلى تاريخهم الأسود تجد خياناتهم تطفح بها الحوادث، وتئن منها الأيام، ويعجب لهولها الكرام واللئام.

فقد خان بنو صهيون عهدهم مع الله جل جلاله، ومع الأنبياء عليهم السلام، وخانوا عهودهم مع البشر، ولم يخونوا عهد الأعداء فقط –وهذا شر خالص- بل خانوا الأصدقاء والحلفاء، ونعجب من ذلك أنهم خانوا أنفسهم وأهليهم وأبناءهم، وقتلوا أنفسهم، وقتلوا أبناءهم، وضربوا أحط أمثلة الخيانة في التاريخ كله:

أولاً: خيانة العهد مع الله تعالى:

أخذ الله تعالى العهد على اليهود ألا يسفكوا دماءهم، وألا يقتلوا أنفسهم، وألا يخرجوا أنفسهم من ديارهم، فما كان منهم إلا نقضهم العهد مع خالقهم؛ قال تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ {84} ثُمَّ أَنتُمْ هَـؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة).

فقبل الإسلام حالف يهود بني قينقاع وبني النضير قبيلة الخزرج، وحالف يهود بني قريظة قبيلة الأوس، فكان كل فريق من اليهود يشارك في الحرب مع حليفه من الأوس أو الخزرج، فيقتلون بذلك أنفسهم من أجل عدوهم، مخالفين العهد والميثاق الذي أخذه عليهم الله تعالى ألا يقتلوا أنفسهم، فضربوا بذلك المثل في الخيانة.

ثانياً: خيانة العهد مع الأنبياء:

من خان عهده مع الله فلا عهد له في هذا الوجود، وهذا ديدن اليهود، خانوا عهد ربهم، وقتلوا أنفسهم لمصلحة عدوهم، فهانت عليهم كل خيانة بعد ذلك، فخانوا عهدهم مع الأنبياء، بل مع خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ) (الأنفال: 56)، وقال وتعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (البقرة: 100).

فحين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجراً وضع دستور المدينة، وهو أول دستور عرفته الإنسانية، وقد أرسى فيه مبدأ المواطنة لأول مرة في تاريخ البشرية، وجاء في البند (17): «وإنه ‌من ‌تبعنا ‌من ‌يهود فإن له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصر عليهم»، وجاء في الوثيقة في بند آخر: «وأن ‌يهود ‌بني ‌عوف ومواليهم وأنفسهم أمة من المؤمنين، لليهود دينهم، وللمؤمنين دينهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته»

ولم يمض عام واحد على توقيع المعاهدة، إلا وغدر يهود بني قينقاع، فما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا العدل والحزم والسماحة في تعامله مع ناقضي العهود، حيث عاقب يهود بني قينقاع وحدهم، ولم يعاقب بني عمومتهم، من يهود بني النضير، أو يهود بني قريظة، وطرد بني قينقاع من المدينة، ولم يتعلم اليهود الدرس، فبعد عام واحد من حادثة بني قينقاع، نقض بنو النضير عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعدها نقض بنو قريظة العهد. 

ثالثاً: نقض العهود ديانة اليهود:

الوفاء بالعهود فضيلة واجبة في كل زمان ومكان، وقيمة واجبة في كل الأديان، وواحدة من الأخلاق الفاضلة التي اتفقت الإنسانية قاطبة على وجوب الالتزام بها، ولم يخالف في ذلك أحد إلا اليهود؛ لأنهم يدينون بنقض العهود لخالقهم ومعبودهم، ويعتبرون الكذب ونقض العهود فرائض توراتية، وأوامر تلمودية، وشعائر دينية، جاء في التلمود: «يجوز لليهودي أن يحلف يميناً كاذبة، وخاصة في معاملته مع باقي الشعوب»، وأيضاً: «على اليهودي أن يؤدي عشرين يميناً كاذبة، ولا يعرض أحد إخوانه لضرر ما».

ولهذه الأوامر التي يعتقدون أنها دينية، أبدعوا في نقض العهود، وتفننوا في إخلاف الوعود، فخانوا الأصدقاء والأعداء، وقتلوا الأهل والأبناء، بل وبلغ بهم الجرم منتهاه، فقتلوا المصلحين والأنبياء، وصنعوا بفعالهم السوداء أقذر وأقبح صفحة في التاريخ البشري كله.

خيانة «إسرائيل» لأمريكا

أمريكا هي الراعي الأول للكيان المجرم، وهي الداعم الأكبر له، ولو تخلت عنه لسقط بين عشية أو ضحاها، ولهذا كان يجب على الكيان المجرم أن يحفظ هذا الجميل لأمريكا، لكنهم على العكس من ذلك خانوا أمريكا عشرات المرات، ومن هذه الخيانات:

- في عام 1985م تم إلقاء القبض على الجاسوس جوناثان بولارد، الموظف بالبحرية الأمريكية، بعد أن قدم كنزاً من المعلومات الاستخباراتية لـ«إسرائيل»، وحكم عليه بالإعدام، وبعد محاولات مضنية من الكيان المجرم تم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة، وبعد وساطات وشفاعات وضغوطات من «إسرائيل»، تم الإفراج عنه في العام 2015م، بعد أن قضى في السجن 30 عاماً.

- في تقرير لـ«سكاي نيوز عربية» نشر في 13/ 9/ 2019م تحت عنوان «حرب الجواسيس: فصول الصراع السري بين أمريكا وإسرائيل»، فقد كشف هذا التقرير عن بعض مشاهد الخيانة من الكيان المجرم لأمريكا، ففي العام 2017م، اكتشفت السلطات في واشنطن أجهزة تجسس تسمي «تسينغ راي» تم تثبيتها في أماكن مهمة في العاصمة واشنطن، وهي أجهزة تقلد إشارات بث الأبراج الخلوية لاعتراض المكالمات والرسائل النصية، ويعتقد الأمريكيون أن الكيان المجرم هو من زرع هذه الأجهزة.

ويؤكد التقرير أن جهاز مخابرات الكيان المجرم هو ثاني أكبر وأنشط أجهزة الاستخبارات في واشنطن بعد روسيا.

ويكشف التقرير أن الكيان المجرم في ستينيات القرن الماضي قام بسرقة الأسرار النووية من أمريكا، وأعقبها بسرقة اليورانيوم المخصب، وذكر التقرير أيضاً أن «إسرائيل» تتجسس على أمريكا، وتحاول سرقة أسرارها والسطو على خصوصياتها حتى قبل قيامها في العام 1948م.


كلمات دلاليه

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة