* نرحب بكم د. خالد في هذا الحوار مع «المجتمع» التي تحتفل بذكرى مرور 50 عاماً على إنشائها، بداية؛ ماذا تمثّل جمعية الإصلاح بالنسبة للمجتمع الكويتي بحجمها وتاريخها؟
– أولاً نشكركم على هذا اللقاء مع «المجتمع»، ونبارك لها هذه المناسبة السعيدة مناسبة احتفالها بـ«يوبيلها الذهبي»، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه للعمل الصالح بإذن الله.
جمعية الإصلاح الاجتماعي من جمعيات النفع العام والجمعيات الخيرية، التي تزخر بها دولة الكويت، هذه الدولة التي منَّ الله سبحانه وتعالى عليها بالنعم الوفيرة، وأوصلت هذه النعم إلى إخوانها في الإسلام والإنسانية في جميع بقاع الأرض عن طريق الجمعيات الخيرية والمبرات وجمعيات النفع العام، وكان لها صدى كبير، فإذا ذُكرت الكويت ذُكرت منشآتها وعطاؤها لجميع أنحاء العالم، سواء كان هذا العطاء في البلاد الإسلامية أو غيرها.
وجمعية الإصلاح الاجتماعي من أقدم هذه الجمعيات، إذ إنها أنشئت في عام 1963م، على أيدي ناس محسنين خيرين من أهل الكويت، ينشدون الإصلاح في جميع قضاياهم، وأسرهم، ومن هنا انبثق النظام الأساسي لجمعية الإصلاح الاجتماعي، الذي أخذ من نفس جمعية الإصلاح من قوله تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ}(هود: 88).
وهناك الصالحون، وهناك مع الصالحين المصلحون، فنحن نريد مع الصلاح الإصلاح، إصلاح هذا المجتمع، وفق كتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن نربي أبناءنا وأسرنا ومجتمعنا على تعاليم الإسلام وعلى سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى حب هذا الوطن، ووجدنا هذا -بحمد الله- فيما قامت به جمعية الإصلاح الاجتماعي أثناء الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت، من معونات وأهبة واستعداد، كما شارك أعضاء الجمعية في الوفود الشعبية التي انطلقت لتعريف الشعوب بمحنة الكويت، وساهمت كذلك في تكريم أسر الشهداء والأسرى وتقديم الكثير من المعونات والمساعدات في هذا المجال، فجمعية الإصلاح تنحو إلى إصلاح هذا المجتمع، وتساهم في قضاياه.
* في مارس 1970م، بزغ فجر جديد من جمعية الإصلاح إلى الفضاء الإعلامي الإسلامي؛ وهي «المجتمع»، والآن نحن نمر بالذكرى الخمسين لإنشائها، فما إنجازات المجلة منذ بداية إصدارها إلى الآن؟
– لا شك أن «المجتمع» هي الذراع الإعلامية الكبيرة التي تربط جمعية الإصلاح بجميع أنحاء العالم، ومنذ أن صدرت المجلة وتعاقب عليها رؤساء تحرير أسهموا فيها إسهاماً كبيراً، كان لها دور كبير في الكويت والعالم الإسلامي؛ فإذا ذُكرت مجلة «المجتمع» ذُكرت الكويت بطابعها الإسلامي وعملها الخيري وما إلى ذلك، وكان لها دور كبير في إعطاء المسلمين فكرة عن إخوانهم المسلمين في جميع أنحاء العالم، وعن نشاطهم ومشكلاتهم، والعقبات التي يواجهونها، وما يعانونه ويتلقونه من النكبات والمحن.
وبحمد الله، يمر «اليوبيل الذهبي» (50 عاماً) للمجلة منذ إنشائها عام 1970م، وهذا يدل على أنها بحمد الله استطاعت أن تقوم بالتغطية الإعلامية لكل مشكلات المسلمين، في الكويت أو خارجها، وخارج الكويت أكثر، وبحمد الله تطورنا في مجلة «المجتمع»، فأصدرنا المجلة الإلكترونية، والموقع الإلكتروني، وهو يباشر الأخبار أولاً بأول يومياً، وأصبحت المجلة الورقية تصدر شهرياً بدل أن كانت تصدر أسبوعياً، وهي أعلى المجلات التي يحرص عليها المسلمون في جميع أنحاء العالم، وأنا ذهبت إلى كثير من البلاد غير العربية سواء الأوروبية أو الآسيوية، فوجدت المجلة موجودة في السويد، والدنمارك، والنرويج، ووجدتها في أمريكا، فإخواننا المسلمون في تلك البلاد يحرصون على اقتنائها.
* ما رسالتك التي تسديها لمجلة «المجتمع»؟
– أولاً أشكر القائمين عليها، وأشكر الذين تعاقبوا على رئاسة التحرير فيها، من الأخ مشاري البداح رحمه الله، والأخ د. إسماعيل الشطي، ود. محمد البصيري، والأخ بدر القصار، ورئيس التحرير الحالي الأخ محمد الراشد (أبو سالم)، أشكرهم على ما قاموا به من جهد وبذل وعطاء، وتحسين، وترتيب، وتنسيق، وتغطية لجميع أخبار المسلمين في العالم، رغم قلة ما يجدونه من إمكانات وإنفاق، ونشكرهم على ذلك ونتمنى لهم التوفيق، ولا شك أن النسخة الإلكترونية سواء بلغتها العربية، أو الإنجليزية، أكثر انتشاراً في هذا المجال.
* لجمعية الإصلاح كثير من الإسهامات الوطنية، إضافة لما قامت به أثناء الغزو، فما دورها في تحقيق الوحدة الوطنية؟
– جمعية الإصلاح لها حضور في كل قضايا المجتمع، ولها شراكة مجتمعية مع المؤسسات والوزارات، وتتعاون وتنسق معها في كل الأنشطة التي تقوم بها الجمعية، ولها تعاون مع وزارات الأوقاف، والتربية، والتخطيط، والشؤون، باعتبارها من ضمن الجمعيات التي لها دور كبير في مجال المجتمع والشباب، وما إلى ذلك.
وتنسق الجمعية كذلك مع الجمعيات الخيرية الأخرى في جميع قضايا المجتمع، من خلال اتحاد الجمعيات الخيرية والمبرات.
وتقوم الجمعية بدور مهم على مستوى الشباب والجيل الصاعد؛ من قضايا تربوية، واجتماعية، وشرعية، ورياضية، حتى تربي هذا الشاب بدناً وعقلاً وسلوكاً وأخلاقاً، ولذلك تنوعت أنشطتها، سواء كانت خاصة بالرجال أو بالنساء من خلال الأمانة العامة للنساء، التي تقوم كذلك بنفس النشاط، وكذلك في الأمانة العامة للقرآن الكريم.
وتساهم الجمعية في المسابقات التي تقيمها الدولة سواء التي تكون تحت رعاية حضرة صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله ورعاه، أو التي تقيمها الأمانة العامة للأوقاف، وقد حصلنا على درع برونزية في هذا المجال عدة مرات، وكذلك المسابقات التي تقيمها وزارة الأوقاف، والمسابقة الدولية العامة في القرآن الكريم.
وتشارك الجمعية كذلك في إصلاح ذات البين، وفي إقامة الندوات لكل ما يتعلق بقضايا المجتمع، سواء ما يخص الأسرة، أو الشباب، تجد، بحمد الله، عندنا قائمة سنوية لجميع الأنشطة الموجودة.
وهذه الأنشطة التي تقوم بها جمعية الإصلاح ليست وقفاً على المجتمع الكويتي فقط، وإنما من ضمن النظام الأساسي للجمعية أن تباشر أحوال المسلمين في جميع أنحاء العالم.
* هل للجمعية مكتب للتعاون الإسلامي؟
– نعم، هناك مكتب للجاليات الإسلامية العاملة في الكويت؛ فالكويت فيها عمالة، وخصوصاً العمالة الآسيوية، وفيها كثير من المسلمين من الهند وباكستان والفلبين وبنجلاديش، ومن أفريقيا أيضاً، وتهتم الجمعية بالطلبة المبتعثين من قِبلها من أفريقيا أو آسيا، الملتحقين بالمعهد الديني، أو جامعة الكويت في جميع التخصصات، وتقوم الجمعية بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي ووزارة التربية، ووزارة الأوقاف، لإيفاد هؤلاء من بلادهم للدراسة في دولة الكويت، وبحمد الله تعالى قبل أيام قليلة أقمنا حفلاً للمتفوقين في المعهد الديني من هؤلاء المبتعثين إلى الكويت.
وتنطلق الجمعية كذلك من قضايا الأمة، خاصة فلسطين والقدس، التي هي القضية الأولى للمسلمين؛ فالمسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وقد أقمنا مهرجاناً كبيراً للقدس ولفلسطين لمواجهة ما يسمى بـ«صفقة القرن»، ولا شك أن هذه الأنشطة، سواء داخل الكويت أو خارجها، تلمس حاجات المسلمين في شتى أنحاء العالم، سواء كانوا في البلاد العربية أو الإسلامية، وما إلى ذلك من الأقليات الإسلامية في أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتأتي وفود كثيرة إلى جمعية الإصلاح للزيارة والتعارف، ونحن نبتعث بعض الوفود للمشاركة في المؤتمرات، والمساهمة في جميع المراكز الإسلامية بجميع أنحاء العالم.
* لجمعية الإصلاح ذراع خيرية، وهي نماء للزكاة والتنمية المجتمعية، ما دور هذا القطاع في العمل الخيري داخل الكويت؟
– «نماء» هي الذراع الخيرية لجمعية الإصلاح داخل الكويت، ولا شك أنها لجنة مميزة من لجان الزكاة في الكويت، وتقوم بحملات وخاصة في المواسم (افتتاح المدارس، رمضان، الأضاحي)، وكذلك تقوم بحملات تفقُّد للفقراء والمساكين والمحتاجين داخل الكويت، سواء كانوا من الكويتيين أو غيرهم، خصوصاً في افتتاح المدارس، وتقوم بالتنسيق مع المدارس الخاصة، وهي تجمع بين الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام، والتنمية المجتمعية؛ فالمسألة لا تقف عند إعطاء الأموال للفقراء والمحتاجين والمساكين، لكنها تساهم أيضاً في تربيتهم، وتفقُّدهم، والحرص على تنميتهم مجتمعياً، ولذلك أطلقنا عليها اسم «نماء للزكاة والتنمية المجتمعية».
* ما دور المرأة في جمعية الإصلاح؟
– أعضاء الجمعية بحمد الله تعالى، سواء كانوا من الشباب والرجال، أو من النساء، كلهم في عمل واحد، ولا شك أن المرأة لها دور كبير في الدعوة والإرشاد والتوجيه، وأخواتنا -جزاهن الله كل خير- يقمن بتلك الأنشطة المتعددة، ويطلعننا عليها، من خلال تقرير سنوي ودوري، يتناول ما قمن به من أنشطة، وللجمعية أكثر من نشاط في المحافظات الكويتية، حيث يوجد فرع في محافظة الجهراء، ومحافظة الفروانية، ومحافظة الأحمدي، ولها كذلك نطاق عمل اجتماعي في بعض المحافظات؛ لأن مقر الجمعية الرئيس في الروضة بمحافظة حولي، لكن النشاط ممتد من خلال المساجد، والتنسيق مع المساجد في مجال تحفيظ القرآن، والقيام بأنشطة متعددة للمساهمة كذلك مع مراكز التنمية المجتمعية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، التي تنسق معها في هذا الأمر.
وهناك الجانب الفكري، وهو مهم جداً، وهناك الجانب التربوي، وهذه الأنشطة الفكرية والتربوية بدل أن تكون في مقر الجمعية الرئيس، وهو متخم بالنشاط، قمنا بتوزيعها على جميع المحافظات، وأصبح لكل محافظة نشاطها الاجتماعي والتربوي، مع التنسيق مع المقر الرئيس للجمعية.
* تقوم الجمعية بدور ثقافي من خلال معرض الكتاب الإسلامي منذ عام 1994م وإلى الآن؛ فما الرسالة الثقافية التي تقدمها الجمعية للمجتمعات الإسلامية؟
– الكتاب عنصر رئيس في تأصيل الثقافة، ونحرص على أن تتنوع الكتب الشرعية والتربوية بالذات، والتطبيقية في هذا المجال، سواء للأطفال أو المميزين أو الشباب أو الرجال أو النساء، فكل هؤلاء نعطيهم دفعة قوية، لذلك نجد معرض الكتاب الإسلامي من أنشطة الجمعية المهمة، وأحياناً يفتتحه وزراء وكبار المسؤولين في الدولة -افتتحه في إحدى السنوات رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي رحمه الله- ويحضره جمع غفير من المسؤولين، ولا يقتصر فقط على الكتب الشرعية والمراجع، وإنما يتنوع بتطور الأساليب الموجودة، فتجد عنده الكتاب والشريط، والكمبيوتر، والمواقع، وعقد المؤتمرات والحوارات والندوات واللقاءات، فلا يقتصر الأمر على الكتاب فقط، بل يكون متنوعاً؛ حيث يشمل المجال الفكري والتربوي والثقافي بالإضافة إلى بيع الكتب؛ فهو مهرجان ثقافي متكامل، ويُقبل عليه الناس بفضل الله، وهناك مكتبات خارجية تأتي من خارج الكويت، من الدول الإسلامية والعربية، بالإضافة إلى المكتبات الموجودة، بالإضافة إلى مساهمة بعض المؤسسات والوزارات في معرض الكتاب الإسلامي؛ فالأمانة العامة للأوقاف لديها مكان للعرض لأنشطتها من خلال المعرض، وجمعية المنابر القرآنية، وبيت الزكاة، وجمعية الآل والأصحاب.. وغيرها.
* تمتاز جمعية الإصلاح بلجنة «الوفاء»، حبذا لو تعطينا نبذة عن هذه اللجنة؟
– في الجمعية مكتب يسمى «مكتب الوفاء»، والوفاء حثّ الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه الكريم، وحثت عليه سُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والذي يجمعنا في الحقيقة مع إخواني السابقين واللاحقين هو العمل الإسلامي الذي نقوم به، والذي يساهم فيه كل إنسان يرجو من وراء مساهمته الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، ومن هذا الباب يأتي الوفاء.
الوفاء للذين قدّموا وأسهموا إسهاماً كبيراً في إثراء هذه الجمعية والعمل الإسلامي، وكذلك من توفاهم الله؛ فنقوم بدعوة أهاليهم وأولادهم وآبائهم وأمهاتهم لتكريمهم.
وهناك كتيب من ثلاثة أجزاء، فيه صور للذين توفاهم الله، وإسهاماتهم في نشاطات الجمعية، وما قاموا به.
بالإضافة إلى أن «مكتب الوفاء» يقوم بالإعلان من خلال موقعه عبر الشبكة العنكبوتية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن المرضى من إخواننا، سواء كانوا في الكويت أو خارجها؛ حيث يقوم المكتب بتشكيل لجنة من أجل زيارتهم في مقر سكنهم، أو في المستشفيات التي يتعالجون فيها، والدعاء لهم، وأحياناً يشركونني في الذهاب معهم إلى زيارتهم.
لذا لا بد أن يكون بيننا وبين إخواننا وأهاليهم صلة الوفاء والمحبة، وهذه الصلة يحبها الله سبحانه وتعالى ورسوله.
* كلمة أخيرة.
– أشكركم جزيل الشكر، كونكم جعلتموني أتذكر كل ما نقوم به، ونشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه وآلائه، التي تربينا فيها، وهذه الجمعية بعد الله تعالى هي التي حفظت لنا إيماننا بعملها وتربيتها، سواء كنا طلاباً، أو أساتذة، أو كنا في الخارج؛ لذا نسأل الله تعالى للجمعية ولمن قام بها ولشبابها ونسائها ورجالها ولمن تغمدهم الله برحمته، الأجر والثواب.