يسلط مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات من خلال إصداره «المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني»، الضوء على عدد من المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى 2009م.
ويركز الكتاب الذي يقع في 112 صفحة من القطع المتوسط، على بعض المجازر، كمجازر عام 1948م، ودير ياسين، وقبية، وكفر قاسم، وصبرا وشاتيلا، وجنين، وغزة؛ نظراً لصعوبة الحديث عن كافة المجازر التي ارتكبها ويرتكبها «الإسرائيليون»، بل لصعوبة حصرها، وهي المستمرة منذ أكثر من 60 عاماً، وفق وصف الكتاب.
كما يتضمن الكتاب العديد من الشواهد والأدلة من أقوال وأفعال تاريخية ومعاصرة، تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المجازر ليست حالة الاستثناء في الممارسات «الإسرائيلية»، لكنها حالة متعمّدة ومعتمدة تكاد تكون أقرب للسياسة، كما كان الحال في مجازر عام 1948م، مع الإشارة إلى أن معظم مرتكبي هذه المجازر أفلتوا من العقاب البشري، بل وتبوأ عدد منهم مناصب قيادية في دولة الاحتلال.
وأوضح الكتاب أن هدف المجازر «الإسرائيلية» كان منذ البدايات كسر إدارة الشعب الفلسطيني، وإرهابه وترويعه، وتنفيذ عمليات تطهير عرقي تؤدي إلى طرد الفلسطينيين من أرضهم، وتجبرهم فيما بعد على الاستسلام والقبول بالتسويات المجحفة بعدها.
ذروة المجازر
وأشار إلى أن هناك بعض المجازر الصهيونية التي وقعت ما بين عامي 1937 – 1948م بحق الشعب الفلسطيني، حيث تقدر بأكثر من 75 مجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 5 آلاف شهيد فلسطيني وآلاف الجرحى.
وذكر أن فترة ما بين عامي 1947 – 1948م كانت فترة الذروة في ارتكاب هذه المجازر، وهي الفترة التي تعرف عند العرب بـ«النكبة»، وعند الصهاينة بـ«حرب الاستقلال»، وقد أظهرت المراجعات التاريخية لما حصل خلال هاتين السنتين الداميتين أن ما جرى كان أشبه بتطهير عرقي أو إبادة جماعية.
ونشر الكتاب إحصائية وثقها الباحث الفلسطيني د. سلمان أبو ستة حول تدمير 531 قرية فلسطينية وطرد سكانها، بينها 270 هجرها سكانها بسبب هجوم عسكري مباشر، و122 طرد سكانها على يد قوات الاحتلال، كما وثق أكثر من 200 جريمة حرب و34 مجزرة ارتكبت ضد مدنيين أو أسرى خلال سنتي 1947 و1948م، منها 17 مجزرة أثناء الوجود البريطاني، و17 بعد الجلاء البريطاني عن فلسطين.
ويضمّ الكتاب تمهيداً قانونياً عن المجازر في القانون الدولي، والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تتطرق إلى ممارسات القتل الوحشي وجرائم الحرب، مشيراً إلى عدم توقيع سلطات الاحتلال على عدد من هذه الاتفاقات والمواثيق، إلى جانب عدم مراعاتها للكثير مما تنص عليه الاتفاقات التي وقعتها.
كما يقدّم تمهيداً معلوماتياً عن مجازر الاحتلال، يشير فيه إلى أن سنة 1967م شكلت فاصلاً -وإن كان هشاً- بين مرحلتين؛ مرحلة كانت المجازر ترتكب فيها دون حساب، وكان التعتيم فيها ممكناً إلى حد كبير، ومرحلة باتت فيها ممارسات الاحتلال في متناول وسائل الإعلام، وتشكّل بالتالي تهديداً لـصورة الكيان أمام الرأي العام العالمي.
ويتميز الكتاب بأسلوبه السلس، الذي يجمع بين الدقة والمنهجية العلمية، والصور والقصص المرافقة والمختارة بعناية، ليقدّم بذلك صورة وافية عن مجازر الاحتلال الصهيوني، وانتهاكه لحق الشعب الفلسطيني بالوجود على أرضه، وحقه في الحياة الكريمة، في وقت يتحدث فيه العالم أجمع عن حقوق الإنسان وصيانة كرامته وحريته وحقه في العيش بسلام في أرضه وبيته، ولكنه يصمّ آذانه عمّا يحدث للإنسان الفلسطيني.