6 أشياء يندم عليها الإنسان بعد تجربتها

يمضي الإنسان في دروب الحياة محملًا بالأحلام والتجارب، غير أنّ بعض الخطوات تترك في القلب أثرًا لا يُمحى، فهناك العديد من الأشياء التي ندم عليها الناس بعدما تجاوز بهم العمر، ورأوا الأمور بأعين لم تكن يومًا حاضرة، ولأن الحكمة تورثها التجارب، كان من المهم أن نقف على هذه الأشياء لنتجنب ما وقع به الآخرون.

1- التفريط في العلاقة مع الله وتأخير التوبة:

إنّ من أعظم الأشياء التي يندم عليها الإنسان إهمالُ قلبه وابتعاده عن الله تعالى، الذي جاء نتيجة انشغاله بالدنيا حتى ضعفت صلته بالصلاة، وقلّ ورده من القرآن، وخفت صوت دعائه.

وحين تهبّ نسمة صدقٍ على القلب –قد تأتي بعد أن غطّى المشيب الرأس- يكتشف المرء أنّ التوبة لا تُؤجَّل، وأنّ القرب من الله هو السكينة التي تُرمّم الروح، والصندوق المودع بين ضفتيه كنوز الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً {10}‏ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً {11} وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً) (نوح).

2- تأجيل القرارات الحاسمة:

ومن أكثر الأشياء التي يندم عليها الإنسان أنّه أجَّل العديد من القرارات التي كان بإمكانها تُغيير مسار حياته، فالوقت ينساب بلا صوت، والفرص يجب أن تغتنم، وما تردّد فيه أمس أصبح عبئًا عليه اليوم، حينها يدرك الإنسان أن القرار الشجاع -مهما كان صغيرًا- كأن ينصر مظلوماً، أو يقول كلمة حق، خيرٌ من ألف يوم به تردّد أو انتظار للظرف المناسب.

3- البقاء في بيئات سامة:

تتكرّر هذه التجربة كثيرًا ضمن أشياء ندم عليها الإنسان؛ إذ ما مكث في أعمال أو علاقات تُتلف روحه، وتستنزف طاقته، وتعارض قيمه وتعاليم دينه، ظنًا منه أنّ الزمن سيُصلح ما أفسدته الأيام.

إلا أن الحقيقة التي تظهر متأخرة هي أن البيئة السامة لا تُهذّب النفوس، بل تُطفئها، حينها يكون الندم الأكبر أنه لم يختار الخلاص مبكرًا، ولم يفر من هذه البيئة السامة.

4- إهمال الصحة في سنوات الشباب:

الصحة من النِّعَم التي لا يُدرك قدرها إلا حين تتزعزع، وهي أيضًا من أكثر الأشياء التي يندم عليها الإنسان حين يشاهد آثر السهر المفرط، والطعام غير الصحي، وإرهاق الجسد بلا حساب.

ولذا، أمرنا صلى الله عليه وسلم قائلًا: «اغتنِمْ خمسًا قبل خمسٍ: شبابَك قبل هَرَمِك، وصِحَّتَك قبل سَقَمِك، وغناك قبل فقرِك، وفراغَك قبل شُغلِك، وحياتَك قبل موتِك»؛ ذلك لأن تحسن الحياة يبدأ من صيانة البدن الذي يحملنا في رحلتنا.

5- إغفال الادخار مبكرًا:

يدخل ضمن الأشياء التي يندم عليها الإنسان أنه بادر بالتبذير والإسراف ولم يدخر لنفسه سياجًا ماليًا يقيه تقلّبات الحياة، وتغيرات الزمن، فالادخار ليس ترفًا، بل هو باب من أبواب الطمأنينة، وخطوة صغيرة تُصبح مع السنين سندًا كبيرًا.

ولذا، نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير، قال تعالى: (وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً {26} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) (الإسراء)، كما أن الادخار الذي يؤدي بصاحبه إلى البخل منهي عنه، قال تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) (الإسراء: 29).

6- مقارنة النفس بالآخرين:

إن من أعمق الأشياء التي ندم عليها الإنسان أنه أضاع أعوامًا من عمره منشغلًا بما عند غيره، يقيس كل خطوة يخطوها بخطى الآخرين، حتى تلاشى الرضا من قلبه، فالمقارنة والنظر إلى الآخرين تُعمي البصيرة، وتُضعف الهمة، وتُشوش رحلة الإنسان في الحياة، وكل من تداوى من هذا الداء، وجد في داخله سكينة وطمأنينة لم يذقها قلبه من قبل.

تنقل لنا هذه التجارب أن أفضل حياة للإنسان تبدأ حينما يكون قريبًا من الله، ويتخذ القرارات الصائبة دون خوف أو تردد، ويتنحى عن البيئات السامة، معتنيًا بصحته، مدخرًا لنفسه ما يعينه على تقلبات الزمن، راضياً عن حاله دون مقارنة بالآخرين.