أطلقت المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت، أمس الأربعاء، فعاليات المؤتمر الدولي الـ14 «تكنولوجيا الرحم الاصطناعي: استكشاف الفرص والتحديات الصحية والشرعية والأخلاقية والقانونية»، برعاية وزير الصحة د. أحمد العوضي.
محاور المؤتمر
ويجمـع المؤتمـر الدولـي حـول الرحـم الاصطناعي فـي السـياق الإسلامي، الخبـراء مـن دول عـدة لمناقشـة هــذه التقنيــة المســتحدثة ضمــن إطــار المبــادئ الإسلامية علــى مــدى يوميــن، يناقش المشــاركون البحــوث الحاليــة، والتطبيقــات المحتملــة، والآثار الأخلاقية، ومــدى التوافــق مــع الفقــه الإسلامي ووضــع الضوابــط اللازمة لتنظيــم اســتخدامه، ويناقش 6 محاور، هي:
الأول: تقنية الرحم الاصطناعي: الحقائق والمستقبل والتطبيقات.
الثاني: التحديات الطبية: الحالية والمتوقعة.
الثالث: نظرة الإسلام والأديان للرحم الاصطناعي والإشكالات الشرعية.
الرابع: التحديات والضوابط الشرعية والاجتماعية والقانونية.
الخامس: المخاطر الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية وكيف نتعامل معها؟
السادس: العلاقات الدولية ودور الإعلام الواعي في كشف الفرص والتحديات.
تعريف الرحم الاصطناعي
الرحـم الاصطناعي، أو الرحـم الخارجـي، هـو نظـام حيـوي تكنولوجـي متقـدم، مصمـم لتقليـد ومحـاكاة الظـروف الفسـيولوجية ووظائـف الرحـم البيولوجـي، والهـدف الأساسي لهـذه التكنولوجيـا تسـهيل تكويـن الجنيـن بالكامـل داخـل المختبـر، بـدءاً مـن تلقيـح البويضـة حتـى الـولادة، ويتطلـب تطويـر تكنولوجيـا الرحـم الصناعـي نهجـاً متعـدد التخصصـات، يشـمل مجالات مثـل علـم الأحياء التناسـلية وهندسـة الأنسجة وعلـوم المـواد وهندسـة الأجهزة الطبيـة.
ومـا تـزال هذه التقنية محـوراً للأبحاث العلميـة والطبيـة وتطبيقاتهـا المسـتقبلية، وفـي مراحلهـا التجريبيـة الناجحـة علـى الحيوانـات، ولـم تطبـق بنجـاح بعـد علـى البشـر إلا فـي سـرية وحـدود ضيقـة جـداً، ويعتبـر الهـدف الأساسي لهـذه التقنيـة مسـاعدة النسـاء الذيـن لا يمكنهـن حمـل الأجنة بشـكل طبيعـي، وفق المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.
الرحم الاصطناعي
المبررات الطبية للرحم الاصطناعي
وتشير المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية إلى أن تطويـر تكنولوجيـا الرحـم الاصطناعي يتميز بإمكانـات كبيـرة تشـبه الثـورة فـي الطـب التناسـلي، ويمكـن أن تؤثـر بشـكل كبيـر علـى مختلـف جوانـب الحيـاة البشـرية: الاجتماعية والطبيـة والأخلاقية.
– منـع الولادات المبكـرة والإجهاض؛ حيث يسـهم فـي إنقـاذ حيـاة ملايين الأطفال حـول العالـم الذيـن يولـدون قبـل الأوان، ويمـوت منهـم مـا يقـرب مـن مليـون بسـبب الـولادة المبكـرة (مـن أهـم أسـباب وفيـات الأطفال قبـل الـوالدة).
– تزيـد فـرص حيـاة الأطفال الحديثـي الـوالدة (الخـدج أو المبتسـرين) علـى قيـد الحيـاة فـي بيئـة طبيعيـة وحالـة بيولوجيـة مماثلـة للحمـل فـي رحـم الأم، حيـث تشـير التقاريـر فـي الولايـات المتحـدة إلـى أنـه يولـد 10% مـن الأطفال قبـل الأوان، وقـد تسـاعد الأرحام الصناعيـة فـي زيـادة معـدل البقـاء علـى قيـد الحيـاة لهؤلاء الأطفال.
– ينفع المرأة التي يوجد لديها عيوب طبية، ولا يستمر الحمل، أو توجد موانع أصلاً في رحمها.
– توفيـر بدائـل أكثـر أمانـاً للحمـل المرتفـع المخاطـر، الـذي يشـكل مخاطـر كبيـرة للأم والجنيـن أو همـا معـاً، مـن خلال السـماح للجنيـن بالتطـور خـارج جسـم الأم، وبذلـك تسـاعد فـي منـع المضاعفـات دراسة التبعات الشرعية والأخلاقية والقانونية المرتبطـة بحالة صحـة الأم، مثـل مـا قبـل التسـمم، أو مـع حالات الجنيـن، مثـل العيـوب الخلقيـة.
– علاج حالات العقـم التـي يكـون السـبب فيهـا مشكلات الرحـم كبديـل لتقنيـات التناسـل المسـاعد، مـن خلال توفيـر سـبل جديـدة لتلقيـح وحمـل الطفـل البيولوجـي.
– التقـدم فـي المجالات ذات الصلـة، مثـل الطـب التجديـدي وهندسـة الأنسجة وأبحـاث الخلايا الجذعيـة.
– توسـيع خيـارات الإنجاب للأفراد والأزواج غيـر القادريـن علـى الحمـل، بمـن فـي ذلـك العازبون أو المثليون (مـع معارضـة الشـرائع السـماوية لذلـك).
– بديلًا عـن اسـتئجار الأرحام وتقليـل التعقيـدات العاطفيـة والقانونيـة والأخلاقية المرتبطـة بـه فـي كثيـر مـن الأحيان.
دراسة التبعات الشرعية والأخلاقية والصحية
وقال رئيس المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية د. محمد الجارالله: إن هـذا المؤتمـر فرصـة فريـدة لاستكشاف حـدود تكنولوجيـا الرحـم الاصطناعي مـن خلال عدسـة المبـادئ الإسلامية، حيـث نواجـه إمكانـات هائلـة وتساؤلات أخلاقية معقـدة، ونأمـل أن يوفـر هـذا المؤتمـر منبـراً للحـوار الجـاد والمتأنـي حـول هـذه المسـائل المهمـة.
وأضاف د. الجارالله: نحــن باعتبارنــا منظمــة طبيــة إسلامية وجبـت علينـا المبـادرة بدراسـة التبعـات الشـرعية والقانونيـة لهـذه الطفـرة الصحيـة المتوقعـة، ومحاولـة وضـع الضوابـط الشـرعية والقانونيـة، وألا ننتظـر عشـرات السـنوات حتـى تنفـق البشـرية تريليونـات الدولارات، ويمـوت الآلاف مـن جـراء التجـارب.
وأشار إلى أن المؤتمر يستضيف كبار المتخصصين في المجالين الطبي والفقهي والعلوم التقنية المرتبطة بهما معاً تحت مظلة دولية واسعة تشمل ما بين 30 – 40 باحثاً وعالماً من أكثر من 15 دولة، وأكثر من 600 شخص عن طريق الاتصال المرئي، آملاً أن يختتم المؤتمر بإصدار وثيقة المنظمة الإسلامية للرحم الاصطناعي التي تعظم المنافع وتدرأ المفاسد عن هذا الجانب الطبي.
جانب من المشاركين في المؤتمر
كلمة الدكتور محمد الجارالله
رئيس المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية من المؤتمر الدولي 14 " تكنولوجيا الرحم الصناعي" pic.twitter.com/SGP7cENR0B— المجتمع (@mugtama) June 14, 2023
من جهته، أشار وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني سابقاً د. عبدالناصر أبو البصل إلى أن هذا المؤتمر يبحث مسألة مهمة أفرزتها مراكز البحوث العالمية؛ وهي مسألة الرحم الاصطناعي والتخوفات المستقبلية من هذه التقنية.
وزير الأوقاف الأردني سابقًا: هذا المؤتمر سيكون له الأهمية الكبرى في بناء الأحكام الشرعية من قرارات متعلقة بالحكم الفقهي لمسألة "الرحم الاصطناعي" pic.twitter.com/VhtK0iSSiQ
— المجتمع (@mugtama) June 15, 2023
وأكد أبو البصل أن هذا المؤتمر على أهمية كبيرة لبناء الأحكام الشرعية من قرارات مجمع الفقه الإسلامي ومجالس الفتوى وما ينتج عنه من وثيقة تحدد الإطار الأخلاقي والشرعي والقانوني لهذه المسألة.
وقال أمين عام المؤتمر أستاذ الصحة العامة بجامعة الزقازيق في مصر د. عبداللطيف المر: إن هذا المؤتمر يتحدث عن طفرة جديدة في عالم الطب، آملاً أن ينقذ مئات الآلاف من الأطفال الخدج الذين يولدون قبل موعدهم.
د. عبد اللطيف المر أمين عام مؤتمر "تكنولوجيا الرحم الاصطناعي: هذا المؤتمر مهم للغاية لأنه بمثابة ثورة في عالم الطب ويمكن أن نسميها "ثورة الرحم الاصطناعي" pic.twitter.com/5lNli6U70V
— المجتمع (@mugtama) June 15, 2023
ولفت إلى أن المؤتمر يبحث وضع ضوابط صحية وشرعية وأخلاقية واجتماعية قاسية وصارمة تضمن سلامة الطفل الذي سيتم إنتاجه من خلال «الرحم الصناعي» حتى لا تتحول هذه التقنية الى تجارة فيما بعد قد يستخدمها من يدعي الشذوذ وبيع الأطفال.
بدوره، بيَّن عميد كلية طب الأزهر سابقاً د. جمال أبو السرور أن الدواعي لإجراء تقنية الرحم الصناعي هي المحافظة على حياة الأطفال الذين يولدون قبل اكتمال نموهم؛ أي قبل الأسبوع الـ24 وحتى الأسبوع الـ32، مشيراً إلى أنه وجد عالمياً وفي الكويت أيضاً أن نسبة وفاة الأطفال الذين يولدون قبل 24 أسبوعاً تكون عالية تصل إلى 100%، وتقل نسبة وفيات الأطفال كلما ارتفعت فترة الحمل التي تحدث قبل الولادة.
رئيس الاتحاد الدولي للنساء والتوليد سابقًا: نجاح محاولات الرحم الصناعي مهمة للحفاظ على حياة أطفالنا وهو الدور الذي تسعى المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في #الكويت لتفعيله من خلال هذا المؤتمر pic.twitter.com/sM6jmlyYmh
— المجتمع (@mugtama) June 15, 2023
وأضاف أبو السرور: إذا نجح الرحم الصناعي فهذا تقدم كبير لحماية أطفالنا من الوفاة ومن التعرض للأمراض مثل الشلل الدماغي وحدوث ضمور في بعض الأعضاء والوظائف وضيق في التنفس وضعف في البصر والسمع.
وأشار إلى أن التجارب على الحيوانات نجحت، واستطاع العلماء أن يحافظوا على الجنين لمدة 4 أسابيع، وإذا ما استخدمت هذه التقنية على البشر فسيكون هذا تقدماً علمياً هائلاً.
ولفت أبو السرور إلى أن البعض قد يتطرق إلى استخدام الرحم الصناعي في الحمل منذ البداية كبديل للرحم، ولكن لم تجر أبحاث على حيوانات التجارب أو الإنسان في هذا الاستخدام، معتقداً أنه لن يكون على ساحة العلوم الطبية في القريب العاجل، مؤكداً ضرورة وضع الضوابط التي تحكم استخدام الرحم الاصطناعي.