الاستثمار في بورصة رمضان

منى الديب
يعد شهر رمضان
من أعظم وأجل النفحات التي منَّ الله بها على عباده، وفرصة للاستثمار الناجح في
مجالات عدة، قد يجني منها الصائم، خلال الشهر وطوال العام، مغانم شتى؛ صحياً
وأسرياً واجتماعياً ونفسياً وأخلاقياً.
يقول الحسن
البصري: «إنما رمضان سوق قام ثم انفض، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر».
هذا التحقيق
يرصد فرص الاستثمار في بورصة رمضان، والمكاسب المتوقعة، لمن أراد الفوز فيما تبقى
من الشهر الفضيل، ليغنم الزاد المطلوب، باقي شهور السنة، ويربح الأسهم مرتفعة
الثمن والقيمة.
يقول د. وصفي
عاشور، أستاذ أصول الفقه: إذا كانت صلاة الجمعة هي فرصة الأسبوع، والحج فرصة
العمر، فإن رمضان هو فرصة السنة، فكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى
جعل رمضان كفارة لما بينه وبين رمضان السابق، ما يجعل المسلم حريصاً على كل دقيقة،
وليحذر المسلم من لصوص الوقت التي ابتلي بها المسلمون ومنها وأهمها وسائل التواصل
الاجتماعي، والتلفاز، والهاتف، وغير ذلك من المنصات التي تهدر الوقت وتضع المسلم
في صفوف الخاسرين.
فرصة لتدعيم الروابط الأسرية... تعزيز
العلاقات الاجتماعية.. تنمية ذاتية
خطة
متوازنة
تعطينا
الاستشارية النفسية د. أسماء عطية عدة نصائح عملية للاستثمار رمضان، ومنها:
أولًا: وضع خطة
يومية متوازنة: التخطيط لليوم بشكل مسبق يساعد في تحقيق التوازن بين الروحانيات
والمهام الحياتية، ويفضل تقسيم اليوم إلى فترات محددة تشمل وقتًا للعبادة، ووقتًا
للعمل أو الدراسة، ووقتًا للراحة والترفيه، مع التركيز على الأنشطة المفيدة التي
تضيف قيمة حقيقية للحياة.
ثانيًا: تحديد
أولويات العبادات: رمضان شهر التقرب إلى الله، لذا ينبغي إعطاء الأولوية للعبادات
مثل الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، والصدقات، ويمكن استغلال أوقات الفراغ مثل ما
بعد الفجر أو قبل الإفطار لتلاوة القرآن والتأمل في معانيه.
ثالثًا: تقليل
الملهيات الرقمية: وسائل التواصل تستهلك وقتًا كبيرًا دون فائدة تُذكر؛ لذا، من
المفيد تقليل استخدامها في رمضان، وتخصيص الوقت للأنشطة الأكثر نفعًا مثل قراءة
الكتب، أو تعلم مهارات جديدة، أو المشاركة في الأعمال الخيرية.
اقرأ أيضاً: رمضان.. الاستثمار المضمون
رابعًا: استثمار
وقت ما قبل الإفطار: تعتبر الساعة الأخيرة قبل الإفطار من أكثر الأوقات التي يشعر
فيها الصائم بالإرهاق، وبدلاً من إهدارها في مشاهدة التلفاز، يمكن استغلالها في
ذكر الله، أو تحضير الطعام بنية إطعام الصائمين، أو ممارسة رياضة خفيفة مثل المشي.
خامسًا: تنظيم
النوم والراحة: النوم الجيد يساعد على أداء العبادات والعمل بكفاءة، ويمكن تقسيم
النوم إلى فترتين، بحيث يحصل الفرد على قسط كافٍ من الراحة ليلًا، مع قيلولة قصيرة
بعد الظهر لاستعادة النشاط.
اكتساب عادات صحية.. وتحقيق نقلة أخلاقية..
ونيل جوائز رمضانية
سادسًا: اغتنام
العشر الأواخر: العشر الأواخر من رمضان فرصة عظيمة لمضاعفة الأعمال الصالحة؛ لذا
يُفضَّل تكثيف العبادات خلال هذه الأيام، مثل قيام الليل والاعتكاف والدعاء،
واستثمارها في تحقيق نقلة روحانية تعزز الصلة بالله.
التواصل
الأسري
وتشير د. أميمة
السيد، الاستشارية التربوية، إلى أهمية الشهر الفضيل في تعزيز الروابط الأسرية،
وتنمية القيم الروحية والأخلاقية، وإحداث تغيير إيجابي في العادات والسلوكيات
اليومية.
وحتى يكون
الاستثمار ناجحًا ومُجدِيًا، فلا بد أن تتبنى الأسرة نهجًا متوازنًا يجمع بين
العبادة، والتنمية الذاتية، والتواصل الفعّال، وذلك وفق أسس نفسية وتربوية سليمة،
تضعها السيد، وهي:
- تخصيص وقت
للعبادة الجماعية وتعزيز الروحانيات؛ ما يعزز الارتباط الروحي بين أفرادها، ويمكن
تحقيق ذلك من خلال أداء الصلوات جماعةً في البيت أو المسجد، وقراءة القرآن الكريم
والتدبر في معانيه.
- تعزيز التواصل
الأسري وتقوية الروابط العائلية؛ وذلك من خلال إعداد مائدة الإفطار والسحور سويًا؛
ما يعزز مفهوم روح الفريق التعاوني لدى الأبناء، والحوار الأسري الهادف، حيث يمكن
استغلال أوقات ما بعد الإفطار والسحور في مناقشة موضوعات تربوية وأخلاقية، بعيدًا
عن التوتر اليومي.
- غرس القيم
والأخلاق من خلال القدوة العملية؛ ويُمكن تعزيز ذلك في رمضان من خلال تعويد
الأطفال على العطاء والعمل الخيري، امتثالًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كان
رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان»، وتدريبهم على الصبر وضبط
النفس من خلال توجيههم لكيفية التحكم في انفعالاتهم أثناء الصيام، وتعليمهم قول
النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه
أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم».
اقرأ ايضاً: ماذا يقول العلم عن فوائد الصوم وقيمته الروحية؟
- الاستفادة من
الوقت في التطوير الشخصي وتنمية المهارات، حيث يُعتبر رمضان فرصة لتعزيز النمو
الشخصي من خلال تنظيم الوقت بفاعلية، ويمكن للأسرة وضع جدول زمني يشمل العبادات،
والأعمال التطوعية، ووقتًا للترفيه الهادف، وتحفيز الأبناء على القراءة والتعلم،
والاستفادة من أجواء رمضان في تطوير مهاراتهم الثقافية والعلمية؛ ما يعزز لديهم
مفهوم أو التعلم مدى الحياة.
- ترسيخ العادات الصحية والسلوكيات الإيجابية، مثل اتباع نظام غذائي متوازن، والحدّ من العادات الغذائية الضارة، وتشجيع ممارسة الرياضة الخفيفة بعد الإفطار، مثل المشي، للحفاظ على النشاط البدني.