لعلك، بداية، تتساءل أيها القارئ الكريم حول العنوان المؤطر أعلاه، ومن المعني بهذه الوسائل أولاً، وما الوسائل هذه التي نعنيها في العنوان؟ وما أثرها تلك الوسائل على الأجيال والمجتمعات؟!
من أهم هذه الوسائل اثنتان، وسأركز على هاتين الوسيلتين لأهميتهما الخطيرة والعظيمة إيجاباً بالخير، وسلباً بالشر.
الوسيلة الأولى: “مناهج التعليم وأثرها مع مرور الزمن على صناعة الأجيال وتماسك المجتمع”.
الوسيلة الثانية: “الخطاب الإعلامي وأثره على تكوين ثقافة الأجيال من حيث المهم والأهم ثقافياً ومعرفياً وخدمته لوسائل التعليم، وأثره على ولاء الأجيال ونظرتهم لبلادهم ومجتمعاتهم ونظرتهم في وللآخرين”.
هاتان الوسيلتان يجب الاهتمام بهما بشكل مطرد ومستمر تقويماً وتقييماً وتعديلاً وتطويراً، وذلك لمواكبة التطور والأحداث المتسارعة التي تدور وتجري في الساحة عالمياً وإقليمياً ومحلياً.
نبدأ حديثا حول الإعلام والخطاب الإعلامي ومحتواه وأثره على صناعة الأجيال، وكيفية استخدامه كآلية ووسيلة تدعم إيجاباً صناعة الأجيال المطلوبة للعباد والبلاد.
لا شك أن للإعلام الدور الخطير والكبير على المجتمع والأجيال؛ إن كان خيراً فخير، وإن كان غير ذلك نسأل الله السلامة والعفو والعافية.
الإعلام له دوره المهم داخل المجتمع، ودوره الأخطر في صناعة الأجيال، فوسائل الإعلام هي المصدر الأهم اليوم في بناء الثقافة المجتمعية والفكر والتوعية، ورسم المستقبل والقابل من الأيام، والإعلام له تأثيره الكبير في تكوين الثقافة العفوية إذا جاز لنا التعبير، والثقافة الجماهيرية، التي لها الأولوية من حيث النشر والتداول في المجتمع، وله دوره الكبير في تكوين الآراء وصناعة التعايش الأفضل بين الكتل والأعراق والأطياف المجتمعية وتعاونها للنهوض بالمجتمع والبلاد، ولا ينبغي أن ننسى تأثيره على التطوير الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، بل وجميع مناحي الحياة.
الإعلام له دوره الإيجابي في طرح القضايا أو ما يحتاجه المجتمع من تنوير في هذا الأمر أو ذاك، وفي كل الجوانب من القضايا والموضوعات السياسية والتربوية وغيرها، ولكن الإعلام في حال تعاونه مع جهات التربية والتعليم سيكون دوره أكبر من الدور الخبري المعلوماتي والثقافي المحدود، سيكون حينها له الدور المهم والخطير في صناعة الأجيال، ومن ثم لا يناقض نفسه فيما يطرح لأنه سيكون ملتزماً بمنهج توجيهي وتربوي معين حينها من أجل صناعة أجيال المستقبل، كما للإعلام أثره على المستثمر وأصحاب رؤوس الأموال، فهو له أثره الكبير على ما هو أرقى وأهم بالنسبة للوطن؛ وهم الشباب والأجيال، وقد أظهرت دراسات عديدة أثر الإعلام ووسائله على الإنسان عموماً وصناعة الأجيال سلباً أو إيجاباً، والإعلام من الطبيعي أن يساهم بشكل مباشر وقوي وخصوصاً التلفزيون بالنسبة للطفل، فهو وسيلة خطيرة في برمجة الأطفال وتلقينهم المعرفة وتعليمهم الأخلاق والولاء والانتماء، ولكن بالنسبة للأطفال يجب أن تكون المتابعة محدودة بزمن معين ومن غير مبالغة فيها من حيث المكوث أمام الشاشة!
وللإعلام، كما هو معلوم، عدة وظائف، منها توصيل المعلومات بما يخص البلاد والجمهور، وبما يخص المستقبل، وأيضاً التوجيه في تعزيز الإيجابيات وتقويم السلبيات، والإعلام أحياناً كثيرة يخلق رأياً ما حول هذه المسألة أو تلك ويحضّر لها الأرضية، والإعلام هو صانع بُعد النظر للجماهير في كثير من المسائل، ومن ثم اعتماد هذه الفكرة أو تلك حسب المصلحة العامة للجميع والبلاد واستباق الأحداث، ومن ثم صناعة حسن الاختيار بالنسبة للشارع أو المجتمع.
ولا شك أن للإعلام دوره الفاعل في معالجة السلبيات في المجتمعات، ولكن هذه تحتاج إلى الطرح الفني اللائق فناً وتشويقاً ليتم الاستحواذ على اهتمام المتابع، فمكافحة التدخين مثلاً، والمخدرات ومزاولة العنف والسمنة وما شابه تحتاج مصداقية راقية ثابتة، وإلى فنية عالية من حيث الطرح والعرض لجذب المتابع شكلاً وبرمجته شعورياً ولا شعورياً في محاربة هذه السلبيات بشكل مباشر وغير مباشر.
فلذلك أتمنى أن تتشكل مجاميع شعبية لمتابعة الإعلام يشارك فيها أهل الاختصاص من علوم الاجتماع وعلوم النفس والإعلام والتربية والتعليم، ويكون مجلس الأمة له دخل فيها وتواصل، لتقدم هذه اللجان الملاحظات والدراسات الإيجابية لخدمة وصناعة الأجيال من خلال المناهج والإعلام، وتكون لها متابعة دقيقة من مجلس الأمة والاستفادة من دراساتها، والأهداف التي تضعها هذه اللجان وما تسعى له من أهداف سامية ومفيدة في صناعة الأجيال خدمة للعباد والبلاد.