أنهى الطفل ياسين الحلواني (13 عاماً) من بلدة بيت حنينا في القدس حفظ 26 جزءاً من القرآن الكريم، ويطمح لإتمام حفظه كاملاً مع حلول العام القادم، أما أسماء الأطرش (15 عاماً) من بلدة صورباهر، فقد أنهت حفظ 16 جزءاً وتحمل الطموح ذاته في إتمام الحفظ.
انتسب ياسين وأسماء إلى مركز زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن في بلدة صور باهر جنوب القدس، إلى جانب نحو 500 طالب وطالبة من مختلف الأعمار والمناطق في المدينة.
بدأت أسماء رحلة الحفظ منذ 4 سنوات، وتروي لـ”الجزيرة نت” أن مُدرّسة القرآن كانت تأتي إلى مدرستها باستمرار لتتابع حفظها، إضافة إلى زيارتها للمركز القريب من بيتها، لم يكن المركز قريباً من بيت ياسين، لكنه يداوم على زيارته أسبوعياً لتثبيت الحفظ، إلى جانب زيارته للمسجد الأقصى الذي تعقد فيه حلقات الحفظ التابعة للمركز.
ميادين متنوعة
يقول الشيخ عبدالرحمن بكيرات، أحد المشرفين على مركز زيد بن ثابت: إنهم يسعون لربط الأطفال بالمسجد الأقصى وإعماره من خلال تخصيص يوم معين يأتي فيه الأطفال إلى المسجد لقراءة القرآن وحفظه، ويؤكد أن المركز يتواصل مع 30 مدرسة في القدس ويستقطب الطلبة الراغبين في حفظ القرآن ويتابعهم في مدرستهم.
تتطوع نادية دويّات في مركز زيد بن ثابت منذ 10 سنوات، وتقوم بتحفيظ الطلبة القرآن في المركز وتتابعهم في مدراسهم والمسجد الأقصى، ويترّكز جهدها الرئيس في زيارة المدارس بشكل يوميّ والتواصل مع الطلبة وتحفيزهم بالهدايا، وتكريمهم عبر الإذاعة المدرسية أمام زملائهم وأستاذتهم.
وتقول نادية: إنها تسعى أيضاً للتواصل مع ذوي الطلبة الذين يرافقون أطفالهم ويدعمونهم أثناء حفظهم، كما تساعد الطلبة للمشاركة في مسابقات القرآن التي تعقد داخل القدس وخارجها؛ وهذه مهمات تحتاج لكثير من الصبر والحلم وحسن المعاملة.
خرّج مركز زيد بن ثابت منذ تأسيسه عام 1999م العشرات من حفظة القرآن الكريم، أكبرهم يبلغ سبعين عاماً، وأصغرهم 12 عاماً، كما يعد المركز من أكبر دور تحفيظ القرآن في القدس وأكثرها فاعلية، وبناؤه يلتصق بالمسجد العمري في صورباهر.
ويقول بكيرات وهو إمام المسجد أيضاً: إن نحو 20 متطوعاً ومتطوعة ممن انتسبوا للمركز في صغرهم عادوا إليه ليُعلموا الطلبة ما تعلموه، وهم يشرفون اليوم على نشاطات المركز المختلفة.
يفتح المركز في مقره بصورباهر صفوفاً دراسيّة لتحفيظ القرآن وتعليم تلاوته وأحكام تجويده لكافة الأعمار من كلا الجنسين، إضافة إلى إنشائه أكاديمية للعلوم الشرعيّة تتلقى فيها النسوة محاضرات تربوية وعلوماً شرعيّة.
ولم يُستثن الأطفال تحت سن المدرسة من هذه النشاطات، حيث خُصصت نشاطات لتلقين القرآن لمن هم دون السادسة من العمر، بحيث يُردد على مسامعهم في جو من التحفيز واللعب.
تضييق وتهديد
يهدف مركز زيد بن ثابت بحسب القائمين عليه إلى تخريج حفظة للقرآن في القدس والاهتمام بكفاءتهم لا عددهم، إضافة إلى إصلاح الأسرة المقدسية وربط الطفل وأسرته بالقرآن والمسجد الأقصى، وهو يتبع بشكل رسمي وزارة الأوقاف الإسلامية الأردنية، لكنه رغم ذلك يتعرض بشكل مستمر لتضييق الاحتلال وتهديداته.
ويؤكد بكيرات أن الاحتلال يطلبه للتحقيق بشكل مستمر، ويهدده بإغلاق المركز الذي سبق أن أغلق عام 2008م لمدة عامين، تعرض حينها بكيرات للاعتقال والسجن عاماً ونصف عام، وألصقت به تهمة النشاط القرآني والتعامل مع جهات إرهابية.
عاود بكيرات التطوع في المركز بعد تحرره، وهو يقول: لن يحول أحد بيننا وبين القرآن، لو اعتقلونا نحيي القرآن في المعتقل، ولو أغلقوا المركز نحييه في المسجد، ولو أغلقوا المسجد نحييه في قلوبنا.