– أكثر من 20 مليون شخص في 4 دول يواجهون خطر الموت جوعاً
– موجة المجاعة الحالية غير مسبوقة وهي الأسوأ منذ نشأة الأمم المتحدة عام 1945
– العقاب الجماعي لليمنيين لم يفعل شيئاً للحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من البلاد
– المزارعون الأمريكيون مستفيدون من النكبات في أفريقيا ببيع محاصيلهم لبرنامج الغذاء العالمي
– دخل الأمم المتحدة قليل لا يوازي حجم المجاعات والنكبات التي تحدث بالعالم في وقت واحد
– خطة الاستجابة الإنسانية لجنوب السودان تتطلب 1.6 مليار دولار لم يتم تمويل سوى 9.3% منها
حذرت الأمم المتحدة من أن العالم يواجه أسوأ أزمة إنسانية منذ عام 1945م، وأطلقت نداء عاجلاً للمساعدة من أجل تجنب وقوع «كارثة»، خاصة في الصومال ونيجيريا واليمن؛ حيث يواجه 20 مليون شخص مجاعات في هذه الدول، جاء هذا التحذير بعد يوم من إعلان دولة جنوب السودان أنها تعيش مجاعة، وشددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) على أن 1.5 مليون طفل قد يموتون جراء الجوع هذا العام.
قال «ستيفن أوبراين»، مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أمام مجلس الأمن: نشهد حالياً مرحلة حرجة من التاريخ، نواجه بالفعل منذ بداية العام أكبر أزمة إنسانية منذ إنشاء منظمة الأمم المتحدة، وأضاف: هناك أكثر من 20 مليون شخص في عدة دول يواجهون خطر الموت جوعاً، وبدون جهود دولية جماعية ومنظمة فسوف يموت الناس جوعاً، كما سيعاني المزيد منهم من الأمراض.
وتابع: الأطفال أصابهم الوهن وتركوا التعليم، سيضيع الأمل والمستقبل وسبل الحياة، فقدت المجتمعات قدرتها على التعافي السريع، تلاشت مكاسب التنمية، سيصبح الكثيرون مشردين وسيواصلون النزوح طلباً للنجاة؛ ما سيؤدي لمزيد من عدم الاستقرار في كل المناطق، وحث المسؤول الأممي على توفير 4.4 مليار دولار بحلول يوليو المقبل، لتجنب وقوع كارثة.
هي إذن مجاعة غير مسبوقة، وهي الأسوأ منذ نشأة الأمم المتحدة عام 1945م، ولكن هل هي من صنع الإنسان؟
مجاعة أم تجويع؟
إن الحروب والنزاعات هي جذور المشكلة؛ لذا فالمجاعات الحالية تقع في بقع الحروب والنزاعات؛ حيث تؤدي الحروب إلى ترك السكان لأراضيهم الزراعية فيهلك الحرث والنسل، وتمنع الحروب الطرق الآمنة لوصول الإغاثة؛ لذا فالباحث عن الحل – مثل الأمم المتحدة – لا بد أن يعطي الجوعى طعاماً بيد، ويجذب المتنازعين بيد أخرى للتفاوض والسلام.
تاريخياً توصل أحد الباحثين في كتاب منشور بعد دراسة 8 آلاف مجاعة خلال 6 آلاف عام؛ أن المجاعات من صنع الإنسان، إذ إن المؤثرات الطبيعية قد تؤدي إلى فشل المحصول في موسم ما، ولكن المجاعات من صنع البشر(1).
وفي المجاعات الراهنة يجمع كثير من المحللين والساسة (انظر مجلة «التايم»، «الفورن بولسي»، «الإذاعة البريطانية»، تصريحات وزير الخارجية الأمريكي، وزير الخارجية النرويجي) أنها من صنع الإنسان الظلوم الجهول (2 – 5)، ففي جنوب السودان منعت الحرب الداخلية الأهلية – التي أودت بأرواح أكثر من 50 ألف شخص – المزارعين من زرع أو حصد أي محصول في السنوات الثلاث الأخيرة، والأدهى من ذلك مؤخراً أن تطلب حكومة السودان الجنوبي 10 آلاف دولار لحصول عامل الإغاثة على تأشيرة الدخول، وفي الصومال لا حكومة هناك تعبأ بأرواح مواطنيها، بل هي فوضى عارمة وحروب طاحنة تأتي على الأخضر واليابس، وفي اليمن تجويع لأهلها بسبب أرباب الحروب.
وفي السياق نفسه، نشرت صحيفة «الإندبندنت»، في نسختها الإلكترونية، مقالاً كتبه النائب في مجلس العموم البريطاني «أندرو ميتشل»، يقول: إن المنظمات الخيرية البريطانية تسعى إلى توصيل الغذاء والمساعدات الطبية والإنسانية التي اشترتها بأموال الشعب البريطاني إلى اليمن، بينما تشن الحملة العسكرية على اليمن – بدعم من بريطانيا – غارات على الموانئ التي تمر منها هذه المساعدات.
ويضيف أن الأحداث السياسية المتعاقبة جعلتنا نغفل اليمن الذي يقترب شيئاً فشيئاً من المجاعة، ولكنه يوضح أن المجاعة في اليمن مختلفة عن المجاعات الأخرى؛ لأنها من صنع الإنسان، فاليمنيون، على حد تعبيره، ليسوا في مجاعة، وإنما يتعرضون للتجويع، وبريطانيا متواطئة في ذلك بسبب سياستها، ويذكر الكاتب أن المنظمات الخيرية والمسؤولين في منظمة الأمم المتحدة حذروا من أن وصول المعارك إلى ميناء الحديدة الرئيس قد يكون له عواقب وخيمة.
ففي الظروف العادية تدخل 80% من الواردات اليمنية المختلفة من الحديدة، ويستورد اليمن 90% من غذائه، ويرى «ميتشل» أنه ليس من مصلحة بريطانيا ولا من مصلحة أحد أن تجتاح المجاعة اليمن، فالعقاب الجماعي لليمنيين لم يفعل شيئاً للحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من البلاد(6).
أهم هيئات الأمم المتحدة المشاركة في المساعدة:
وفي هذا السياق، يجدر إلقاء الضوء على أبرز الهيئات الأممية المشاركة في مواجهة مثل هذه الكوارث في العالم، ومصادر الإغاثة التي تعتمد عليها:
1- مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية:
هو مهتم بنشر إحصاءات وتحليلات الحاجة للعون بالتعاون مع هيئات عدة في مختلف الفروع (الأمن الغذائي، الماء، الخدمات الصحية، الصرف الصحي)، وكل هيئة لها برنامجها، ويقوم مكتب التنسيق أيضاً بتطوير مناشدات طلب التمويل نيابة عن هذه الهيئات.
2- برنامج الغذاء العالمي:
هو أكثر هيئات الأمم المتحدة انشغالاً بالمجاعة، ونسبة كبيرة من معونات الغذاء تأتي من المزارعين الأمريكيين الذين يحظون بدعم مالي حكومي يؤدي إلى محصول وفير للغاية؛ فكأن هناك استفادة مالية لهؤلاء المزارعين بسبب النكبات في أفريقيا! وذُكِر لي أن هناك نقاشاً في السودان كي يشتري برنامج الغذاء العالمي كميات من الذرة البيضاء من السودان وتوصيلها للجنوب من خلال ممر إنساني آمن مما يساعد اقتصاد السودان.
3- منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة:
ترعى أنشطة عون المزارعين في أمور الزراعة والأدوات والماشية واللقاحات والتدريب، لتمكين المزارعين من الاكتفاء الذاتي وعدم الاعتماد على معونات الغذاء.
وحسب موقع المنظمة، فإن المحاصيل العالمية قوية، ولكن يبقى الجوع في مناطق الصراع المزمن، وهناك 37 دولة في حاجة إلى المساعدات الغذائية.
معاناة الأمم المتحدة
وللأسف؛ تعاني الأمم المتحدة من مشكلات الدعم المالي لشؤون الإنسانية، فالدخل قليل لا يوازي حجم المجاعات والنكبات التي تحدث في وقت واحد في العالم، وفي هذا الوقت يشرئب «ترمب» برأسه طالباً خفض المساهمة الأمريكية للأمم المتحدة بدرجة كبيرة؛ وهو ما سيؤثر سلباً على الأنشطة الإنسانية.
وكشف الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريس»، الشهر الماضي، عن تلقي الأمم المتحدة 90 مليون دولار فقط في عام 2017م لمواجهة تلك الأزمات، رغم وجود تعهدات كثيرة سابقة، وحث «جوتيريس» العالم على زيادة الدعم المالي للدول الأربع ذات المجاعة.
وسبق أن أطلقت الأمم المتحدة في 8 فبراير مناشدة عاجلة بخصوص اليمن فقط تهدف إلى جمع 2.1 مليار دولار لتوفير الغذاء والمساعدات الإنسانية العاجلة لنحو 12 مليون يمني مهددين بالمجاعة، وسط تحذيرات من أن البلد على شفا المجاعة.
وبالنسبة للصومال؛ وجهت الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني نداء لجمع 825 مليون دولار لدعم 5.5 مليون شخص لمدة ستة أشهر، وحذر الأمين العام من أنه بدون هذا الدعم سيشهد العالم مأساة غير مقبولة على الإطلاق لا يستحقها الشعب الصومالي.
وصرح المتحدث بِاسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن خطة الاستجابة الإنسانية لجنوب السودان تتطلب للعام الحالي 1.6 مليار دولار، ولكن في الوقت الراهن لم يتم تمويل سوى 9.3% منها، وناشد برنامج الأغذية العالمي توفير دعم قدره 950 مليون دولار لمساعدة أكثر من 7 ملايين شخص في اليمن هذا العام، ويحتاج البرنامج إلى ما يقرب من 460 مليون دولار خلال المدة من مارس وحتى أغسطس لكي يتمكن من تغطية كامل الاحتياجات الغذائية لمن يأمل في الوصول إليهم.
الهوامش
(1) The Geography of Famine, by William A. Dando. Arnold, London, 1980.
(2) South Sudan’s Man–Made Famine
The country›s warring leaders have left their citizens with two options – flee or starve
http://foreignpolicy.com/2017/02/27/south–sudans–man–made–famine/
(3) Somalia: A Very Man–Made Disaster
http://world.time.com/2011/08/18/somalia–a–very–man–made–disaster
(4) Are Famines Always Man–Made?
http://www.bbc.co.uk/programmes/p04w1b07
(5) Norway: South Sudan crisis is man–made, government must act
Associated Press 21 March 2017
(6) «الإندبندنت» 19/3/2017م، بريطانيا متواطئة في معاناة أطفال اليمن
http://www.bbc.com/arabic/