لشهر رمضان خصوصية لدى مسلمي الصين، فهم يحرصون فيه على الصلاة والصيام والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، كالتصدق على الفقراء وزيارة الأقارب وإعداد موائد الإفطار داخل المساجد، وشهر الصيام في الصينية تعني «تشاي يويه»، وهي بمعنى الامتناع عن الطعام والشراب لغرض مقدس.
كما يحرص مسلمو الصين على تزيين مساجدهم بالفوانيس الصينية والأعلام واللافتات التي ترحب بقدوم الشهر الكريم.
بدأ شهر رمضان هذا العام في 11 مارس الجاري، حسب الجمعية الإسلامية الصينية، التي تحدد بداية ونهاية شهر الصيام بالاعتماد على الحسابات الفلكية والتقويم القمري الصيني والتقويم الإسلامي، وتُخطر جميع المساجد الخمسة والثلاثين ألفاً في أنحاء الصين ببداية ونهاية الشهر ليستعد المسلمون لإحياء الشهر الكريم.
استطلاع هلال رمضان
اعتاد المسلمون الصينيون في الماضي استطلاع هلال شهر رمضان داخل المساجد، وكانوا يخصصون لذلك مبنى خاصاً أطلق عليه اسم «برج استطلاع الهلال»، ورغم أن الأحوال تغيرت وأصبحت هناك أجهزة حديثة تستخدم لهذا الغرض، وصارت الجمعية الإسلامية تنوب عن عامة المسلمين في تحديد بداية ونهاية الشهر، فإن هذه البنايات ما زالت باقية إلى اليوم، تحمل نفس الاسم ولها من القدسية والمهابة الكثير عند مسلمي الصين.
يستعد المسلمون لهذا الشهر الفضيل ويصومون نهاره متحملين مشقة الجوع والعطش وسط مجتمع لا يعرف الكثير عن رمضان، لكنهم يبتغون بهذا المثوبة من الله تعالى.
بعد الإفطار، يتوافد المسلمون معتمرين قبعات بيضاء إلى أقرب مسجد من بيوتهم، لأداء صلاة التراويح، وتبادل التحية والتهنئة والدعاء بقضاء رمضان بسلامة.
وتقيم بعض المساجد مآدب إفطار للمسلمين في كل أيام رمضان، ويكون وقت الإفطار لقاء وتسلية للمسلمين بعد نهاية يوم الصيام.
وعن صلاة التراويح يصلي المسلمون التراويح عشرين ركعة، وبين كل ركعتين وركعتين يرددون دعاء: «يا مقلب القلوب والأبصار ويا خالق الليل والنهار» (ثلاث مرات)، وبين كل أربع ركعات يحمدون الله تعالى قائلين: «سبحان ذي الملك والكبرياء والجبروت؛ سبحان الملك الحي الذي لا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح» (ثلاث مرات).
وأما آيات القرآن الكريم التي يقرؤونها في صلاة التراويح، فتبدأ من سورة «الفيل» حتى سورة «الناس» (مرتين)، وبعد 18 ركعة يقولون: «لا إله إلا الله الملك الحق المبين، محمد رسول لله السيد الصادق الأمين»، وبعد 20 ركعة يقولون: «اللهم إنا نسألك الجنة، ونعوذ بك من النار، يا مجيد، يا أرحم الراحمين»، وبعد ذلك يصلون صلاة الوتر جماعة ويقرؤون الذكر ويتوجهون بالدعاء إلى الله تعالى في النهاية.
رمضان في مختلف مناطق الصين
– في العاصمة بكين:
قد لا تشعر بأي أجواء دينية في طرقات وشوارع بكين خلال رمضان، ولكن في المناطق التي بها تجمعات للمسلمين، تشعر بأجواء رمضانية قوية في الشوارع والمساجد التي ترتدي حلة بهية احتفاء بالشهر المبارك.
ويعتبر الـ250 ألف مسلم في بكين شهر رمضان أسعد وأكرم شهر طوال السنة، ويحرص معظمهم على صيامه، ويقضون الشهر في جو هادئ وسعيد ومتناغم.
شارع نيوجيه هو أكبر تجمع للمسلمين ببكين، حيث يقطن هذا الشارع حوالي 20 ألف مسلم.
وفي شهر رمضان يصلي أكثر من ألف مسلم في مسجد نيوجيه، أكبر مساجد بكين، ولهذا المسجد العتيق ذكريات لا تنسى في شهر رمضان، كما تنتشر على جانبي الشارع المحال والمطاعم الإسلامية.
– رمضان في الشمال الغربي:
مقارنة بحواضر الصين الكبرى، يعد رمضان في شمال غرب الصين أكثر وضوحاً وجمالاً، حيث يعيش غالبية المسلمين، ففي منطقة نينغشيا تبدو مظاهر استقبال رمضان أكثر وضوحاً، وخاصة حول المساجد، وقبل أذان المغرب يتجمع المسلمون حول موائد الإفطار داخل المساجد، فيتناولون الأطعمة الساخنة والفواكه الطازجة مع الحلوى والمخبوزات.
وعند الصلاة تكتظ المساجد عن آخرها فيصلون العشاء والتراويح في منظر بهيج يشعرك بأنك في بلد عربي.
أما في تشينغهاي في أقصى الشمال الغربي، فيستعد المسلمون لرمضان خير استعداد، وتزدان مساجد مدينة شينينغ حاضرة المقاطعة بالأنوار والأعلام، ويجتمع المسلمون من مختلف القوميات، كما يجتمع حفاظ القرآن الكريم لختم القرآن الكريم.
كذلك عند مسلمي تشينغهاي من الميسورين عادة محمودة وهي دعوة عامة المسلمين إلى الإفطار في بيوتهم ويتبادلون الدعوات طوال الشهر، كما تكون هذه الدعوات فرصة لمد حبال الود والمحبة بين عموم المسلمين.
ويرجو كثير من المسلمين ابتغاء الأجر العظيم، فيرتبون الهدايا والأشياء العينية والأموال وينطلقون لزيارة فقراء المسلمين والأيام والأرامل، فيشملونهم برعايتهم واهتمامهم.
– رمضان في جنوب الصين:
لا تختلف أجواء رمضان في جنوب الصين عن غيرها في الشمال، إلا أنه في بعض المدن التجارية كمدينتي قوانغتشو وإيوو يكاد يصبغ بصبغة عربية، حيث يقطن هاتين المدينتين كثيرٌ من الجاليات العربية من التجار وغيرهم، وهم يحتفون بهذا الشهر الفضيل ويستقبلونه بأجواء كالتي في بلداننا العربية.
حيث تنتشر المطاعم والمحال التي تقدم الطعام العربي وحلوى رمضان الشهيرة كالكنافة والقطائف والعصائر الطازجة.