«طوفان الأقصى».. و«تيك توك»

هناك معركة أخرى تدور رحاها بين الفلسطينيين والاحتلال «الإسرائيلي»، في ميدان آخر، لا تقل تأثيراً وخطورة عن الحرب الميدانية بين المقاومة وعصابات الكيان الصهيوني.
إنها معركة «تيك توك» و«يوتيوب» ومواقع التواصل الاجتماعي؛ للتأثير في الرأي العام العالمي، وتحويل دفة الاهتمام الدولي إلى ما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة تستهدف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ.
جهاد إعلامي وإلكتروني بات عاملاً رئيساً في ميدان المعركة، وعنصراً فاعلاً لا يقل ضراوة عن قذيفة أو صاروخ أو طلقة رصاص، وهو ما يجعل أطفال وشباب الأمة أمام تحد كبير، وميدان للعمل؛ لنصرة القضية الفلسطينية وتحرير «الأقصى» الأسير.
لا وقت لمقاطع الضحك والغناء، ومشاهد العري والإباحية، وأهداف لاعبي الكرة، بل إنه وقت الجد والحقيقة؛ لكشف جرائم اليهود، وعنصرية الغرب، وقبح التحالف الصهيو أمريكي، وتخاذل المجتمع الدولي، وزيف ما يسمى بـ«القانون الدولي».
معركة يقول عنها د. جابرييل ويمان، من جامعة حيفا في «إسرائيل»، لـ«بي بي سي»: إن هناك معركة على قلوب وعقول مستخدمي الإنترنت.
معركة «تيك توك» دفعت الاتحاد الأوروبي إلى تحذير شبكة التواصل الصينية من السماح بنشر ما وصفه بـ«محتوى غير قانوني» أو «معلومات كاذبة» بشأن الحرب الدائرة بين الاحتلال الصهيوني وحركة «حماس»، وهو التحذير ذاته الذي طال «فيسبوك» و«إكس» («تويتر» سابقاً)، في دلالة على خوف أوروبي وغربي من طوفان جديد على منصات التواصل يعزز انتصار «طوفان الأقصى».
اللافت أن منصة «تيك توك» قامت فعلياً بحذف أكثر من 500 ألف مقطع فيديو، وإغلاق 8 آلاف بث مباشر، وتعزيز مراقبي المحتوى من الناطقين باللغتين العربية والعبرية، منذ انطلاق عملية «طوفان الأقصى» ضد جرائم الاحتلال، في 7 أكتوبر الجاري، بحسب بيان صادر عن شبكة التواصل الاجتماعي الصينية التي تحظى بشعبية كبيرة بين الأطفال والشباب حول العالم.
هذه التطورات تؤكد ضراوة المعركة الإلكترونية، وضرورة شحذ الهمم، وتوفير الدعم؛ لدحض الروايات «الإسرائيلية» الكاذبة، وكشف جرائم الإبادة والاغتيال ضد المدنيين، وتوثيق جرائم الحرب ضد الإنسانية التي تُرتكب بدعم أمريكي أوروبي ضد شعب يدافع عن أرضه وعرضه ومقدساته.
إنها معركة تستهدف أكثر من مليار مستخدم شهرياً للتطبيق الصيني، ليصبح «تيك توك»، وفق بيانات حديثة، التطبيق الأكثر تحميلاً في العالم بـ3 مليارات عملية تنزيل، حيث استطاع كسر هيمنة «فيسبوك» على عمليات تحميل التطبيقات منذ عام 2018م.
ووفق التقرير الصادر عن مؤسسة «We are social» المتخصصة في أبحاث الإنترنت، فإن عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عالميًا، خلال يوليو الماضي، بلغ 4.88 مليارات مستخدم، بمتوسط يصل إلى نحو ساعتين و26 دقيقة يومياً لكل مستخدم.
وتتصدر منصة «فيسبوك» مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخداماً حول العالم، بواقع مليارين و989 مليون مستخدم، تليها ثانياً «يوتيوب» بإجمالي مليارين و527 مليون مستخدم، وثالثاً «واتس أب» و«إنستجرام» في المركز الثالث بواقع مليارين لكل منهما.
وجاء في المركز الرابع منصة «وي شات» بنحو مليار و319 مليون مستخدم، و«تيك توك» في المركز الخامس بنحو مليار و81 مليوناً، ومنصة «ماسنجر – فيسبوك» في المرتبة السادسة بإجمالي مليار و38 مليون مستخدم.
وتسيطر صور الدمار في غزة وقتل الأطفال والنساء وقصف المستشفيات على شاشات الهواتف في جميع أنحاء العالم، في معركة من نوع خاص يخوضها الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، لنصرة المسجد الأقصى والقضية الفلسطينية.
لا تقللوا من شأن صورة، أو كلمة، أو مقطع فيديو، فإن الحرب خدعة، والرأي العام عنصر قد يرجح كفة أحد الطرفين ولو بعد حين، وهو الأمر الذي يجب عدم التقليل من شأنه، أو التهوين من تأثيراته على سير المعركة.
ولكم في فيديو الأسيرة «الإسرائيلية» التي أكدت حُسن معاملتها من قبل «حماس»، ومصافحتها لأحد عناصر «القسام»، والتأثير الذي أحدثه دولياً، خير دليل، بشكل دفع خبراء «إسرائيليون» إلى الانزعاج والذعر، ووصف المقابلة التي بثتها وسائل الإعلام بـ«الكارثة».
مقطع من عدة دقائق، كان خير دعاية للمقاومة، وتمسكها بمبادئ الإسلام في حسن معاملة الأسرى، مقارنة بالعدو الغاشم الذي لا يرحم صغيراً أو كبيراً، ويقصف ليل نهار الطفل والمرأة، ويحرم المريض والعاجز من الدواء والغذاء، في أبشع صور لجرائم حرب ضد الإنسانية، في القرن الحادي والعشرين.
إن الأمة في حاجة إلى طوفان جديد من الصور ومقاطع الفيديو والوسوم؛ لنصرة «الأقصى»، وإغاثة غزة، واستعادة القدس، واسترداد فلسطين، فهيا يا شباب الأمة، اربحوا معركة الإنترنت، وانصروا أقصاكم على «تيك توك».