مؤامرة جديدة على القدس...!!

زيارة الوفد الأفريقي للفاتيكان كانت حديث وكالات الأنباء وأجهزة الإعلام العربية، فلقد اعتبرتها نصرًا للقدس وللقضية العربية، وعلقت آمالًا كبيرة على تحركات بابا روما المقبلة.

وإذا كنا نعذر صحيفة «النهار» الضالعة في المخططات التبشيرية الصليبية، والتي ما فتئت تتحدث عن هذه الظاهرة وقد أسفرت بصراحة عن مطامع مواجهتها في قدسنا.

فكم كنا نتمنى من الصحف وأجهزة الإعلام العربية أن تدرس الأمر قبل أن تعتبره نجاحًا، ولقاءً إسلاميًا مسيحيًا!! ومؤتمر قمة لممثلي الديانتين في الفاتيكان!! 

وهذا هو تصريح البابا الذي نشرته هذه الصحف: «لا يجوز لطائفة واحدة مسلمة أن تحكم مدينة القدس، يجب أن تكون القدس مفتوحة لكل الأديان، وأن تكون كالفاتيكان لها سفراؤها وبعثاتها الدبلوماسية المستقلة».

1- فهو ينكر أن تكون لطائفة واحدة مسلمة ويستوي في أولئك اليهود والمسلمون.

 2- ويريد أن تكون كالفاتيكان!!! لها سفراؤها وبعثاتها الدبلوماسية المستقلة أليس هذا هو التدويل الذي أنكره المسلمون العرب منذ عام 1948 واعتبروا من يؤمن به خائنا لدينه وأمته؟!

أليس هذا الذي قامت المظاهرات والاصطدامات من أجله؟!

أوليس هذا الذي أنكره زعماء الدول العربية في قمتهم القريبة بالجزائر؟! وبعضهم جعله الشرط الأول في كل تفاهم مع أمريكا وغيرها؟!

وزعمت صحيفة النهار أن الأفريقيين مكلفون بذلك من زعماء الدول العربية!! وأن مراسلها في «جنيف» قال:

إن هذا مطلب ممثل الأردن، أن تكون القدس كالفاتيكان، ونشرت مقالًا للأب «يواكيم مبارك» يوضح فيه أهداف البابا فقال:

«فلا تناقض أيضا بين فلسطينية القدس ونية الصالحين من الداعين إلى تدويلها وفي مقدمتهم قداسة البابا بولس السادس أسقف روما.. فلا يفوت إذن قداسته أن تدويل المدينة لا يقوم إلا بمشاركة أهل المدينة وهم جزء لا يتجزأ من شعب الوطن الواحد...».

ولا يضر البابا بعد اتفاقه مع الوفد، وترحيب العرب بتصريحاته أن يقول: إنه مع العرب، ويجب أن يعود اليهود لما قبل 1967.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل هذه الزيارة تمثل الزعماء العرب وأنهم قد عدلوا عن اتفاقهم فيما يتعلق بالقدس؟!

أم أن صحيفة النهار تكذب عليهم؟!

ولعل من المشاكل التي تصادفنا في هذه المنطقة التسرع في الحكم دون دراسة ولا روية ومن غير الالتفات للماضي والاستفادة من عبر التاريخ.

البابا يخالف ما ورد في الإنجيل ويبرئ اليهود من صلب المسيح

فهذا البابا بالذات -في سبيل التقارب مع اليهود- خالف إنجيله وعاد عن صلب اليهود للمسيح، وفي هذا إيمان -من حيث لا يدري- بالحقائق الواردة في قرآننا.

ووضع مجلسًا أعلى للنصارى في الأردن فيه خبراء سياسيون وعسكريون واقتصاديون، ويرتبط مباشرة بالفاتيكان ومن مهامه الكثيرة شراء أراضي القدس من أصحابها المسلمين، وتعدى القدس إلى بيت لحم ورام الله والبيرة وعمان وإربد ومأدبا..

فبنوا الكنائس قرب الطرق العامة وعلى الجبال مع عدم وجود نصارى حولها لتكون أوكارا للمبشرين.

المسلمون بالأردن يدركون خيوط مؤامرة البابا على أراضي القدس

وأدرك المسلمون بالأردن خيوط المؤامرة ونبهوا المسئولين فأصدرت الحكومة الأردنية مرسومًا بمنع بيع أراضي القدس للأجانب، وأصدر مفتي الأردن فتوى شرعية بتحريم بيع أرض القدس وما حولها للأجانب.

وتجددت المؤامرة بعد زيارة هذا البابا المشبوهة للأردن وكثر بعد عودته المبشرون وأفكارهم من كنائس ومدارس ومستشفيات وقسس.

وكلل تآمره على القدس بتأليف الحركة السرية التي اشتهرت باسم «الجيش المريمي» ومريم رضي عنها بريئة من هذا التآمر والدنس.

وزاد عدد هذا الجيش على خمسة عشر ألف مسلم، والقائمون عليه من كبار المسؤولين.. وكشف الأردن الحركة قبل أن يندلع شرها بقليل، وألقى القبض على أسلحتهم ومنشوراتهم السرية التي تطالب المسلمين بالخروج من القدس وما حولها وكتم الأمر حتى لا يغضب البابا.

هذا هو البابا الذي تصوره الصحافة العربية بالصديق الذي يقف إلى جانبنا!

وصدق الله العظيم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾ (المائدة:51-52).

نعم والله إن الذين في قلوبهم مرض يسارعون إلى الفاتيكان أو جنيف.. يخشون أن تصيبهم دائرة، ومن عافاهم الله يتجهون إلى خالقهم ولا يؤمنون بغير السلاح سبيلًا إلى فلسطين والقدس، واثقين أن الله يأتي بالفتح والتأييد. ويقول تعالى: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِير) (البقرة:120).

نناشد المخلصين من أبناء أمتنا أن يتدبروا هذه الآيات القرآنية

فنناشد المخلصين من أبناء أمتنا، أن يتدبروا هذه الآيات القرآنية، وكأنها نزلت الآن لتبين واقعنا مع اليهود والنصارى، ويحذروا من هذه المؤامرة الجديدة. فنحن لا نريد أن تخرج القدس من قبضة الصهيونية لتقع في قبضة البابا وأتباعه، وهو من عرف عنه الحماسة لتدويل القدس واصطياد المناسبات لذلك منذ أن جاء لكرسي البابوية في روما.

وليعد البابا إلى تاريخ آبائه في حربهم الصليبية والتي ما زالت قائمة، ليعد إلى ما كتبه «ريتشارد» قلب الأسد «وغودفراي» «الذي أسال دماء المسلمين حتى ركب الخيول»

والأفعى المتقلب الغادر «أرناط» و«اللنبي»، وعندئذ فسيدرك حقيقة تغافل عنها.

يوم حاز قومه القدس مائة عام ووجدوا من يساعدهم من أبناء المسلمين الذي فقدوا الإيمان والقيم.. ثم استردها المسلمون سادة أعزة، استردها ليعيش النصارى واليهود آمنين في ظل الإسلام الوارف.

الإسلام لن يعدم وجود أمثال عماد الدين ونور الدين وصلاح الدين

وإن الإسلام العظيم لن يعدم أمثال عماد الدين ونور الدين وصلاح الدين، ويومئذ يعود الأمن إلى ربوعنا بعد أن ضاع في عهدكم عهد إخوانك الصهاينة.

إننا على ثقة أنه سيتلاشى هذا الظلام، وينبلج الفجر من جديد، ولقد وعدنا الله بالنصر والتمكين.

(إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) [1].

للمزيد:  

- لمن تُدق الأجراس في «تل أبيب»؟!

- كيف يسيطر اليهود على أمريكا؟

- الكويت تقود معركة الدفاع عن القدس بالمحافل الدولية وتمثل عمقاً للشعب الفلسطيني

- الحركة الصهيونية.. عوامل النهوض والانهيار

- الحركة الصهيونية.. عوامل النهوض والانهيار

- أيها المنهزمون.. اتركوا الساحة لأهل الجهاد في فلسطين!

- القدس ستبقى همنا الأكبر مهما كثرت المشكلات

- محاولة لفهم الجذور الثقافية للتأييد الأمريكي المطلق لـ«إسرائيل»

- خطأ مقولة: «نقبل بما يقبل به الفلسطينيون»!

- عرفات وفتح والتيار الإسلامي

- صوت الضمير في الغرب

 


[1] - مجلة المجتمع، العدد (182)، 8 ذو الحجة 1393هـ / 1 يناير 1974م، ص8. 

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة