الانقلاب الباطني.. ومنطق العبيد!

حاولت القيادة
السورية المنتصرة أن تؤلف القلوب، وتجمع الفرقاء على السلم والتفاهم، وبناء سورية
الجديدة، وقطعت في سبيل ذلك أشواطاً ملموسة من خلال مرحلة يحل فيها العفو والتسامح
محل العنف والانتقام، مع حل التشكيلات المسلحة وتجميعها ضمن جيش موحد للبلاد،
والعمل على إعلان دستوري يحدد مستقبل الوطن، تتشارك فيه القوى والتيارات المختلفة،
تمهيداً لوضع دستور دائم يحكم حركة القيادة والمجتمع، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون
مع العرب والعالم.
انقلاب دموي وحشي
وفوجئ العالم في
أوائل مارس 2025م بانقلاب دموي وحشي في مدن الساحل السوري من أجل عودة الحاكم
النصيري الباطني الذي فرّ إلى موسكو في 8 ديسمبر 2024م.
والانقلابيون
الباطنيون خلايا مسلحة تابعة للنظام السوري السابق، نفّذت عمليات عسكرية في ريف
اللاذقية، وتعمل ضمن تحالفات عسكرية يقودها غياث دلا، وهو أحد القيادات السابقة في
جيش النظام، ويحظى بدعم خارجي، وقام دلا بتشكيل مجلس عسكري بالتعاون مع شخصيات
بارزة، مثل محمد محرز جابر، القائد السابق لقوات «صقور الصحراء»، وياسر رمضان
الحجل، القائد الميداني في مجموعات «سهيل الحسن» أحد سفاحي النظام النصيري؛
واستطاع المذكور إعادة ترتيب صفوف المقاتلين السابقين، وإعدادهم للقتال.
جلاد سورية يتابع
في المربع بين
العراق وإيران كان ماهر الأسد، الجلاد الأشهر في عهد أخيه، يتابع الموقف ويرشد
الخونة لترويع المدنيين وقتل قوات الأمن والاستيلاء على المؤسسات الرسمية، وتخريب
الكيانات المدنية، وكان بشار في موسكو على دراية كاملة بالتنسيق الجاري بين
المجموعات المسلحة.
وأسفرت المعارك
بين أجهزة الأمن والانقلابيين عن سقوط أعداد كبيرة من رجال الأمن تقرب من 300 عنصر
أمني، عدا المدنيين، فضلاً عن التخريب الذي طال البنية التحتية، حتى استطاعت
تعزيزات الأمن احتواء الموقف.
وقد لقي
الانقلاب استنكاراً عربياً رسمياً، وإدانة من معظم القوى السورية، واتهم رامي
مخلوف، ابن عمة بشار، وذراعه المالية، قريبه بتوريط الحاضنة الطائفية في صراع
خاسر، واصفاً العملية بالحركة الغبية.
وقد أصدرت
الرئاسة السورية قراراً بتشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث
الساحل السوري. (اعتمدنا على موقع «الجزيرة» في بعض المعلومات السابقة).
العلمانيون يؤيدون
وإذا كان معظم
العرب وأصحاب الضمير استهجنوا الانقلاب الباطني الدموي وقتل المدنيين ورجال الأمن،
والسيطرة على بعض المدن والمؤسسات وهددوا كيان الدولة السورية وقللوا من هيبتها،
فإن بعض الأقليات التي تنضوي تحت ما يسمى بالعلمانية، أيدوا الجريمة الباطنية
الدموية، وارتفاع صياحهم المعجون بالكذب والتدليس والتضليل لهجاء الحكومة السورية
واتهامها بصنع المجازر للمدنيين والأبرياء، وكان من فضائحهم أن يتهموا الحكومة
بقتل سيدة وأولادها بعد تعذيبها، وإذا بالسيدة تخرج بعد أيام على شاشة التلفزيون
تقول: أنا حية أرزق، وأسرتي بخير!
وعلى هذا
المنوال ينشرون الأكاذيب ويضللون الناس، وفق منطق العبيد، ويرتدون ثياب الرحماء
والحكماء والمدافعين عن الإنسانية، وهم الذين ما تمعّر لهم وجه وبشار يقتل
بالكيماوي والبراميل المتفجرة الشعب السوري، دون رحمة، حتى قضى على نحو مليون مسلم
سُني وشرد 13 مليوناً آخرين في أرجاء الأرض!
ويبدو أنه كان
على الحكومة السورية أن تستقبل الانقلاب الدموي في اللاذقية بالزهور والورود، كي
ترضى القوى الشيوعية واليسارية في البلاد العربية التي أسسها اليهودي الخائن هنري
كورييل، ابن المرابي دانيال كورييل، وأن ترفع الراية البيضاء لعودة المخلوع، وأن
تطمس جرائم الطائفة المجرمة.
العداء للإسلام
إن العداء
للإسلام يحكم القوى الشيوعية واليسارية، ولذا لم نسمع أبداً أحدهم يتحدث عن ضحايا
بشار المسلمين أو يقدم قوائم بها، أو يتباكى على المجازر الوحشية التي قامت بها
الطائفة الخائنة منذ أيام الحروب الصليبية حتى حكم حافظ الأسد.
وللأسف تراخت
الحكومة السورية في ردع الخونة القتلة، ووضعت في حسبانها نواح الشيوعيين
واليساريين الكذبة الذين يبكون عطايا بشار، ويؤمنون بتمزيق العالم العربي، وتشجيع
انفصال الأقليات الطائفية والعرقية، وتشجيعها كما فعلوا ويفعلون مع البوليساريو في
المغرب، والأمازيغ في الجزائر، وجنوب السودان الوثني الصليبي، واليمن السعيد،
والأكراد.
خدام الغرب واليهود
لقد رفع خدام
الغرب واليهود وأنظمة القمع الدموي كذباً لافتات الخوف على سورية التي تتعرض
للتقسيم والحرب الطائفية، وأن الحل هو شطب الإسلام، وفصل الدين عن الدولة، وإقامة
حكم علماني تفرض فيه الأقليات إرادتها على الأكثرية المسلمة، ومن الدعوة للعلمانية
إلى التهويل الكاذب في فظائع ارتكبتها قوات الحكومة، إلى القيام بدور المخبرين
الأمنيين بدلاً من المخبرين الصحفيين، وعندما تناقش بعضهم لا يخضعون للمنطق
السليم، ولا الحقائق الساطعة، بل يواجهونك بمنطق العبيد الذي يهبط إلى درك السباب
والانحطاط والابتذال، بحكم قدرتهم على النشر والسيطرة على وسائط التعبير والهيمنة.
أكاذيب متواصلة
قال أحدهم وهو
يعزف وفق ما يطلب منه: المشاهد القادمة من سورية «مرعبة»، بدون مبالغة، لن تنام
إذا شاهدت جزءاً منها، من فرط بشاعتها وقسوتها! إطلاق نار عشوائي على مواطنين عزل،
ومسلحون يتضاحكون ويرقصون وهم يطلقون الرصاص على رجال وسيدات لا حول لهم ولا قوة،
بكل برود واستمتاع، وكأنهم يقتلون ذباباً.
آخرون يقتادون
شباناً شبه عرايا، ومقيدين من الأيدي والأرجل، ويأمرونهم بالاستلقاء فوق بعضهم بعضاً
في «كومة» بشرية ضخمة، ويتعرضون لكل أنواع الضرب والركل والشتم، وإطلاق النار على
أرجلهم في حالة عدم الانصياع للأوامر الشاذة.
أين رأى الكذاب
كل هذا؟ هل كان بين الضحايا المفترضين؟
بلاغ أمني
شيوعي آخر يقدم
بلاغاً أمنياً للهيئة الوطنية -بدلاً من تقديم تحقيق صحفي- ضد زميل له بتهمة
التواطؤ مع خطاب العنف والإرهاب لأنه يدافع عن الثورة السورية ويستنكر مجازر
الانقلاب الباطني!
ويطالب الشيوعي
المذكور الجهات المختصة بالتحقيق الفوري في هذا السلوك واتخاذ الإجراءات اللازمة،
لأن الصمت على خطاب الكراهية والتطرف يعني التواطؤ معه.
الشيوعي المذكور
نسي ما فعلته الطائفة بأكثرية شعبها من قتل وتدمير وتخريب وتهجير وقمع، ولم يكتب
في حينه كلمة استنكار واحدة من أجل الضحايا المسلمين، كما نسي هو ورفاقه القدامى
والجدد، أن حزبه الذي أسسه الخائن اليهودي هنري كورييل، كان أول من اعترف بالكيان
الصهيوني، بدعوى وحدة الطبقة العاملة، وهو الحزب الوحيد الذي أدان الجيوش العربية
التي حاولت أن تدافع عن الشعب الفلسطيني المظلوم عام 1948م، وكان من الوضاعة أن
يتهموا الرجل بالخيانة ويقلبوا الموازين، ويختزلوها فيما يسمى مقاومة التطبيع، مع
أن الإسلاميين الذين لا يكف الشيوعيون عن هجائهم وتخوينهم واتهامهم في وطنيتهم
وشرفهم وأخلاقهم، هم الذين حاربوا في فلسطين وجاهدوا جهاد الأبطال، وبذلوا دماءهم
الغالية.
ترحيب بالانقلاب
ثم تأمل لغة
بعضهم وهو يقلل من أهمية تحرير الشعب السوري، ويرحب بالانقلاب الباطني وجرائمه،
ويسخر من الرئيس أحمد الشرع، فيقول عنه: الأمير الداعشي أبو محمد الجولاني-يقصد
أحمد الشرع- الحاكم بالضرورة في سورية(!) ليس إلا محاولة بائسة منه لإعادة تدوير
الأكاذيب التي سئم منها الجميع، فشماعة «فلول النظام» كذبة قديمة ومستهلكة
استخدمها كل نظام يريد التنصل من جرائمه ضد شعبه.
الجميع(؟) رأى
بشاعة الجرائم التي ارتكبها ما يُسمى بالأمن في الساحل الشمالي السوري ضد الأبرياء
بأدلة مصورة نشرها الإرهابيون المجرمون أنفسهم وهم يتفاخرون.
وأخيراً يقول
كاتب فاشل له علاقات بالغرب وجهات أخرى، بعد أن يصوب لعناته وشتائمه للحركة
الإسلامية ويراها سبب مآسي العالم العربي: كل حكم استند إلى الدين سيتحوّل حتماً
إلى فاشية دينية، لا بد من فصل الدين عن الدولة إذا أردنا أن نفارق الحضيض وننهض!
وتجاهل الفاشل
الباحث عن دور أن العرب فصلوا الدين عن الدولة منذ قرنين ولم ينهضوا ولم يفارقوا
الحضيض، لأسباب يعرفها هو وغيره دون أن يقدروا على ذكرها!