22 فبراير 2025

|

المرأة في المناصب القيادية.. نماذج عربية ناجحة

فاطمة عبده

19 فبراير 2025

4751

أظهرت التجارب العربية أن المرأة استطاعت عبر مسيرتها الطويلة والمليئة بالتحديات، أن تثبت جدارتها في قطاعات عدة؛ حيث تولت مناصب عليا في الوزارات والمؤسسات الحكومية، مكونة بذلك جسوراً من الثقة والتمكين.

ويظهر التاريخ العربي أن هذا التحول القيادي لم يكن وليد الصدفة، بل كان ثمرة سياسات إصلاحية ومبادرات سعت إلى خلق بيئة مشجعة تبرز الإمكانات القيادية للمرأة، وتمنحها الفرصة للمساهمة الفاعلة في رسم مستقبل أفضل لأمتها، مع الالتزام بالقيم والمبادئ المجتمعية التي تعتبر حجر الأساس للتقدم والازدهار.

وتحمل السطور التالية عرضاً لنماذج عربية ناجحة تبرز الأدوار القيادية للمرأة في المؤسسات الحكومية عبر أرجاء الوطن العربي، سواء في شبه الجزيرة العربية أو الهلال الخصيب أو شمال أفريقيا أو شرق أفريقيا؛ ليتجلى أمامنا كيف استطاعت المرأة، بعزيمة لا تلين وإصرار ثابت، إعادة تعريف مفاهيم القيادة وفتح الآفاق للتغيير الاجتماعي والسياسي في دولنا العربية.

نماذج ناجحة

في ظل التحولات التي شهدتها وتشهدها دولنا العربية، برزت نساء استطعن أن يتركن بصمات مميزة في قطاعات عدة، وبغض النظر عن مرجعيات وأفكار تلك النساء؛ فإنهن أكدن أن بالعلم والمثابرة والطموح والقدرة على القيادة، يمكن للمرأة أن تتجاوز كل العقبات.

وتتجلى في شبه الجزيرة العربية قيادات نسائية تعكس قوة الإرادة والإيمان بمبادئ العدل والتنمية؛ ففي الإمارات العربية المتحدة، تتألق مريم المهيري، التي تشغل حاليًا منصب رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة منذ 7 يناير 2024م، بعد أن أثبتت جدارتها من خلال توليها مناصب وزارية رفيعة في مجالات التغير المناخي والأمن الغذائي.

وفي البحرين، برزت فاطمة البلوشي كواحدة من أوائل النساء اللواتي شغلن حقيبة وزارة التنمية الاجتماعية؛ ما ساهم في تمهيد الطريق لتمكين المرأة وفتح آفاق جديدة لمشاركتها الفاعلة في الشأن العام.

أما في الكويت، تعتبر معصومة المبارك نموذجًا رائدًا؛ إذ كانت أول وزيرة في تاريخ الكويت، شغلت منصب وزيرة التخطيط وزيرة الدولة لشؤون الإسكان، وساهمت في تعزيز دور المرأة في الحكومة.

وفي المملكة العربية السعودية، حققت ريما بنت بندر آل سعود إنجازًا تاريخيًا بتوليها منصب سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية، معلنةً بذلك تحولاً ملحوظًا في مسار الدبلوماسية السعودية.

وفي قطر، تبرز لولوة الخاطر بتوليها منصب مساعد وزيرة التربية والتعليم العالي القطرية، وهي أيضًا أول امرأة قطرية تتولى منصب مساعد وزير الخارجية والمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، حيث أظهرت بجدارة دور المرأة في صياغة السياسات الدبلوماسية وتعزيز الحوار الدولي.

أما في عُمان، فقد كانت راوية البوسعيدية من أوائل النساء اللواتي تولين حقيبة وزارة التعليم العالي، مساهمة في دفع عجلة التحديث والتطوير في القطاع التعليمي بما يتماشى مع تطلعات الأمة نحو الازدهار والارتقاء.

وبرزت في منطقة الهلال الخصيب عدة نماذج قيادية أخرى؛ ففي الأردن، تعد ريما خلف أول امرأة أردنية تتولى منصب نائب رئيس الوزراء وزيرة التخطيط، بينما تحظى ريا الحسن في لبنان بمكانة تاريخية كونها أول امرأة تتولى منصب وزيرة الداخلية في لبنان والعالم العربي.

وفي الأراضي المحتلة الفلسطينية، أدت حنان عشراوي دوراً بارزاً كعضوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكانت وزيرة التعليم العالي سابقاً، فيما حققت ذكرى علوش إنجازاً مميزاً في العراق كأول امرأة تتولى منصب أمينة بغداد.

وفي شمال أفريقيا، تشهد الساحة حضوراً قيادياً للمرأة يتجسد في عدة دول؛ ففي السودان، تعتبر أسماء محمد عبدالله أول امرأة تتولى منصب وزيرة الخارجية، بينما تشغل رانيا المشاط في مصر منصب وزيرة التعاون الدولي، وفي ليبيا، كانت نجلاء المنقوش أول امرأة تتولى منصب وزيرة الخارجية، وفي تونس يعد نموذج نجلاء بودن علامة فارقة كونها أول امرأة تتولى منصب رئيسة الحكومة.

كما برزت نورية بن غبريط في الجزائر بشغلها لمنصب وزيرة التربية الوطنية، وفي المغرب، أظهرت نزهة الوفي كفاءتها في إدارة شؤون البيئة والتنمية المستدامة، وتقلدت منصب نائب رئيس مجلس النواب بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016م، فيما حظيت الناها بنت مكناس في موريتانيا بتميزها كأول امرأة تتولى منصب وزيرة الخارجية، كما تقلدت منصب وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة.

وفي شرق أفريقيا، تشكل المرأة رمزًا للتحدي والقيادة؛ ففي الصومال، برزت فوزية يوسف حاجي آدم كأول امرأة تتولى منصب وزيرة الخارجية نائبة رئيس الوزراء، وفي جزر القمر، تميزت فاطمة راشد محمد بركة بشغلها لمنصب وزيرة الصحة والتضامن الاجتماعي؛ ما أكسبها مكانة رفيعة في دوائر الحكم.

ولا شك أن هذه النماذج الناجحة تعكس الدور المتزايد للمرأة في صياغة السياسات العامة وتوجيه مسارات التنمية في الدول العربية؛ فهي ليست مجرد قصص نجاح فردية، بل إشارات واضحة على أن المرأة قادرة على تجاوز القيود التقليدية، والمساهمة بفعالية في بناء مستقبل يليق بطموحات الأمة.

ورغم بزوغ آفاق مشرقة عبر النماذج الناجحة التي اقتحمت بها المرأة العربية مناصب القيادة الحكومية، لا تزال أمامها في بعض البلدان العربية تحديات تتوارى في أروقة العادات والتقاليد الراسخة والأنظمة القانونية التي تقيد مشاركتها، فضلاً عن مظاهر التمييز التي تتخلل أماكن العمل؛ ففي بعض المجتمعات، تبقى الأفكار التقليدية والعادات القبلية حائلًا أمام إقرار المرأة بدور فاعل في صنع القرار، حيث يعاد تداول صور نمطية تضعف الثقة في قدراتها وتحد من فرصها.

ومع ذلك، تحاول الجماعات الإصلاحية الواعية دفع الجهود الحكومية والمبادرات الداعمة لتمكين المرأة في تغيير هذه الصورة، من خلال إصلاح الأنظمة وتحديثها بما يتوافق مع تطلعات الأمة، وبما يتفق أيضًا مع ديننا الحنيف الذي منح المرأة حقوقها في التعليم والعمل والمشاركة في شؤون الحياة؛ فقد شرع الإسلام للمرأة مكانة رفيعة، وأقر لها الحق في طلب العلم والمساهمة في خدمة المجتمع، كما أكد نبينا صلى الله عليه وسلم أهمية دور المرأة في بناء الأسرة والمجتمع، مؤكدًا أن «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة».


تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة