ما حكم شد الرحال للمسجد الأقصى لكل مستطيع من أهل فلسطين؟
– شد الرحال إلى المسجد الأقصى لكل مستطيع من أهل فلسطين، فيه تحصيل للثواب من أكثر من وجه:
ففيه الصلاة في ثاني مسجد بني لعبادة الله على وجه الأرض، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: “المسجد الأقصى”، قلت: كم كان بينهما؟ قال: “أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل، فإن الفضل فيه” (متفق عليه عن أبي ذر الغفاري).
وفيه ثواب شد الرحال إلى المسجد الأقصى، ففي الحديث المتفق عليه: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى” (متفق عليه عن أبي هريرة).
كما أن المسلم الذي يخرج للصلاة في المسجد الأقصى –وهو يعلم أنه ربما اعتقل، وربما أصيب، وربما استشهد– مرابط له ثواب الرباط، الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: “رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتَّان” (رواه مسلم والترمذي والنسائي عن سلمان).
وهو كذلك مجاهد في سبيل الله له ثواب المجاهدين؛ لذا أدعو إخواننا الفلسطينيين إلى مواصلة ما بدؤوه، من فداء المسجد الأقصى بأموالهم وأنفسهم، فإن الله سبحانه وتعالى اختارهم ليرابطوا في هذه البقعة التي بارك الله حولها، ولم يفعل ذلك سبحانه وتعالى إلا لحكمة، وقد روى أبو أمامة الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك”، قالوا: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: “ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس” (رواه أحمد والطبراني في الكبير عن أمامة، ورجاله ثقات)، وكثير من المسلمين من يتمنى أن يرزقه الله بصلاة مباركة في المسجد الأقصى المبارك، أو بشهادة على أعتابه.
نسأل الله أن يحرر المسجد الأقصى من قبضة اليهود، وأن ينصر إخواننا المجاهدين في فلسطين عامة، وفي القدس خاصة، على عدوهم، وأن يثبت أقدامهم، ويربط على قلوبهم، ويهيئ لهم من أمرهم رشداً، وأن يفتح لهم فتحاً مبيناً، ويهديهم صراطاً مستقيماً، وينصرهم نصراً عزيزاً.
هل يجوز دفع زكاة المال لمشروعات العمل الخيري بالقدس؟
– الجهاد بالمال والنفس فرض على المسلمين، فإن الله سبحانه وتعالى فرض على المسلمين أن يجاهدوا بأنفسهم وأموالهم إذا احتل العدو بلداً من بلادهم، وعجز أهل البلد أن يحرروا أرضهم، فإن عجز المسلم عن الجهاد بالنفس فعليه أن يجاهد بماله، وأن يجاهد بلسانه، وأن يدعو لإخوانه المرابطين على أرض الجهاد والرباط، ويكون ردءاً لهم من ورائهم، وقد نبهتُ كثيراً على أن ما يقدمه المسلم من مال لإخوانه المجاهدين المرابطين في أرض فلسطين ليس تبرعاً، ولا تطوعاً، ولا تفضلاً، ولا إحساناً منه، بل هو قيام ببعض الحق الواجب عليه.
أما دفع الزكاة للفلسطينيين، فقد بيَّن الله مصارف الزكاة فقال: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة: 60)، فالفلسطينيون من مصارفها، وهم يستحقونها من أكثر من وجه؛ فمنهم الفقراء والمساكين، وهم كذلك أبناء سبيل، وهم مجاهدون في سبيل الله، وقد جعل الله سبحانه وتعالى من مصارف الزكاة الثمانية (وَفِي سَبِيلِ اللّهِ)، والمراد به الجهاد، فيُعطى المجاهد من الزكاة ولو كان غنياً، تثبيتاً له وإعانة على الجهاد.
ويدخل في هذا المعني (وَفِي سَبِيلِ اللّهِ) ما تقوم به مؤسسات العمل الخيري، من مشروعات تهدف إلى نصرة الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في القدس، وتثبيته في أرضه، كما أن في الموارد الإسلامية الأخرى ما يمكن الإنفاق به على هذه المشروعات أيضاً، مثل الجهاد بالمال، ومثل الصدقات التطوعية، والصدقات الجارية، ووصايا الأموات، والأوقاف، والمكاسب المحرمة على المسلم من فوائد البنوك وغيرها.
_____________________________________________________
العدد (2156)، ص64 – شوال 1442ه – يونيو 2021م.