لا تدري أين الخير!

اعمل وأخلص
النية لله عز وجل وستجد الخير يأتيك، نعم لعل كلمة أو فعلاً أو إشارة تأتي لك
بالخير الوفير من حسنات أو حتى من خير دنياك، فقد قال رسولنا الحبيب صلى الله عليه
وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ
فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَة».
وما أجمل فقه
وفعل هذا الرجل الأمريكي الذي وقف بعد الصلاة وقرأ «الفاتحة» بطريقة ركيكة ثم جلس،
فسأله الإمام عن سبب وقوفه رغم عدم إتقانه حتى لـ«الفاتحة»؟! فقال: أسلمت منذ
يومين، وقرأت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «بلغوا عني ولو آية».
تأمل أخي المسلم؛
قرأ وعمل بما قرأه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خياركم في الجاهلية
خياركم في الإسلام إذا فقهوا».
وهذا اليتيم من
أيتامنا في جمهورية مقدونيا، يقول لنا جده وهو يبكي: إن والد هذا اليتيم قبل وفاته
كان غنياً، وكان يسعى على كفالة الأيتام، إلا أن بعد وفاته افتقرت العائلة وقامت
جمعية الرحمة العالمية من الكويت مشكورة بكفالته.. نعم سعى هذا الأب بالخير فكان
أثره في أولاده، فانوِ الخير واسعَ له وستجد أثره؛ قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ
أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النحل: 97).
وانتبه: لا
تحقرن من المعروف شيئاً، واقرأ إن شئت هذه القصة التي يرويها لي أحد الأصدقاء: رجل
مسلم انتقل للعمل بلندن، وعند صعوده الباص أعطاه السائق باقي الفكة بالزيادة،
فسولت له نفسه بأخذها، وعند نزوله تراجع وأعطاها للسائق فأخبره السائق: أنه أراد أن
يختبره وبعدها يتعرف على الإسلام.
يا الله! بعمل
بسيط قد تكون سبباً في دخول أحدهم للإسلام أو امتناعه، فتذكر دائماً أن حركاتك
وسكناتك كلها لله.
وما أجمل ما
قاله الجنيد رحمه الله عندما سُئل عن الحب، قال: «عبد ذاهب عن نفسه، متصلٌ بذكر
ربه، قائمٌ بأداء حقوقه، ناظرٌ إِليه بقلبه، أحرق قلبه أنوارُ هيبته، وصفاء شربه
من كأس وُدّه، فإِن تكلم فبالله، وإِن نطق فعن الله، وإِن تحرك فبأمر الله، وإِن
سكن فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله».
أخيراً أُذكركم
بأنه «خير الأعمال أدومها وإن قل»، فالحياة بالدنيا قصيرة والحياة الأبدية هي في
جنة الخلد.
تأمل في قوله
تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن
قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي
إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) (المنافقون: 10).
على الدَوْامِ
لا تَغْفَلْ فَإِنَّكَ رَاحِل إِلى القَبْرِ مَرْهُون بِمَا كُنْت تَفْعَل
فَإِمَّا نَعِيم
فِي الجِنَانِ وَجَنَّة وَإِمَّا
عَذَاب سَرْمَدِيٌ مُزَلَزِل
وَلا تَنْس
يَومَ الْحَشْرِ إِذْ أَنْتَ وَاقِف وَحِيد
أَمَامَ الله إِيَّاكَ تَجْهَلُ
فاللهم ارزقنا
حسن العمل وحسن الخاتمة والثبات فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.