06 فبراير 2025

|
حسابات الربح والخسارة..

قبل أن يكتسح الجيش كل ولاية الخرطوم

حسن عبد الحميد

06 فبراير 2025

349

يستعد الجيش السوداني خلال الأيام القليلة القادمة (وربما الساعات) لاكتساح كامل ولاية الخرطوم من عدة محاور، ويضع بذلك اللمسات الأخيرة لتطهير البلاد من دنس وإجرام مليشيا «الدعم السريع» المتمردة، وحسم الحرب التي استمرت لأكثر من 21 شهراً منذ أبريل 2023م.

الخرطوم.. الموقع والسكان 

ولاية الخرطوم تضم العاصمة القومية، وتتمدد في المدن الرئيسة الخرطوم وأمدرمان وبحري وامتداداتها، وأهم ما تضمه الخرطوم (بين النيلين) القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش ومطار الخرطوم، وأهم ما تشتمل عليه أمدرمان (غرب النيل) الكلية الحربية ومباني الإذاعة والتلفزيون ومقر البرلمان، بينما تحتضن بحري (شرق النيل) المنطقة الصناعية ومصفاة الجيلي، ومساحة ولاية الخرطوم أكثر من 23 ألف كيلومتر مربع.

انتصارات الجيش

وكانت بداية التطورات العسكرية الكاسحة لصالح الجيش السوداني قد بدأت وتيرتها منذ 26 سبتمبر 2024م، عندما عبرت قوات الجيش من أمدرمان إلى الخرطوم عبر جسر النيل الأبيض، ومن أمدرمان إلى بحري عبر جسر الحلفايا، وحاصرت «الدعم السريع» وأجبرتها على التراجع والتقهقر الذي شكّل بداية الانهيار للمليشيا المتمردة.

إلا أن النصر المفصلي والإستراتيجي الذي قلب الأوضاع رأساً على عقب أحرزه الجيش السوداني في 11 يناير 2025م، عندما اقتحم مدينة «مدني»، ثاني أكبر المدن السودانية، من 3 محاور، واستردها من المليشيا المتمردة.

ثم تتالت الانتصارات الكبرى للجيش في ولاية الخرطوم باسترداد مصفاة الجيلي شمالي بحري، وسلاح الإشارة جنوبي بحري، والقيادة العامة ومطار الخرطوم في يناير الماضي.

ويُظهر المشهد العسكري الآن أن الجيش السوداني قد بسط سيطرته على كامل ولايات السودان في الشرق والوسط وولاية الخرطوم، ولم يتبق للمليشيا المتمردة وجود عسكري حقيقي إلا في ولايات دارفور أقصى غرب السودان، وبعض الجيوب الصغيرة التي لا تشكل تهديداً عسكرياً حقيقياً، والقضاء عليها مسألة وقت فقط.

والآن، وقد أوشكت حرب السودان الحالية أن تضع أوزارها، ما حسابات الربح والخسارة إجمالاً، وباختصار بالنسبة لأطراف المشهد؛ محلياً وإقليمياً وعالمياً؟

حزب الكرامة

محلياً؛ فإن أكبر رابح في هذه الحرب هم أحرار الشعب السوداني الذين ساندوا قواتهم المسلحة ودعموها ووقفوا إلى جانبها ضد مليشيا «الدعم السريع» المجرمة في هذه الحرب التي عُرفت في السودان باسم «معركة الكرامة». 

ويمثل هؤلاء غالبية الشعب السوداني وقواه الحية من القوى المجتمعية من رجال الطرق الصوفية وقيادات الإدارة الأهلية وزعماء القبائل الذين ساندوا بحسهم الوطني ووعيهم المتقدم الجيش الوطني، رغم أن المتمرد حميدتي حاول أن يستميلهم بالأموال والمناصب وقت أن كان نائباً لرئيس مجلس السيادة، لكن عندما دقت ساعة الحقيقة وأصبحت الدولة السودانية في مهب الريح بواسطة حميدتي ومرتزقته اختار معظم هؤلاء الوقوف بجانب الوطن وقواته المسلحة إلا فئة قليلة -قياساً إلى كل السودان- أعمتها العصبية القبلية، لكن حتى داخل هؤلاء انطلقت أصوات تدين تمرد حميدتي وتتبرأ منه.

بالإضافة إلى آلاف الشباب الذين تطوعوا وحملوا السلاح وشكّلوا قوات مقاتلة مساندة تأتمر بأمر القوات المسلحة وتقاتل إلى جانبها، ثم تشكيلات المقاومة الشعبية التي انخرطت في تدريبات مفتوحة في الساحات العامة في ولايات السودان ومدنه، ومن ورائهم غالبية الشعب السوداني، وهذه المجموعة يمكن أن نطلق عليها «حزب الكرامة»، وقد خاصت هذه المجموعة تجربة سودانية فريدة تستحق أن تُدرس ويستفاد منها في مواجهة الخطر المسلح الذي يتهدد الدولة والمجتمع.

حزب الندامة!

أما الخاسر الأكبر فيمثله بصورة أساسية المجموعة السياسية التي يقودها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، وتضم أساساً مجموعة من العلمانيين واليساريين الذين ناصروه وساندوه إبان توليه لرئاسة الوزارة في السودان (أغسطس 2019 إلى مطلع يناير 2022م)، هذه الفترة التي تعتبر من أسوأ الفترات التي مرت على السودان منذ استقلاله في العام 1956م؛ إذ لازمهم الفشل على كافة الأصعدة.

على كل حال، هذه المجموعة التي يقودها حمدوك وقفت موقفاً مخزياً إبان «معركة الكرامة» ضد مليشيا «الدعم السريع»، بل وتعتبر الجناح السياسي للتمرد والداعم الإعلامي الأول له، وقد تمادت هذه المجموعة في مواقفها المخزية والتقت بحميدتي (أو شبيهه) في أديس أبابا بإثيوبيا في يناير 2024م، ووقعت معه اتفاقاً سياسياً للتعاون والمساندة.

هذا الاتفاق الذي اعتبر لاحقاً جريمة جنائية لا مجرد معارضة سياسية، وجعلت النائب العام في السودان يصدر نشرة للإنتربول باعتبار قادة هؤلاء من المطلوب القبض عليهم لأنهم ساندوا ودعموا علناً مليشيا إرهابية مارست جرائم قتل ونهب وتدمير للبنية الأساسية في السودان، وبموجب هذه النشرة لا تستطيع هذه القيادات دخول السودان.

بالإضافة إلى أنهم كشفوا عن وجههم الحقيقي وأصبحوا في مواجهة الشعب السوداني الذي شرّدته المليشيا المتمردة من دياره، ونهبت ممتلكاته وقتلت أبنائه، وهذه المجموعة التي أصبحت معزولة من الشعب السوداني يمكن أن نطلق عليها «حزب الندامة»، ولات ساعة مندم!

جيران السوء!

على المستوى الإقليمي، فإن أكبر الخاسرين هي بعض دول الجوار التي انساقت وراء حسابات خاسرة، ودعمت تمرد مليشيا «الدعم السريع»، سواء بالانطلاق من أراضيها مثل تشاد، أو مدّه بالمرتزقة والقناصين مثل جنوب السودان وإثيوبيا.

فقد أثبتت المعارك العسكرية والمواجهات أن مليشيا «الدعم السريع» قد استعانت بمرتزقة من هذه الدول، وبعضهم تم أسره، وبعضهم وُجد من بين قتلى «الدعم السريع». 


كلمات دلاليه

تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة