عودة النازحين.. انتصار الصمود الفلسطيني وهزيمة مشاريع التهجير
في مشهدٍ يختزل الصمود الفلسطيني، عاد عشرات الآلاف من النازحين إلى مدينة غزة وشمالي القطاع بعد 15 شهرًا من النزوح القسري، في مشاهد مؤثرة تحمل في طياتها رسالة تحدٍ للمخططات التي استهدفت تهجير الفلسطينيين وإبعادهم عن أرضهم.
هذه العودة، التي جاءت عقب انسحاب الاحتلال من بعض المناطق خاصة من محور نتساريم، لم تكن مجرد حدثٍ عابر، بل لحظة تاريخية تحمل دلالات تتجاوز المكان والزمان.
عودة النازحين تمثل فصلًا جديدًا من الصمود، حيث واجه الشعب الفلسطيني محاولات الاحتلال المستمرة للتهجير والإبادة بكل أشكالها.
ورغم الدمار الذي طال منازلهم والمآسي التي عاشوها، أصر النازحون على العودة، مؤكدين ارتباطهم العميق بأرضهم وهويتهم الوطنية.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وصفت هذه العودة بأنها مشاهد مُفعمة بفرح العودة وحبّ الأرض، مشددة على أن الشعب الفلسطيني قادر على إفشال كل المؤامرات التي تهدف إلى تهجيره.
وأضافت الحركة، في بيان لها: عودة أهلنا النازحين إلى بيوتهم تثبت مجددًا فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية وفي كسر إرادة الصمود لدى شعبنا.
عودة تحمل دلالات تاريخية
مشاهد عودة النازحين إلى شمال غزة تحمل دلالات تاريخية غير مسبوقة.
الباحث في الشأن السياسي والإستراتيجي سعيد زياد، وصف هذه اللحظة بأنها أول مرة يعود فيها الفلسطينيون إلى مناطق نزحوا عنها، بعد أن كانت النكبات السابقة تحمل عنوان التهجير فقط.
وأشار زياد إلى أن هذه العودة لم تكن لتتحقق لولا صمود سكان شمال غزة، الذين خاضوا معارك ضارية في جباليا والشجاعية وبيت حانون وبيت لاهيا وغيرها من المناطق.
الناشط عادل العازمي قال: عودة النازحين انتصار للحق الفلسطيني وهزيمة لمخططات التهجير الصهيوأمريكية، هذه العودة تؤكد أن الحق لا يُهزم مهما كانت قوة الباطل.
وفي تعليقٍ آخر، قال ناشط باسم تامر: الأرض هي العرض، واليوم نشهد يومًا عظيمًا في تاريخ القضية الفلسطينية، للمرة الأولى، يتمكن الفلسطيني من العودة إلى المكان الذي هُجّر منه، رغم إرادة المحتل.
ردود فعل صهيونية غاضبة
العودة الجماعية للنازحين أثارت غضب قادة الاحتلال، الذين اعتبروا هذه الخطوة انتصارًا للمقاومة.
وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير عبّر عن استيائه الشديد، واصفًا فتح محور نتساريم وعودة النازحين بأنه «استسلام كامل»، وقال في منشور له على منصة «إكس»: فتح محور نتساريم وإعادة عشرات الآلاف من سكان غزة إلى شمال القطاع انتصار واضح لـ«حماس»، مضيفاً: هذا جزء من صفقة غير مسؤولة، جنود الجيش «الإسرائيلي» لم يقدموا أرواحهم لتكون هذه هي النتيجة، علينا العودة إلى الحرب ومواصلة تدمير «حماس».
تصريحات ترمب.. حلم للغزاة
تزامن هذا الحدث مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الذي أعاد طرح خطة تهدف إلى تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن، متجاهلًا الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
هذه التصريحات أثارت استياء واسعًا على المستويين الفلسطيني والدولي، ووصفت بأنها استكمال لمسار تصفية القضية الفلسطينية.
الدول المعنية أبدت موقفًا حازمًا تجاه هذه الدعوة، وأكدت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها، أن مصر ترفض تمامًا أي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، سواء من خلال الاستيطان أو التهجير.
وأضاف البيان: تهجير الفلسطينيين من أرضهم يهدد الاستقرار في المنطقة ويقوض فرص السلام.
من جانبه، شدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على أن رفض بلاده لتهجير الفلسطينيين ثابت لا يتغير، مؤكداً، خلال مؤتمر صحفي، أن أولوية الأردن تتمثل في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم ودعم صمودهم.
«لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية» (تجمع فصائلي فلسطيني) أدانت دعوة ترمب، ووصفتها بأنها جزء من مؤامرة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم، داعية إلى وحدة الصف الفلسطيني ووضع خطة إستراتيجية لإفشال هذه المخططات.