1- القدرة على التحكم في النفس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديدُ بالصُّرَعة؛ إنما الشديد الذي يملِكُ نفسَه عند الغَضَب»، فالغالب على مفاهيم الناس أن الشديد والقوي هو الذي يصرع الناس ويغلبهم في بدنه، وهنا قد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المفهوم خاطئ؛ لأن عدم قدرة المرء على السيطرة على انفعالاته ضَعْفٌ وليست قوة؛ إنما القوة الحقيقية عندما يُسيطر المرءُ على الانفعالات الغضبيَّة مع قدرته على إنفاذها.
2- الغنى في النفس لا المال:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليسَ الغِنى عن كَثْرةِ العَرَضِ، ولكن الغِنى غِنى النَّفْس»، فإن الغنى معنى سامٍ فيه استغناء عن الناس، والمرء يكون غنيًا في نفسه وعما لا يملك وليس فيما يملك، وهذا المفهوم أعظم وأسمى من مجرد اختزاله في المال.
3- موت الأبناء في حياة آبائهم ليس من دواعي الحزن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة»، فإن الفقد أصعب شعور قد يحصل لبني آدم، ولكنه لا يعد فقدًا طالما سيجمع الله تعالى بين الوالد والولد في الجنة، فإنه ليس له جزاء إن صبر على مصابه إلا ذلك.
4- الصدقة أبقى من الادخار:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كانت لنا شاةٌ أرادَتْ أن تموتَ، فذبحناها، فقسمناها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا عائشة، ما فَعَلَتْ شاتُكم؟»، قالت: أرادت أن تموت فذبحناها، فَقَسَمْناها، ولم يَبْقَ عندنا منها إلا كَتِفٌ، قال: «الشاةُ كُلُّها لكم إلا الكَتِف»، فإن مفهوم البقاء والنفاد مرتبط لدى البشر بالمحسوسات؛ لذا عبَّرت عائشة رضي الله عنها بأن ما بقي عندها هو الكَتِف؛ لغياب بقية الشَّاة عنها، فبدَّلَ النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم إلى معنى آخر للبقاء والنفاد مرتبط بالآخرة والأجر المتبقِّي عند الله تعالى، وهو ما ينفع الإنسان على الحقيقة.
5- كرامة التقوى خير من المكانة الاجتماعية والمالية:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: مرَّ رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما تقولون في هذا؟»، قالوا: حريٌّ إن خَطَبَ أن يُنْكَحَ، وإنْ شَفَعَ أن يُشَفَّعَ، وإنْ قال: أن يُسْتَمَعَ، قال: ثمَّ سكَتَ، فمرَّ رجلٌ من فقراء المسلمين، فقال: «ما تقولون في هذا؟»، قالوا: حريٌّ إنْ خَطَبَ ألَّا يُنكَحَ، وإنْ شَفَعَ ألَّا يُشَفَّعَ، وإنْ قال ألَّا يُسْتَمَعَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خيرٌ من ملء الأرض مثل هذا»، وهذا التغيير للمفهوم الذي طرحه النبي صلى الله عليه وسلم يجعل المسلم يرفُض المعيار الأول، ولا يعتبره معيارًا للحكم، ثم هو يحكُم بما ظَهَرَ له من معايير القُرْب والبُعْد من طاعة الله تعالى، وكم في هذا من معالجة للكِبْر وأسبابه، ودَفْع عن خُلُقِ احتقار الضُّعَفاء.
6- دور الضعفاء في استجلاب رحمات الله ونصره ورزقه:
عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلًا على من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تُنصَرُون وتُرزَقُون إلَّا بضُعفائكم»، فقد غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم مفهوم النصر ومعاييره لدى سعد رضي الله عنه من كونها مرتبطة بالسبب المادي، إلى كونها مرتبطة بالتوفيق من الله تعالى، وأن معايير التوفيق ليست جميعها ممَّا لا يملِكُها إلَّا الأقوياء؛ بل هي أيضًا مِلْكٌ للضُّعفاء، الذين قد يَعُدُّهم مَنْ يُقدِّم المعيار المادي عالة على النَّصْر والمجتمع، بينما جعلهم النبي صلى الله عليه وسلم سببًا في النصر.
7- المعنى الحقيقي للإفلاس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتدرون ما المفلِسُ؟»، قالوا: المفلِسُ فينا مَنْ لا دِرْهَمَ له ولا مَتاعَ، فقال: «إن المفلِسَ مِنْ أُمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شَتَمَ هذا، وقذف هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسَفَكَ دَمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فَنِيَتْ حَسَناتُه قبل أن يُقْضَى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليه، ثم طُرِحَ في النار»، فإن المعروف من مسمى المفلس هو ما يتعلق بالمال في الدنيا، وهذا صحيح؛ ولكن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له معنًى آخَرَ ليس من جنس الأول، بل هو معنى تنشأ عنه مراقبة الأفعال والخوف من التعدي على حقوق الآخرين، كما أنه في المفلس الدنيوي يوقف ليأخذ الدائنون حقَّهم ممَّا بقي معه من المال، فكذلك يوقف في الآخرة ويؤخذ منه، لكن من الحسنات، فإن فنيتْ، طُرِح عليه من ذنوبهم، وهذا مالا يقع في الدنيا.