لا شك أن الدعوة إلى الإسلام لا تقتصر على الرسل والأنبياء، بل تمتد إلى الأشخاص العاديين في كل زمان ومكان؛ كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «بلِّغوا عنِّي ولو آية».
وهناك أشخاص يضيئون لهذه الأمة الطريق بدعوتهم وعملهم، أعلام ينشرون الدعوة الإسلامية، يحثون من اهتدى بالزيادة من الرشاد، ولا شك أن الاطلاع على سير هؤلاء الدعاة وعلى جهودهم في الدعوة، يعدُّ نبراسًا يضيء الطريق للسالكين، ويقوي العزائم في السير على الطريق القويم، فمن واجبنا تجاه هؤلاء الدعاة التعريف بجهودهم الدعوية، وما قاموا به في سبيل الدعوة إلى الواحد الأحد.
ومن هؤلاء الأعلام العم عبدالواحد أمان عبدالله حبيب، الذي ولد في عام 1929م، ودرس في البصرة وبغداد، وحصل على البكالوريوس شعبه التجارة والمحاسبة، وعمل محاسباً قانونياً في ديوان المحاسبة، ثم محاسباً في البلدية بقسم السكن والصناعة، ثم تقاعد عام 1974م، ورزق بـ9 أولاد؛ 3 من الذكور، 6 من الإناث، وكان عضواً في جمعية الإصلاح الاجتماعي، وترأس 10 فروع من لجان الزكاة عام 1988م بعد العم محمد على الدخان يرحمه الله.
وقد عهد إليه بعد تقاعده إدارة مكتبة المنار الخيرية منذ نشأتها، وقد نشأ العم عبدالواحد أمان في بيئة إسلامية محافظة في بيت جده لأمه، حيث عرف بالصلاح وحب الصلاة والعبادة، وكان معروفاً بقول الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وله باع طويل في العديد من الأنشطة الدعوية في الدواوين، وكان الجد رحمه الله محباً للفقراء، وقد تأثرت شخصية الحفيد بجده سلوكاً؛ لذلك حفظ المعروف لجده فمنحه الدعاء على الدوام له ولوالده.
أكد، حفظه الله، في أكثر من لقاء له أن هذه الدعوة نامية، وسيبقى نماؤها محروساً لحماية الله ورعايته، مشيراً إلى أن الدعوة لها فضل كبير في تكوين شخصية المسلم؛ لذا حينما أنشئت جمعية الإرشاد حرصنا على بث روح الدعوة في نفوس الشباب، ونسيره من خلالها على سيرة وهَدْي الأنبياء والرسل.
وأوضح العم أمان أنه ولعظم هذه الدعوة والانتماء إليها ينبغي أن تسبق انتماءنا إليها نية صادقة مؤكدة محكمة بأننا سنمضي في هذا الطريق الرباني المليء بالخير في الدنيا والآخرة.
وأشار إلى أنه فعل ذلك في بداية حياته، ونذر نفسه أن يخدم هذه الدعوة المباركة ولا يشغله عنها عمل مادي أو يجني منها فتاتاً، ولكن ما سيقدمه لهذه الدعوة سيبقى خالداً مخلداً ينفعه في الدنيا والآخرة.
يقول العم أمان، في كلمة له: عندما جئت إلى جمعية الإرشاد الإسلامي أفتش فيها عن عمل أقوم به لأبر بوعدي ونيتي، فوجدت أن هناك مدرسة أقامتها جمعية الإرشاد الإسلامي وهي مدرسة مكافحة الأمية، فانضممت فيها محاسباً حتى أشغل نفسي في خدمة هذه الدعوة، وهذه المدرسة نمت وكبرت وصارت مدرسة ابتدائية ثم ثانوية، وزاد عدد طلبتها على 1200 طالب يدرسون في مدرسة الإرشاد الإسلامي، وكنت مسؤولاً عن إدارة هذه المدرسة، وحتى أستمر في العمل والنشاط بعد أن حلت جمعية الإرشاد الإسلامي عام 1959م وصار هناك فراغ، اقترح الأخ عبدالله العقيل، حفظه الله، أن تفتح مكتبة اسمها «مكتبة المنار الإسلامي»، وفعلاً فتحت المكتبة وشاء الله أن أكون خادماً فيها حتى عام 2000م، وسلمت المكتبة للإخوة كمشروع خيري، وهم قائمون عليها إلى الآن، ثم شاء الله أن أكون خادماً لهذه الدعوة منذ عام 1968 إلى 1989م، وباشرت العمل بما أستطيع من جهد بسيط، ولكن كبر الله هذا المشروع وصار مشروعاً حيوياً ولله الحمد آثاره واضحة.