25 فبراير 2025

|

قراءة في كتاب «هبي يا ريح الإيمان»

يُعد كتاب «هبي يا ريح الإيمان» للدكتور خالد أبو شادي، واحدًا من الكتب التي تميزت في معالجة إخفاقات النفس التي تفسد الروح وتجعلها تنحرف عن الهدف الأساسي لها، وهو الوصول إلى الله رب العالمين.

فتجد المؤلف يرصد في كتابه الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف عبر رصدها عن طريق وقفة هادئة تحمل اعترافات مع النفس، ومن ثم يتطرق الكاتب رويدًا رويدًا إلى العلاج وسبل الخلاص من هذا الانحراف، وبالتالي يُعد الكتاب بمثابة بوصلة لمن يريد أن يسترشد بها أثناء إبحاره إلى الله عبر سفينة النجاة الإيمانية.

كما أن الكتاب يتمتع بأسلوب سلس وربط متناسق بين أفكاره، وهذا نابع من الأسلوب الشيق الذي اشتهر به الكاتب عبر مؤلفاته الأخرى.

ومن جملة ما يميز هذا الكتاب أيضًا، وضع الوسائل العملية والواجبات اليومية للخلاص من المرض والظفر بالعلاج في أقرب وقت، وهو من الكتب التي جمعت بين خيرين، حيث وصف العلاج بدقة وشفافية تامة، ووصف الروشتة الطبية بأدق التفاصيل عبر تجديد الجرعات المطلوبة والمواعيد اللازمة لها، فهو كتاب بمثابة موسوعة طبية في العلاج الروحاني للنفس البشرية التي استأسدت على صاحبها وأخذته في طريق الغي وسارت به أميالًا بعيدة، ولذلك يسعى الكاتب للأخذ بيد صاحب هذه النفس عبر رحلة إيمانية طويلة ليعيده إلى بر الأمان مرة أخرى وهو في عافية، بعد أن اجتمع بنفسه التي تخلصت من أهوائها وضلالها.

وإذا أردنا أن نقف وقفة سريعة مع فصول هذا الكتاب، سنجد أن المؤلف قد قسم الكتاب إلى 10 فصول رئيسة، وقد سمى كل فصل منها باسم «نسمة»، وكل نسمة تتناول موضوعًا معينًا، وقد جاءت هذه الفصول على الشكل التالي:

الأول: جاء باسم «الذنوب جراحات وآلام»، ويحتوي على عدة معان مهمة تتنوع بين أسباب الذنوب وأنواعها وعوامل ظهور هذه الذنوب على صاحبها عبر عدة أعراض قامت بتشخصيها وسردها.

الثاني: باسم «نِعَم بلا شكر»، ويحتوي على عدة معان تتنوع بين تعداد نِعَم الله على العبد المتمثلة في المال والولد والزوجة واللسان والعين والوقت، عبر وقفة متأنية مع كل نعمة وسبل الحفاظ عليها.

الثالث: باسم «عندما يفرح الرب»، ويحتوي على عدة معان تنوعت بين شروط التوبة النصوح وسبل اختبار هذه التوبة لمعرفة حقيقة قبولها من عدمه.

الرابع: باسم «الموعد الجنة»، وقد اشتمل على سرد نعيم الجنة الذي أعده الله لعباده في الآخرة.

الخامس: باسم «أين الله؟»، ليطرح تساؤلات واضحة حول مدى استصغار النفس لوجود الله عبر معصيته، ويترك القارئ ليتأمل حجم الغي الذي أوصلته إياه نفسه التي بين جنبيه.

السادس: باسم «أنا الفقير إليك»، وهنا يبدأ الكاتب أن يأخذ بيد قارئه إلى الطريق الصحيح عبر الاعتراف بالخطأ والعودة عن طريق الأهواء الذي جعلته نفسه تسلكه من غير قصد منه.

السابع: باسم «واشوقاه رسول الله»؛ حيث يسعى الكتاب في هذا الفصل أن يجعل القارئ يستشعر حجم المعاناة التي لاقاها النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يصل هذا الدين إليه.

الثامن: باسم «لهذا أحب ربي»؛ حيث يتوج المؤلف هنا العلاقة بين العبد وربه بشكل جليّ عبر الاعتراف بالحب رغم الوقوع في المعصية سابقًا، وإعلان العزم على تعزيز هذه المحبة بكل السبل الممكنة.

التاسع: باسم «الزائر الأخير»، وهنا وجه الكاتب لقارئه عدة حقائق دعاه من خلالها إلى عدم نسيان أن الموت قد يطرق بابه في أي لحظة، وهو الأمر الذي يستدعي منه العودة سريعًا عن طريق الضلال والهرولة في طريق الحق.

العاشر: باسم «حسن الحسنات»، حيث يختم المؤلف مع قارئه الرحلة الإيمانية التي وصلت إلى مرساها عبر إقرار الجزاء الذي سيناله كل من يقطع هذه الرحلة بآدابها وتعاليمها وواجباتها التي تستدعي منه السعي للقيام بها على أكمل وفي أفضل صورة.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة