ما زلنا مع عرض وسائل التدريب الآسرة للمتدربين، والجاذبة لانتباههم، التي يجب أن يحرص عليها المدرب المتألق؛ لنجاح دورته التدريبية.
– قياس السلوك العملي:
المدرب المتألق هو الذي يحيط المتدربين علماً بما لديهم من معرفة بالمهارات السلوكية، والتطبيق العملي لها في حياتهم الخاصة والعامة.
مثال (1): في إحدى الدورات لمركز ابن الهيثم للتدريب أثناء الخدمة، في 6 أكتوبر 2019م، وكانت بعنوان «كيف تنجو من ضغوط العمل؟»، تم قياس معدل ضغط العمل الذي يعانيه المتدربون في حياتهم العملية.
في هذا التمرين، أجاب المتدربون عن 50 سؤالاً بـ«نعم» أو «لا»، وجميع الأسئلة تتناول مواقف تصف فيها مصادر ضغوط العمل في الحياة، قد يكون مصدرها من نقص في الوقت، أو نقص في المعلومات، أو نقص في المال، أو نقص في الجهد.
وقد يكون مصدر ضغوط العمل عدم وضوح الرؤية، أو غياب رسالة المؤسسة، أو عدم تحديد الأهداف، أو عدم وجود خطة، أو عدم التجديد والتغيير فيها.
وقد يكون مصدر ضغوط العمل عدم الاستقرار الاجتماعي لدى الموظفين وانعكاس ذلك على بيئة العمل.
المدرب المتألق يحيط المتدربين علماً بما لديهم من معرفة بالمهارات السلوكية والتطبيق العملي لها
ويتم فيما بعد حساب المعدل العام لجميع المتدربين، والكشف عن النتائج، ويتم توزيع الجوائز لمن يرصد 16 – 20 إجابة بـ«نعم»، حيث هذا هو المعدل الطبيعي العام لضغوط العمل في الحياة، وأوضح لهم أن التخلص من ضغوط العمل كلية أمر محال، بل أن جمال الحياة يقتضي وجود شيء من ضغوط العمل فيها!
أما من يرصد من 36 – 50 إجابة بـ«نعم»، فننصحه بمراجعة طبيب لأمراض القلب بعد الدورة التدريبية مباشرة؛ لأنه يعاني ضغوطاً شديدة في حياته.
ومن الملاحظ في هذا التمرين أن معظم الأسئلة تدور حول أداء عدة مهمات في آن واحد، والرغبة الجامحة في إنجازها بسرعة شديدة، ثم قبول مهمات أخرى من دون استراحة قصيرة بين كل مهمة والتي تليها.
قال لي أحد المتدربين: إن نتيجتي في هذا التمرين هي 37 إجابة بـ«نعم»! هنا نصحته أن يقلل من المهمات التي يقبل بها في حياته، وأن يتعلم كيف يقول: «لا» عندما يشعر بضيق في الوقت لإنجازها، وأن يكثر من الاستراحات بين المهمات.
مثال (2): في إحدى الدورات التدريبية لمركز ابن الهيثم للتدريب أثناء الخدمة، في 10 سبتمبر 2021م، وكانت بعنوان «فن حل المشكلات واحتواء التوتر وضغوط العمل»، تم قياس معدل الضغوط النفسية التي يعانيها المتدربون في حياتهم الاجتماعية.
في هذا التمرين، أجاب المتدربون عن 43 سؤالاً، قد تم إعدادها بواسطة عالمَيْن من علماء النفس، ويحمل عنوان «مقياس هولمز وراهي للإجهاد في الحياة الاجتماعية»، وذلك خلال سنة واحدة قد مضت من حياة المتدرب.
ويشير هذا التمرين إلى أن أكبر عامل للتوتر والإجهاد والضغوط المجتمعية والنفسية هو وفاة الزوجة أو الانفصال عنها أو طلاقها، ومثلها للزوجة حينما يتوفى زوجها أو تنفصل عنه أو يطلقها، ويُعطَى لهذه العوامل نقاط تتراوح بين 63 – 100 نقطة، وهي الأعلى في هذا المقياس.
وإن أصغر عامل للتوتر والإجهاد والضغوط المجتمعية والنفسية في هذا المقياس هو الحصول على مخالفة مرورية، وعدم دفع فاتورة الهاتف أو فاتورة الكهرباء، ويعطى لهذه العوامل نقاط تتراوح بين 11 – 19 نقطة، وهي الأدنى في هذا المقياس.
ويقوم كل متدرب بجمع نقاطه في نهاية التمرين، فإذا رصد واحد منهم أقل من 150 نقطة؛ فهو بخير، وأبعد ما يكون عن الإصابة بأمراض نفسية وجسدية، وإذا رصد أكثر من 300 نقطة، فهو ليس بخير، ومعرض للإصابة بأمراض نفسية وجسدية! وعليه أن يراقب نفسه عن قرب!
.. ويقيس درجة فهمهم للموضوعات المطروحة بالدورة وتشجيعهم على الحوار والنقاش حول النتائج
مثال (3): في إحدى الدورات التدريبية التي قُدمت لشركة صناعات الكيماوية البترولية، في 16 نوفمبر 2017م، وكانت بعنوان «كيف تحفز الآخرين بلا تكلفة»، تم التطرق لعقبات تحفيز النفس، وقياس مدى ممارسة المتدربين لهذه العقبات، وتم توجيه 15 عقبة لهم، وكلها من توافه الحياة، ولكنها قد تقف عائقاً دون تحفيز النفس.
من هذه العقبات الشعور بالامتعاض والاعتراض على توافه الأمور في حياتنا، مثل: وصول وجبة الطعام باردة خلاف التوقعات، ومنها تأخر صرف الراتب يومين، ومنها تأخر وصول صديق لك في الوقت الذي حددته له، ومنها رؤية ملابسك غير مرتبة وغير مكوية، وغيرها من توافه الحياة.
الغريب في الأمر أن من يرصد 0 – 3 نقاط في هذا التمرين، هو الذي لا تشغله التوافه عن تحقيق أهدافه في الحياة، وينطلق نحو تحقيقها بحيوية ونشاط وحماسة.
والعجيب في الأمر! أن قليلاً من المتدربين من يرصد هذه الدرجة، لا تكاد تجد شخصاً واحداً من أصل 25 شخصاً يرصد هذه الدرجة، في حين تجد معظم المتدربين يرصد ما بين 9 – 15 نقطة! وهذا دليل على انشغال معظمنا بتوافه الأمور في حياتنا، وهذه التوافه تقف عائقاً أمام تحقيق أهدافنا العظيمة في حياتنا.
مثال (4): في إحدى الدورات التدريبية لصالح بلدية دبي بمركز تدريب البلدية، التي أشرف مركز التفكير الإبداعي على إنجازها، في 5 أكتوبر 2008م، وكانت بعنوان «قوة الثقة بالنفس»، تم اختبار درجة الثقة بالنفس للمتدربين، حيث تم توجيه 50 سؤالاً لهم، وينبغي أن تكون إجابات المتدربين بـ«نعم» أو «لا».
والخبر السعيد أنه في معظم الأحيان يرصد المتدربون ما بين 37 – 50 إجابة بـ«نعم»، وهذا يدل على ثقة المتدرب العالية بنفسه.
من الأسئلة التي يشملها هذا الاختبار: هل تحافظ على ابتسامتك عند مرورك بمشكلة؟ وهل تحافظ على حسن قامتك في مشيتك؟ وهل تستعد مسبقاً لأي كلمة تلقيها بمقدمة قوية وخاتمة قوية؟ وهل تحرص على خلو كلامك من حشو الكلام الذي لا داعي له؟
مثال (5): في إحدى الدورات لبنك الائتمان بدولة الكويت، تحت إشراف معهد تنمية الطاقة للتدريب الأهلي، في 20 أكتوبر 2019م، تم توجيه 20 سؤالاً للمتدربين حول تحديات التغيير في بيئة العمل، وكان متوسط أداء المتدربين بحدود 75%، وكان هدف الدورة جسر هذا الفارق، وسد هذه الثغرة بين المتدربين، وفهمهم لموضوع التغيير في بيئة العمل.
لذلك، فالمدرب المتألق هو الذي يقيس درجة فهم المتدربين للموضوعات المطروحة في الدورة التدريبية، وتشجيع المتدربين على الحوار والنقاش حول النتائج.