23 فبراير 2025

|

الأكاديمي المغربي د. أحمد ويحمان: «الصيانيم» شيفرة سطوة الكيان الصهيوني وتأثيره في العالم

عبدالغني بلوط

29 يناير 2025

8834

في هذا الحوار مع «المجتمع»، يقدم الخبير المتخصص في الصهيونية، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، الأكاديمي المغربي د. أحمد ويحمان رؤية عميقة حول عالم «الصيانيم» المعقد. 

ويكشف الدوافع الكامنة وراء انضمام هؤلاء الأعضاء لـ«الموساد الإسرائيلي»، وكيف يستغل هذا الأخير مسألة «الخطر الوجودي» لليهود لتجنيد المزيد منهم، كما يسلط الضوء على الأدوات التي تستخدمها هذه المخابرات للترويج لأفكارها العدائية، وكيف تؤثر على القرارات السياسية العالمية. 

كيف يمكن تقريب مفهوم «الصيانيم» إلى عموم القراء في العالم؟

- «الصيانيم» كلمة عبرية جمع صيان؛ أي المتعاون مع المخابرات «الإسرائيلية»، وبالتالي فـ«الصيانيم» هم المتعاونون مع المخابرات «الإسرائيلية» (الموساد)، ويشكلون شبكة من الأشخاص الذين يحملون ولاءً والتزاماً للكيان الصهيوني، حيث يقدمون كل أنواع الدعم اللوجستي؛ المالي، والفني، والإعلامي.

إن «الصيانيم» بصفتها شبكة استخبارية عابرة للدول، هي الشيفرة وسر سطوة الكيان الصهيوني وتأثيره في العالم، وسر كل هذه السطوة والغطرسة التي تميز هذا الكيان الذي ما ينفك يضرب عرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية. 

فهؤلاء، ومن مواقع مختلفة بكل الدول الأساسية في العالم، يخدمون كيان الاحتلال دون الحاجة إلى أن يكونوا موظفين رسميين، كلما دعت الحاجة إلى ذلك، فهم عملاء ومتعاونون، ينبني ولاؤهم على أسس أيديولوجية والارتباط العاطفي بـ«إسرائيل». 

كيف يستطيع الكيان الصهيوني استقطاب هؤلاء المتعاونين لخدمة مشروعه؟

- لقد التجأ مدير «الموساد»، أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، عمير عميت، إلى تبني معادلة شيطانية في منتهى الدهاء، عندما انطلق من واقع أن هناك حوالي 5.5 ملايين يهودي مبثوث في العالم، وإذا تمكنا -يقول عميت- من تجنيد 10% من هؤلاء فقط؛ فسيكون تحت إشارتنا جيش من العملاء لا يتوفر حتى للمخابرات السوفييتية وقتها. 

على هذا الأساس، اشتغل عميت وتمكن فعلاً من تشكيل شبكة من العملاء الذين حرصت الحركة الصهيونية العالمية من تكوينهم أعلى تكوينات وتسريبهم إلى أهم المواقع في صنع القرار السياسي في المنظمات السياسية والدبلوماسية العالمية كمنظمة الأمم المتحدة، وكذا في نخب الأحزاب السياسية في الدول المؤثرة الذين يصنعون القرار، كما تمكنوا من صنع نخب مماثلة في مجال الاقتصاد والمال والأعمال والبنوك والبورصات، وكذلك في مجال الإعلام والفضائيات وكبريات الصحف، وفي مجال الصناعة السينمائية والدعاية لفرض وتوجيه السرديات وصنع الرأي العام لفائدتها. 

وقد برعت المخابرات الصهيونية في استغلال المشاعر القومية اليهودية وبروبجندا دعوة «الوحدة من أجل البقاء» الذي أدى دوراً محورياً، وركزت الرواية الصهيونية على خطاب «الخطر الوجودي» لجذب اليهود حول العالم، وربط بقائهم وأمنهم الشخصي بأمن «إسرائيل». 

كما استُخدمت شعارات مثل «العودة إلى الوطن التاريخي» و«واجب دعم إسرائيل» لاستقطاب أفرادٍ من خلفيات مختلفة، كذلك اعتمدت على تقديم إغراءات مالية ومناصب مغرية، إضافة إلى أساليب الابتزاز أو الضغط النفسي وما إلى ذلك من الأساليب الخبيثة التي اشتهرت بها مختلف الأجهزة الاستخبارية الصهيونية، ومنها استخدام الجنس بكل أبشع الطرق للإيقاع بالفرائس المستهدفة. 

ما دور هؤلاء «الصيانيم» في شبكة الاستخبارات الصهيونية؟ وكيف يعملون؟ وكيف يؤثرون في محيطهم؟

- يؤدي «الصيانيم» دوراً محورياً في تسهيل العمليات الاستخباراتية دون ترك أي أثر رسمي لـ«الموساد»، قد يقدمون خدمات مثل تأمين مركبات، استئجار منازل، أو حتى توفير غطاء قانوني لعملاء «الموساد»، تأثيرهم يظهر أيضاً في قدرتهم على اختراق مؤسسات إعلامية، وأكاديمية، أو اقتصادية؛ ما يتيح لـ«إسرائيل» التحكم في السرديات أو جمع المعلومات بشكل مباشر، لا بل إنهم متمكنون من مراكز في القيادات الحزبية والحكومية وفي منظمات دولية حكومية وغير حكومية توجه إن لم تكن تبلور القرارات. 

ما المجالات التي يركز عليها هؤلاء العملاء، ويكون لهم تأثير قوي؟

- من أهم ما تركز عليه شبكة «الصيانيم» المجالات الحيوية، مثل:

1- الإعلام والدعاية، وذلك للترويج للرواية الصهيونية وتشويه صورة الخصوم. 

2- الاقتصاد، وذلك لضمان سيطرة اقتصادية تؤثر على قرارات الدول. 

3- الأوساط الأكاديمية، وللتأثير على الأبحاث والدراسات التي تخدم مصالح «إسرائيل». 

4- السياسة؛ للتأثير على صناع القرار كما أسلفنا القول. 

5- القضاء؛ لضمان تبرير السياسات «الإسرائيلية» أو توفير غطاء قانوني لجرائمها. 

6- السينما؛ وهوليود نموذجاً لتشكيل الرأي العام وقولبته وفق السردية الصهيونية، ولنا في فيلم «الهجرة» (Exodus) الذي شكل وعي الغرب على مدى أجيال أسطع مثال، بحيث بقيت في ذهن الشعوب بالغرب تلك الصورة النمطية عن اليهودي الطيب والصحية المظلوم دائماً الذي يستوجب التضامن والدعم والمساندة لتعزيز قدرته على مواجهة ذلك العربي المسلم الخبيث والمتخلف والشرير، رمز الطغيان الذي يجب رفضه والتصدي له دوماً خدمة لمثل الإنصاف وقيم الحرية والديمقراطية!

ما خطر هؤلاء على الدول والمجتمعات الأخرى، ومنها المجتمعات العربية والإسلامية؟

- يكمن الخطر في أنهم يعملون في الخفاء ويمتلكون مواقع حساسة في الدول التي ينشطون بها؛ ما يتيح لهم التأثير في سياسات هذه الدول لصالح «إسرائيل»، ويساهمون في تشويه صورة العرب والمسلمين عالمياً، ويعملون على تأجيج النزاعات داخل المجتمعات لاستنزافها اقتصادياً وسياسياً.

وتكمن خطورتهم أيضاً في طبيعة وظيفتهم؛ وهي خدمة أجندة العمل على تقسيم البلدان العربية والإسلامية ونشر «الفوضى الخلاقة» فيها بإشعال الحروب والفتن على أسس عرقية ودينية ومذهبية وإثنية وقبلية ومناطقية، والحيلولة دون أي تقارب أو وحدة بين مكونات الأمة. 

ويظهر ذلك جلياً في عدد من الأمثلة التي أنجز فيها العمل كالعراق وليبيا واليمن والسودان الذي قسموه إلى دولتين، ويشرعون في تقسيمه إلى خمس (ما يسمى الآن بالمسارات الخمس التي تم إقرارها فيما يسمى مؤتمر جوبا للسلام!)، وهو المخطط الذي تم إقراره منذ عام 1966م، وتم تكليف الجنرال دافيد بن عوزيل، وهو اليوم الممثل الشخصي لسلفاكير لدى نتنياهو!

في نظركم، هل يمكن الكشف عن مصدر تأثير الكيان الصهيوني على القرار في العالم؟

- يرتكز الكيان الصهيوني في تأثيره على شبكة معقدة من «الصيانيم»، إضافة إلى اللوبيات المؤثرة مثل «إيباك» في الولايات المتحدة، هذه الشبكات تعتمد على قوة الإعلام، والمال، والسيطرة على منصات مؤثرة عالمياً، والكشف عن هذه المصادر يتطلب توعية عامة، وأبحاث معمقة، وفضح أساليب الضغط التي تمارسها «إسرائيل» على الحكومات والمؤسسات الدولية.

وتتشكل هذه الشبكات من أعضاء المحافل الماسونية عبر العالم الخاصة باليهود حصرياً، وهؤلاء هم وزراء وسفراء ودبلوماسيون ومديرون ومسؤولو مؤسسات وبنوك ورجال أعمال وعُمد مدن ومساعدوهم وصحفيون وكتَّاب وفنانون.. إلخ.

ما الأدوات التي يستعملها الكيان الصهيوني لتبرير جرائمه؟

- هي كثيرة بكثرة جرائمهم، منها مثلاً: التلاعب بالإعلام؛ وذلك من خلال تصدير رواية الضحية الأبدية وإسكات الأصوات المعارضة، والخطاب الديني؛ وذلك باستخدام النصوص الدينية اليهودية لتبرير الاستيطان والاحتلال، والقانون الدولي؛ وذلك بالضغط لتفسير القوانين بما يخدم مصالحها، أو تعطيل قرارات تدين جرائمها، والابتزاز السياسي بالتلويح دوماً بـ«معاداة السامية» ضد كل من ينتقد «إسرائيل»، والدعاية؛ وذلك بتحويل الأنظار عن الجرائم باتهام الضحية بالإرهاب أو التحريض.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة