تشبعت الشخصية اليهودية بالروح العدوانية من خلال نشأتها وتربيتها على النصوص الواردة في العهد القديم والتلمود وبروتوكولات حكماء صهيون، حتى أصبح قتل الآخرين عندهم أمراً يسيراً، بل واجباً في كثير من الأحيان، وقد برزت العديد من النصوص والوقائع التي تؤكد أن الفكر الديني اليهودي مليء بالسموم الفكرية والسلوكية، ويظهر ذلك فيما يأتي:
أولاً: النصوص المقدسة لدى اليهود ودورها في الاستهانة بالناس وقتلهم:
1- الاستهانة بالذات الإلهية ونسبة النقص والضعف إليها:
ورد في سفر التكوين ما يدل على أن «الرب صارع يعقوب حتى طلوع الفجر، ولما رأى الرب أنه لا يقدر على يعقوب قال: أطلقني لأنه قد الفجر، فقال يعقوب: لا أطلقك إن لم تباركني»(1)، وفي التلمود: «يتندم الله على تركه اليهود في حالة التعاسة، حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم(2).
2- نسبة النقص والوقوع في الفواحش إلى الأنبياء والرسل:
حيث نسب اليهود إلى سيدنا نوح عليه السلام أنه يشرب الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه(3)، كما نسبوا إلى سيدنا لوط أنه شرب الخمر ووقع على ابنتيه فأنجبتا منه(4)!
3- يرى اليهود أنهم شعب الله المختار وغيرهم حيوانات:
استندوا في ذلك إلى النص الوارد في الكتاب المقدس: «أنا الرب إلهكم الذي ميزكم من بين الشعوب»(5)، ويرون أن غيرهم من الشعوب يسمون أميين، وأن الأمي لا يساوي شيئاً أمام اليهودي، ففي التلمود: «أن الإسرائيلي معتبر عند الله أكثر من الملائكة، وأن اليهودي جزء من الله، فإذا ضرب أمي إسرائيلياً فكأنه ضرب العزة الإلهية، والفرق بين درجة الإنسان والحيوان هو بقدر الفرق بين اليهود وغير اليهود، والشعب المختار هم اليهود فقط، أما باقي الشعوب فهو حيوانات»(6)، فهم يؤكدون أنهم متميزون عن سائر الناس، وأنهم أولى بالحياة من دون الناس، حيث يرون أن لحم الأميين لحم حمير، ونطفتهم نطفة حيوانات غير ناطقة، أما اليهود فإنهم تطهروا على طور سيناء، والأجانب تلازمهم النجاسة لثالث درجة من نسلهم، ولذلك أُمِرنا بإهلاك من كان غير يهودي.. ومحرم على اليهودي أن ينجي أحداً من باقي الأمم، أو يخرجه من حفرة يقع فيها، لأنه بذلك يكون حفظ حياة أحد الوثنيين(7).
4- وجوب قتل المخالف عند احتلال أرضه:
ففي سفر التثنية: «حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك، بل عملت معك حرباً، فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك»(8).
كما يؤكد العهد القديم أن يشوع ومن معه حين دخلوا بالجيش إلى مدينة أريحا، قتلوا كل ما في المدينة من رجل وامرأة وطفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف(9).
وفي التلمود: من ينكر شيئاً من الاعتقادات اليهودية يعتبر كافراً، ويلزم بغضه واحتقاره وإهلاكه، فمن الواجب أن يقتل اليهودي بيده كل كافر، لأن من يسفك دم الكافر يقرب قرباناً لله(10)، ففي هذه النصوص دليل على أنهم يعتبرون قتل المخالفين عبادة يتقربون بها إلى الله.
ثانياً: أثر النصوص الدينية اليهودية في تسويغ قتل الناس:
لقد أدت هذه النصوص وغيرها الكثير مما ورد في أسفار العهد القديم والتلمود إلى تسويغ قتل الناس وإهلاكهم دون رحمة أو رقة، فقلوبهم قاسية وأعمالهم دنيئة، والدليل على ذلك ما نطالعه في البروتوكولات من تأكيد هذا الكلام، ففي البروتوكول الرابع عشر: لن نبيح قيام أي دين في الأرض غير ديننا، ولهذا السبب يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان، وإذ تكون النتيجة لهذا هي إثمار ملحدين؛ ولذلك أسرف اليهود في قتل الناس بكل الطرق الممكنة وراحوا يوظفون العملاء من الأفراد والدول من أجل تيسير مهمتهم والقضاء على كل من يخالفهم.
وإن الناظر إلى ما يفعله الكيان الصهيوني في فلسطين يدرك حجم المأساة التي نتجت عن هذا الفكر البغيض، حيث هدموا البيوت على أهلها وقاموا بإلقاء القنابل المحرمة دولياً على جموع الناس في الأماكن العامة ونسفوا المستشفيات بالطائرات، ولم يرحموا مريضاً أو صغيراً أو كبيراً أو امرأة.. إنهم يتلذذون بسفك الدماء ومشاهد الأشلاء لكل من خالفهم في أغراضهم الخبيثة.
يقول د. رشاد الشامي: من أفظع الأعمال الوحشية التي اقترفتها المنظمات اليهودية في فلسطين ضد السكان المدنيين، تلك المذبحة التي وقعت يوم 9 أبريل 1948م، وأزهقت فيها أرواح جميع السكان تقريباً في قرية دير ياسين، وهي قرية صغيرة تقع على مشارف القدس، فقد ذبحوا فيها 300 شخص، دون أي مبرر، وكانوا رجالاً متقدمين في السن، ونساء وأطفالاً ورضعاً، اغتيلوا بالقنابل والأسلحة اليدوية.
وذهب القادة بعد المذبحة لرؤية القرية، فرأوا الجثث المشوهة للضحايا، ومنهم فتاة عمرها 10 سنوات وعجوزان ما زلن يتنفسن، فتركوهن حتى أدركهم الموت(11).
ومن يطالع ما تقوم به التنظيمات اليهودية في غزة يدرك أن اليهود لا عهد لهم ولا ذمة ولا قلب لهم ولا رحمة، ولا سلام معهم ولا شفقة، ليس من طريق في مواجهتهم إلا الجهاد والكفاح، حتى يعودوا إلى جحورهم أو يصححوا أفكارهم ومعتقداتهم التي عانى العالم منها الحرب والدمار والنزاع والصراع.
____________________
(1) سفر التكوين (32/ 24- 27).
(2) الكنز المرصود في قواعد التلمود، ص 37.
(3) سفر التكوين (9/ 20).
(4) سفر التكوين (19/ 33- 38).
(5) سفر اللاويين (20/ 24).
(6) الكنز المرصود في قواعد التلمود، ص 51.
(7) المرجع السابق، ص 66
(8) سفر التثنية (20/ 10- 15).
(9) سفر يشوع (6/ 21).
(10) الكنز المرصود في قواعد التلمود، ص 65.
(11) الشخصية اليهودية الإسرائيلية والروح العدوانية، د. رشاد عبدالله الشامي، ص 163.