- امرأة وجب عليها الحج، ولكن لم يتيسر لها زوج أو محرم تحج معه، أيجوز لها أن تحج في رفقة بعض المسلمين أو المسلمات، أم يجب عليها تأخير الحج إلى أن يتهيأ لها المحرم؟ وما الحكم إذا لم تجد محرماً؟
– الأصل المقرر في شريعة الإسلام ألا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أو ذي محرم لها، ومستند هذا الحكم ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم”.
وعن أبي هريرة مرفوعاً: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم”.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذو محرم”، وعن ابن عمر: “لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم”.
وهذه الأحاديث تشمل كل سفر، سواء كان واجباً كالسفر لزيارة أو تجارة أو طلب علم أو نحو ذلك، وليس أساس هذا الحكم سوء الظن بالمرأة وأخلاقها، كما يتوهم بعض الناس، ولكنه احتياط لسمعتها وكرامتها، وحماية لها من طمع الذين في قلوبهم مرض ومن عدوان المعتدين من ذئاب الأعراض.
هذا، ونود أن نضيف هنا قاعدتين جليلتين:
أولاً: أن الأصل في أحكام المعاملات هو الالتفات إلى المعاني والمقاصد بخلاف أحكام العبادات، فإن الأصل فيها هو التعبد والامتثال دون الالتفات إلى المعاني والمقاصد، كما قرر ذلك الإمام الشاطبي ووضحه واستدل له.
ثانياً: إن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، أما ما حرم لسد الذريعة فيباح للحياة، ولا ريب أن سفر المرأة بغير محرم مما حرم سداً للذريعة.
كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية محفوفاً بالأخطار لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم، بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل، وهذا يجعل الثقة موفورة ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن، ولهذا لا حرج أن تحج مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان، وبالله التوفيق.
العدد (1781)، ص55 – 6 ذو الحجة 1428ه – 15/12/2007م