يشتهر المسلمون في تنزانيا بحبهم الشديد لكتاب الله حيث تنتشر مراكز وحلقات لتحفيظ القرآن الكريم في المدن والقرى المختلفة، وانتشرت في العقد الأخير إقامة مسابقات قرآنية كبيرة يحضرها مئات الآلاف من المسلمين يرأسهم مسؤولون كبار في الدولة، وهو يعطي مؤشراً قوياً لوعي هذا الشعب وانتمائهم الثقافي إلى الإسلام.
وقد تكونت جمهورية تنزانيا من اتحاد تنجانيقا وزنجبار، ويتمتع الإسلام بقاعدة واسعة في ذلك البلد الأكبر من شرق إفريقيا، وذلك منذ عصر حكم السلطنة العمانية الذي شمل الساحل الشرقي من القارة الإفريقية، وتعد دار السلام العاصمة الاقتصادية للدولة، ما يجعلها تجلب أعداداً كبيرة من السكان المقيمين.
الحلقات القرآنية
وقد زاد في الآونة الأخيرة انتشار حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المدن والقرى المختلفة داخل مناطق المسلمين، حيث تعد الحلقات القرآنية إحدى البيئات التربوية الفعالة في المجتمع.
وتعد الحلقات القرآنية من أقدم مؤسسات تعليم وتأديب الأطفال في الإسلام حيث برزت مكانة هذه البيئات التعليمية عبر تاريخ الإسلام، وكانت لها وظائف متعددة تتمثل في تعليم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم وأصول العقيدة والعبادات والتأديب على الأخلاق الإسلامية والشمائل والفضائل الحسنة، ولم يكن دورها مقتصراً على حفظ القرآن الكريم فقط كما هي حال الحلقات المعاصرة؛ بل تعتبر إحدى المحاضن المهمة في بناء الأجيال وتربيتهم وتأديبهم على أخلاق القرآن وتعاليمه؛ الأمر الذي جعل هذه الحلقات ضرورة شرعية لرعاية أبناء المسلمين في واقعنا المعاصر، وقد زاد الإقبال عليها والمطالبة بها لأنها ذات أثر إيجابي وكبير في تكوين الميول والاتجاهات لدى التلاميذ سيما في دولة مثل تنزانيا حيث تنتشر فيها الثقافة الغربية بقوة.
غياب التنسيق
ورغم عناية شعب تنزانيا المسلم بالقرآن الكريم وانتشار مراكز وحلقات لتحفيظ القرآن في كل حي في البلد، وإقامة مسابقات قرآنية مهيبة في القاعات وفي الملاعب الرياضية بحضور مئات آلاف من المسلمين، بيد أن هذه الجهود مبعثرة وينقصها التنسيق والتكامل ورؤية واضحة لنهوض بالقرآن الكريم ومؤسساته، من هذا المنطلق جاء دور جمعية تطوير ورعاية القرآن الكريم في تنزانيا، وهي جمعية محلية جديدة متخصصة.
من المؤشرات الإستراتيجية لجمعية رعاية وتطوير القرآن الكريم في تنزانيا هي إيجاد مراكز وحلقات فاعلة لتحفيظ القرآن الكريم، لما لهذا المؤشر من عمق في دعم المسار التعليمي والتربوي في البلد.
والحلقة القرآنية لما تتضمنه من معلمين وإداريين وطلاب هو الأساس الذي تقوم عليه كافة الجهود النوعية في مجال رعاية القرآن الكريم، والعناية بهم يؤهلهم بالقيام بأدوار فاعلة في مراكزهم وحلقاتهم.
ومن ضمن خطتها التنفيذية لهذا العام:
– عمل دليل إدارة المراكز والجمعيات والحلقات القرآنية.
– دليل إنشاء الحلقات النموذجية.
– إعداد المنهج التربوي لحلقات القرآن.
– تنفيذ 6 دورات تدريبية، في كل دورة 30 متدرباً لفئات مديرين ومشرفين ومعلمين.
– تنفيذ 6 ورش عمل لشرح الأدلة للمراكز والجمعيات التي تلقت التدريب العام الماضي وهذا العام، وفي كل ورشة 15 مشاركاً من 15 جمعية.
– بناء 10 شراكات مع الجمعيات القرآنية الكبيرة داخل وخارج الدولة.
– تسويق المشروع للجهات المانحة من أجل استدامة المشروع.
الدورات التدريبية التأهيلية التي نقوم بها:
1- دورة في مهارات تعليم القرآن الكريم، مدة الدورة 6 ساعات، الهدف العام هو: تمكين معلمي الحلقات والمدارس القرآنية أهم المهارات الواجب توافرها في معلم القرآن الكريم مما يمكنه من أداء دوره بكفاءة وفاعلية عالية.
2- مهارات الإشراف على المراكز والحلقات القرآنية، مدة الدورة 6 ساعات، الهدف العام هو: تمكين المتدربين من أهم مهارات الإشراف التربوي على حلقات تحفيظ القرآن الذي يترتب عليه تحسين عملية التحفيظ ومساعدة المحفظين على تأدية مهامهم بسهولة ويسر.
3- أساسيات الإدارة الفعّالة للجمعيات والمراكز القرآنية، الهدف العام هو: تمكين المتدربين من أهم مهارات إدارة جمعيات ومراكز تحفيظ القرآن الكريم من خلال تعلم أساسيات ومبادئ علم الإدارة التربوية ووظائفها المتنوعة وتطبيق أهم تلك الوظائف لإدارة الجمعيات والمراكز التي يعملون بها.
ونأمل من المؤسسات الإسلامية حول العالم أن تبادر بدعم برامج هذه الجمعية الوليدة الطموحة.
(*) رئيس مجلس إدارة جمعية تطوير ورعاية القرآن الكريم في تنزانيا.