أكد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية د. أسامة العبد أنه مع ظهور وتقدم التكنولوجيا الرقمية تغير العالم تغيراً واسعاً وكبيراً، وصارت المجتمعات المعرفية قائمة على الثورة الرقمية، ونجم عن ذلك تطور الحياة الإنسانية، وصار التعليم الرقمي أساسًا في التوظيف الاجتماعي وحل المشكلات للفرد والجماعات، ومع هذا التقدم والتطور لم يعد المنهج التقليدي في الجامعات كافيًا لتحقيق الهدف المرجو.
جاء ذلك في كلمته أمام المؤتمر الافتراضي “الجامعات والتحول الرقمي.. الفرص والتحديات” الذي عقدته رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية وجمعية كليات الإعلام العربية، الذي تم عقده بمقر كلية الإعلام جامعة القاهرة تحت رعاية رئيس رابطة الجامعات الإسلامية د. محمد بن عبدالكريم العيسى.
العبد: التحول الرقمي فرصة لجامعاتنا لتطوير مناهجها
وأضاف بأن المجتمعات المعاصرة شهدت في العقدين الماضيين تطورات متسارعة في كافة مجالات الحياة، وقد أفرزت هذه التطورات عديداً من المفاهيم الجديدة منها على سبيل المثال لا الحصر مجتمع الثورة المعرفية، والثورة التكنولوجية، والتعليم الرقمي وغيرها، مما يعني التقدم العلمي والتكنولوجي لذا وجب النهوض بالجامعات الإسلامية بتطوير طرق التدريس والتدريب لتساير التطور التكنولوجي العام.
وشدد على أن التحول الرقمي صار واحداً من أبرز الاتجاهات في كافة القطاعات وتستطيع الجامعات من خلاله الإسهام في حل المشكلات والأزمات والتوافق مع متغيرات العصر ومتطلباته وبناء المعرفة في المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة، مضيفاً بأن ذلك يحتاج إلى تعليم جامعي متطور في جميع أركانه منفتحاً على التقنية الحديثة، ويسهم في الإبداع والابتكار والتقدم التعليمي والازدهار المعرفي والتميز البحثي.
ونوه إلى أنه إذا كانت بعض الجامعات تواجهها العديد من التحديات في الداخل والخارج، فإن قوة الإرادة وصدق العزيمة سوف تحول ذلك إلى إيجابيات تخدم المجتمع بالقيادات التعليمية والإدارية الحكيمة الواعية التي تتعرف على أبرز التجارب العالمية للتعليم الرقمي والاستفادة منها.
التحول الرقمي يتطلب إستراتيجية محددة
ولفت العبد الانتباه إلى أن التحول الرقمي في التعليم يعتمد على الفهم والبحث والتجربة والابتكار وفق إستراتيجية محددة تضعها وزارات التعليم العالي في كافة أنحاء العالم لتسهيل عملية التعليم والوصول إلى مستوى متقدم يختلف اختلافاً كلياً عن الطرق التقليدية القديمة.
ومن جانبها، أكدت الباحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الإمام محمد الخامس بالرباط د. نور القروبي أن الجامعات العربية والإسلامية تواجه اليوم مسؤولية كبيرة فيما يتعلق بموضوع تحديث وتطوير المناهج بشكل يجعلها قادرة على مواجهة الأزمات والكوارث، كما هي حال الظرفية التي فرضها فيروس كورونا على العالم.
ولفتت الانتباه إلى أن الاهتمام والعناية الفائقـة بالمؤسـسة التعليمية يرجع لكونها المسؤولة مسؤولية مباشرة عن صـنع الأجيـال مـن خــلال رسـم الـسياسات، وتحديـد المنطلقات، وتوجيه الطاقات الشابة توجيهاً يجعلها تتفاعل مع المجتمع، وتوكل إليها مهمة الإصلاح والتطوير.
القروبي: التطوير ينبغي أن يراعي التكامل بين علوم الدين والدنيا
وأوضحت أنه على الرغم من أن تحديث وتطوير المناهج هي مهمة تقوم بها وزارة التعليم من وقت لآخر، فإنه لا بد من اعتماد فكرة التكامل بين القيم والمعارف من جهة، وبين علوم الدين وعلوم الدنيا من جهة أخرى.
وضرورة إعـادة النظـر في أهـداف المناهج التعليمية ومحتوياتها في ضوء الواقع لتغدو مواكبة للعصر والاستفادة القصوى من التكنولوجيا الحديثة في نقل المعرفة في الجامعات الإسلامية والمؤسسات التعليمية على حد سواء.
ومن جانبه، أوضح عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة د. سامي الشريف أن تغلغل التكنولوجيا الحديثة في كل المجالات أدى إلى تغيير حاسم في طبيعة الخدمات والمنتجات والمعارف ومفهوم عنصر الزمن وفي عام 2015 أُطلق المنتدى الاقتصادي العالمي مبادرة التحول الرقمي (Digital Information Initiative) كجزء من مبادرات متعددة أطلقها العالم لتشكيل المستقبل.
الشريف: مطلوب هيكلة المعاملات والخدمات إلكترونياً لتلافي الروتين
هيكلة المعاملات والخدمات إلكترونيًا
ولفت الشريف الانتباه إلى أن جوهر التحول الرقمي وفلسفته في الجامعات يكمن في تغيير أنماط وأساليب تعامل وتفاعل أعضاء هيئة التدريس والعاملين والطلاب وجميع المستفيدين من الخدمة التعليمية، مع ضرورة تنظيم المعاملات والخدمات المختلفة وإعادة هيكلتها إلكترونياً للتغلب على مشكلات الروتين والبيروقراطية الشائعة.
وأشار إلى أن جائحة كورونا التي واجهها العالم أسهمت في الإسراع باتجاه المؤسسات التعليمية والجامعات نحو التحول الرقمي، والاعتماد على نظم وأساليب تكنولوجية متطورة للتغلب على حالة التوقف والإغلاق التي واجهتها كل جامعات العالم.
ولفت الانتباه إلى أنه سيكون من الصعب جداً عودة التعليم الجامعي بعد انتهاء الجائحة لما كان عليه من قبلها، لأن مسيرة التحول الرقمي بدأت بقوة تحت تأثير كورونا ولن تتوقف لا سيما مع توفر الإمكانيات التكنولوجية الداعمة لهذا التحول.
مصطفى: التعليم التقليدي غير ملائم لإعداد أجيال قادرة على المنافسة
وأشارت الأمين العام لجمعية كليات الإعلام العربية وعميد كلية الإعلام جامعة القاهرة د. هويدا مصطفى أن مجتمع المعرفة وتحدياته فرض تحولات تربوية في الجامعات، في سياساتها، وإستراتيجياتها، وأهدافها، وإدارتها، ومناهجها، وبرامجها، وطرق وأساليب التدريس، ونظم الامتحانات والتقويم، وكان من أهم الأدوار التي يفرضها مجتمع المعرفة على الجامعات التوظيف المكثف لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتحول من استهلاك المعرفة إلى إنتاجها.
وأكدت أن التعليم التقليدي أصبح غير ملائم لإعداد أجيال قادرة على المنافسة في عصر المعرفة، وحل محله أساليب أخرى تعتمد على الاستنتاج والمنطق، واستخدام أساليب المحاكاة والواقع الافتراضي والتعليم التفاعلي والتعليم المبرمج.
وهذه الأساليب لا يمكن تحقيقها بالطرق التعليمية التقليدية، وإنما باستخدام التكنولوجيا والتحول إلى التعليم الرقمي الذي يهدف إلى خلق أجيال مسلحة بالوسائل والمهارات المطلوبة للدخول إلى العصر المعرفي.
تطوير طرق وتقنيات التدريس
وأضافت هويدا بأنه من أجل النهوض بالجامعات في عصر المعرفة والتحول الرقمي، فإن الأمر يقتضي تحسين وتطوير طرق وتقنيات التدريس والتدريب لتتوافق مع التطور العام لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، حيث إن هذا التطور فتح لميدان التعليم والتدريب آفاقاً جديدة وكبيرة في: الوسائل المتاحة، والإمكانات والتقنيات الجديدة المستعملة، والمضامين التعليمية المتطورة والحديثة، وأصبحت الجامعات
واختتمت كلمتها قائلة: إن التحول الرقمي في الجامعات أصبح اتجاهاً عصرياً يتوافق وطبيعة متغيرات العصر ومتطلباته، وشرطًا لبناء المعرفة في المجتمع، وأصبحت عملية توظيف تلك المعارف الطريق الرئيس لتحقيق التنمية، فالتعليم الرقمي من الأدوات الفاعلة للتحول الرقمي، وأصبح ذلك التحول بحاجة إلى نظام إداري ملائم.
ومن جانبه، أكد أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة د. محمد البشاري أن جائحة كورونا التي واجهها العالم أسهمت في إسراع المؤسسات التعليمية والجامعات سواء العربية أو الإسلامية أو العالمية نحو التحول الرقمي، والاعتماد على نظم وأساليب تكنولوجية متطورة للتغلب على حالة التوقف والإغلاق التي واجهتها.
وأشار إلى أهمية الرقمنة باعتبارها الوسيلة الوحيدة لإيصال المعلومة، وإبقاء الطلاب على تواصل مع العملية التعليمية خصوصاً في مراحل التعليم العالي.
وأوضح البشاري أن الطلاب تعودوا على هذا النظام الجديد -الرقمي- وانغمسوا في وسائل التحول الرقمي مشيراً إلى ضرورة سن تشريعات تعمل على مصاحبة ما بعد التحولات الرقمية.
توصيات المؤتمر
وفي نهاية المؤتمر أوصي المشاركون فيه بما يلي:
– إن التحول الرقمي في الجامعات ضرورة تُمليها التطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم التي تتجه به نحو تحقيق مجتمع المعرفة، إلا أنه يجب التأكيد على أن التحول الرقمي ليس بديلاً عن النظام الجامعي الحالي، بل هو أسلوب ونمط جديد يعتمد على استخدام إدارة المعرفة والمشاركة الواسعة من الطلاب، والخبرات المتراكمة في إثراء نظم التعليم الحالية بإمكانيات وتقنيات حديثة.
– إن الجامعات العربية والإسلامية مدعوة وبشدة إلى اتخاذ كافة التدابير لدخول عالم التحول الرقمي، وإن هذا التحول يجب أن يتم بشكل مرحلي وتدريجي وانسيابي ومنظم ومتزامن مع سرعة الإنجاز وفقاً لإمكانيات كل جامعة.
– العمل على جذب الاستثمار العربي الإسلامي لتطوير البنية التحتية للجامعات العربية والإسلامية لتطوير صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبناء قاعدة بيانات لكل أنشطة التكنولوجيا في مختلف قطاعات التعليم المختلفة لكل أنشطة التكنولوجيا في مختلف قطاعات التعليم المختلفة.
– إن الجامعات العربية والإسلامية مُطالبة بتطوير المناهج التي تقوم بتدريسها للطلاب وغربلتها لتكون متوافقة مع الطفرة التكنولوجية التي وصل إليها العالم، كما أنها مطالبة باستحداث برامج وتخصصات علمية جديدة تتوافق وأحدث ما توصل إليه العلم الحديث، وتحقيق التميز والتنوع في برامجها.
– المطالبة بإعداد وتأهيل بنية تنظيمية حديثة ومرنة وقيادات واعية تساند التطوير والتغيير وتدعمه وتتعامل بكفاءة مع تكنولوجيا المعلومات، وتكون قادرة على الإبداع والابتكار وإعادة هندسة ثقافة التحول الرقمي وتوفير الإمكانيات المالية والمادية اللازمة لاستمرارية هذا بنجاح.
– إن الدول العربية والإسلامية مطالبة بالعمل البناء على إنتاج وتوطين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات بدلاً من الاقتصار على شرائها واستهلاكها.
– إن التحول الرقمي يحتاج إلى إصدار حزمة من القرارات والتشريعات وتوفير بيئة تشريعية تعترف بنظام التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد وتضبط أداءه في جامعاتنا.