قراءة في كتاب «كيف تسعدين طفلك؟»

«كيف تسعدين طفلك؟»، عنوان الكتاب الذي بين أيدينا، نتصفح سطوره؛ لنقدم للأسرة، لا سيما الأم، عدداً من النصائح والإرشادات في مجال تربية ورعاية طفلها، وفق أسس سليمة وصحيحة.
تقول مؤلفة الكتاب الكاتبة الصحفية وفاء سعداوي: إن الطفولة مرحلة مهمة في حياة الإنسان، تتكون خلالها شخصيته وتكوينه النفسي والعقلي، محذرة من الفهم الخاطئ للتربية الإسلامية على أنها تعلم الطفل العقائد والعبادات والأخلاق فقط.
تضيف المؤلفة، في كتابها الصادر عام 2003م: إن المجتمع بحاجة إلى الأم الواعية المطلعة على الثقافة الإسلامية وأصول التربية، مستنيرة العقل، توحي لولدها أننا بحاجة إلى جيل يقود الأمة نحو النصر، جيل قوي في عقيدته، وفي أخلاقه، وفي علمه، وجميع مظاهر حياته.
تُفصل الكاتبة في مؤلفها لمفهوم التربية، وعناصر التربية، ومنها المحافظة على فطرة المُربَّى ورعايتها، وتنمية مواهبه، وتوجيه هذه الفطرة والمواهب نحو صلاحها، وضبط وتنظيم سلوكه وفق مبادئ الإسلام، بما يحقق العبودية الخالصة لله تعالى.
وتحت عنوان «عناية الإسلام بالطفولة»، تشدد الكاتبة على أن رعاية الطفل في الإسلام تبدأ بزواج مشروع يقوم على مبادئ ثابتة لها أثرها في التربية وإعداد الجيل، من حسن الاختيار، وحسن العشرة، وتقاسم المسؤوليات بين الزوجين، والقيام بالتربية على أكمل وجه، والوفاء بحقوق الطفل، والحيلولة بينه وبين الشيطان، فهذا الطفل سيصبح رجل الغد أو أم المستقبل.
تُذكّر الكاتبة الوالدين بأن مستقبل طفلهما بين أيديهما، مشيرة إلى أن مرحلة الطفولة المبكرة لم تأخذ حقها في حياة مجتمعاتنا من الرعاية الكافية في البيت أو المدرسة، حيث تتجه الأم إلى الوفاء بالاحتياجات المادية فقط للطفل، دون أن تعطي النواحي النفسية والروحية نفس القدر من الاهتمام.
تقول المؤلفة: إن الكثير من الأمهات يغفلن أهمية السنوات الأولى من عمر الطفل، ويعتقدن أن ما يحتاجه هو الملابس والأكل والشرب والألعاب، أما التعليم والمعرفة والثقافة فهي أمور توكل إلى رياض الأطفال والمدارس، كذلك منهن من تكلفه فوق طاقته وتجعله يكره كل ما يتعلق بالدين دون أن تشعر، مع المداومة على أساليب الحفظ والتلقين والعقاب وغيره.
تؤكد سعداوي أن الحب يمنح الطفل الثقة بالنفس، ويدفعه إلى النجاح والعمل، وكلما كان الطفل محبوباً من أهله؛ كان مزوداً بقوة تدفعه إلى تحصيل أحسن النتائج على كافة المستويات، محذرة من أن تتكرر عليه الأوامر ويكثر عليه العقاب، فيخرج ناقماً على كل شيء.
تضيف أن التقدير والاحترام يجعل من الطفل شخصية سوية ناضجة متزنة، دون اللجوء إلى التجريح والذم والإهانة والمقارنة بالآخرين، كما أن المدح -دون مبالغة- يساعده على النهوض بشخصيته، والاستقلال بها، وعلى الوالدين أن يكشفا للطفل أخطاءه، ويعطيانه الفرصة لكي يتجنبها حتى يصل إلى الطريق الصحيح لتقويم مساره.
ويتناول الكتاب عدداً من المشكلات التي تعانيها الأم في تربية طفلها، منها أنه عصبي المزاج، وقد يكون ذلك تقليداً لأمه أو لوالده، أو زيادة في التدليل، أو زيادة في الشدة، لذلك يجب أولاً أن نمنحه القدوة الصالحة، ثم نبحث عن سبب العصبية، ثم نقيم الأمور جيداً، مع عدم انتقاده أمام الأغراب، وضرورة منحه الطمأنينة، وتنفيره من الغضب، وتذكيره بسُنة النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية تسكين الغضب.
وتنصح سعداوي بأهمية دور اللعب في تنمية المهارات العقلة والعملية، محذرة من أن بعض الأمهات يعتبرن الطفل مهذباً إذا جلس في البيت، أما الولد الذي يلعب ويهوى فحص الأشياء، وإذا اجتمع برفقائه صار قائداً لهم، فهذا من وجهة نظرهم شيطان ومعجون بماء العفاريت! لكن الحقيقة أن هذا مقياس خاطئ، فللعب أهمية كبرى في بناء وتكوين الشخصية، وإذا لعب الطفل قوي جسده، وتفتح ذهنه، وما من لعبة يمارسها الطفل إلا وتعود عليه بمزيد من الخبرات والمهارات المعرفية أو العملية.
وتحذر المؤلفة كل أم وأب من تعليم الطفل، والخوف، وسرد القصص الخيالية المرعبة، بل يجب بث الشجاعة في نفسه، وتعزيز الثقة لديه، وأخذ رأيه، وتقدير وجهة نظره، وعدم مصادرة آرائه، والسيطرة الزائدة عليه، مشيرة إلى أن تعويد الطفل على قبول النصيحة والرأي الآخر وتحمل المسؤولية والتشاور معه في بعض الأمور ومنحه فرصة إدارة ميزانية البيت مثلاً، وغير ذلك من أمور، إنما تنمي لديه إحساس الثقة، وتصنع منه إنساناً متزناً ومسؤولاً.
وتحت عنوان «أسئلة طفلك»، ترى المؤلفة أن تساؤلات الطفل لا تنتهي، وتتنوع ما بين أسئلة دينية وجنسية ومجالات أخرى، ومن الخطأ تجاهل الإجابة عليها، بل تقديم إجابات واضحة وميسرة له، تتناسب مع فهمه وعمره، دون الكذب عليه، مع توجيهه للقراءة ودروس العلم، والاستعانة بالقصص النبوية، ومتابعة البرامج الهادفة على القنوات الفضائية، والاستعانة بالمتخصصين في ذلك.
وتختتم الكاتبة نصائحها بضرورة عدم ترك الطفل للهاتف والإنترنت والتلفاز والألعاب الإلكترونية وأفلام الكارتون، وغير ذلك مما ابتلينا به في العصر الحالي، داعية إلى إشغال وقت الطفل بكل ما هو مفيد، وانتقاء البرامج المناسبة له، وتنمية مهاراته ومواهبه، وتقديم البديل له، الذي يعزز هويته العربية والإسلامية، وينهض به فكرياً وثقافياً ودينياً.