في الذكرى العاشرة لتسمية الكويت مركزاً للعمل الإنساني من قبل منظمة الأمم المتحدة، نتوقف لنستعرض مسيرة هذا البلد في مجال العمل الإنساني والخيري، ودور القيادة السياسية في الكويت في تعزيز واستمرارية هذا النهج الإنساني.
يعد هذا التكريم اعترافاً بمساهمات الكويت الكبيرة في دعم الشعوب المنكوبة في جميع أنحاء العالم، وتأكيداً على التزامها الدائم بقيم الإنسانية والعطاء.
البداية التاريخية للعمل الإنساني بالكويت
يعود تاريخ العمل الخيري في الكويت إلى قرون مضت، حيث كانت الكويت تُعرف بكرمها وتضامنها مع الشعوب الأخرى، حتى في فترات كانت تعاني فيها من شح الموارد، على سبيل المثال؛ في عام 1624م، قدمت الكويت المساعدة لشعب عُمان أثناء الاعتداء البرتغالي؛ مما يدل على الجذور العميقة للقيم الإنسانية في المجتمع الكويتي.
ومع مرور الزمن، استمرت الكويت في دعم الشعوب المجاورة والمتضررة من الأزمات، سواء من خلال المساعدات الطارئة أو عبر مشاريع التنمية المستدامة، كان لهذا النهج دورٌ كبير في ترسيخ مكانة الكويت كدولة ذات دور إنساني رائد في المنطقة.
التأسيس الرسمي للعمل الإنساني بعهد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
تُوجت الجهود الإنسانية الكويتية بتسمية الكويت «مركزاً للعمل الإنساني» من قبل الأمم المتحدة في عام 2014م، كما تم تكريم أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه، بلقب «قائد العمل الإنساني»، هذا الاعتراف الأممي جاء بعد عقود من العمل الجاد والمستمر الذي قادته الكويت لدعم القضايا الإنسانية في مختلف بقاع العالم.
كان الشيخ صباح الأحمد، يرحمه الله، خلال فترة حكمه، مثالاً للقائد الذي جعل من الكويت رمزاً عالمياً للعطاء، لقد عمل على إطلاق العديد من المبادرات الإنسانية، مثل مؤتمر المانحين لدعم الشعب السوري، ومبادرة دعم التعليم والصحة في الدول النامية، وكذلك الدعم الكبير لجهود إعادة الإعمار في العراق واليمن، فتحت قيادته، أصبحت الكويت نموذجاً يحتذى به في كيفية تقديم المساعدة دون تمييز أو تحيز.
استمرارية العمل الإنساني تحت قيادة الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح
بعد وفاة الشيخ صباح الأحمد، يرحمه الله، استمر الشيخ الراحل نواف الأحمد الجابر الصباح، يرحمه الله، في تعزيز مكانة الكويت كدولة رائدة في العمل الإنساني، وأدرك الشيخ نواف أن استمرارية هذا النهج الإنساني هو جزء لا يتجزأ من هوية الكويت، فعمل على دعم المشاريع الإنسانية التي بدأت في عهد سلفه، وأطلق مبادرات جديدة تركز على التنمية المستدامة وتخفيف معاناة الشعوب في مناطق النزاع.
دور الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في تعزيز مكانة الكويت الإنسانية
في عهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه، استمرت الكويت في تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، فتحت قيادته، أطلقت الكويت العديد من المبادرات الإنسانية الكبرى، منها حملة «فزعة الكويت» لدعم أهل غزة، التي كانت بمثابة استجابة سريعة وفعالة للأوضاع الإنسانية المتدهورة هناك، ولم تقتصر هذه الحملة على تقديم المواد الإغاثية فقط، بل شملت أيضاً مشاركة فرق تطوعية كويتية في تقديم الدعم المباشر للمحتاجين في غزة.
بالإضافة إلى ذلك، كان للكويت دور محوري في دعم السودان خلال الكوارث الطبيعية التي شهدتها البلاد، وقدمت مساعدات غذائية وطبية، وأرسلت فرقاً طبية متخصصة؛ مما ساهم في تخفيف معاناة المتضررين وتعزيز صمودهم.
مشاريع إنسانية طويلة الأمد
لم تقتصر جهود الكويت على الإغاثة الطارئة فقط، بل امتدت إلى مشاريع طويلة الأمد تهدف إلى دعم التنمية والاستقرار في الدول المحتاجة، فقد تأسس الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في عام 1961م كإحدى أقدم المؤسسات التنموية في المنطقة، ومنذ ذلك الحين، قام بتمويل آلاف المشاريع التنموية في أكثر من 100 دولة، هذه المشاريع شملت بناء المدارس، والمستشفيات، وشبكات المياه، والكهرباء؛ مما ساعد على تحسين نوعية الحياة لملايين الأشخاص حول العالم.
الاعتراف الدولي والتكريم
في عام 2014م، جاء الاعتراف الدولي بالكويت كمركز للعمل الإنساني تتويجاً لكل هذه الجهود، وفي عام 2019م، منح البنك الدولي الكويت جائزة تقديرية لدورها في دعم التنمية العالمية، وهو دليل إضافي على أهمية الجهود الكويتية في تحسين أوضاع الشعوب في مختلف أنحاء العالم.
استمرارية نهج العطاء
إن الكويت، بقيادة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ما زالت ملتزمة بتقديم الدعم الإنساني، وتستمر في ممارسة دور محوري في الساحة الدولية كدولة مانحة، من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية، وتعمل الكويت على ضمان استمرارية هذا النهج؛ مما يجعلها نموذجاً يحتذى به في مجال العمل الإنساني.
وفي الذكرى العاشرة لتسمية الكويت «مركزاً للعمل الإنساني»، نتذكر أن هذا التكريم تتويج لمسيرة طويلة من العطاء والخير، إن القيادة الكويتية، من الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، ثم الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، جعلت من الكويت مثالاً يحتذى به في العمل الإنساني، واليوم تواصل الكويت تعزيز مكانتها الدولية كمنارة للعطاء والخير، مؤكدين أن القيم الإنسانية هي جوهر هويتنا الوطنية.