يعد شعب سالار إحدى الأقليات العرقية المسلمة في الصين، ويعيشون بشكل رئيس في محافظة شونهوا، بمقاطعة تشينغهاي شمال غرب الصين، ويتمتعون فيها بحكم ذاتي، وبلدة غاندو في محافظة هوالونغ ذاتية الحكم لقومية هوي، في مقاطعة قانسو.
وحسب السجلات التاريخية، فإن أصل اسم سالار يعود إلى قبيلة سالور من قبيلة الأوغوز التي تعني «أولئك الذين يحملون السيوف والمطارق والرماح أينما تحركوا»، وكان موطنهم الأصلي سمرقند بوسط آسيا.
أصل السالار
يتفق المؤرخون على أن أسلاف السالار كانوا يعيشون في سمرقند، وثمة رواية متعلقة بسبب قدومهم إلى الصين، تقول: إن الأخوين قارمان، وأخامان، خرجا من سمرقند في القرن الثالث عشر الميلادي بسبب اضطهاد حاكمها، وتبعهما 170 عائلة واتجهوا نحو الشرق، حتى وصلوا إلى محافظة شونهوا.
وحسب الرواية، فقد حمل الأخوان وقومهما معهم نسخة نادرة من القرآن الكرم كان أسلافهم يحتفظون بها، وجرعات من الماء، وركبوا على جمل أبيض، وحين وصلوا إلى شونهوا، قامت عاصفة شديدة أثناء الليل فتشتت القوم وانفلت الجمل الأبيض، فلما أصبح الصبح بحثوا عن الجمل الأبيض فلم يجدوه، لكنهم وجدوا تمثالاً حجرياً لجمل أبيض يشبه جملهم قرب عين ماء، فلما تذوقوا الماء وجدوه شبيهاً بالماء الذي في كان في موطنهم، فأحسوا أنها رسالة من الله لهم ليستقروا في هذا المكان، فعاشوا واستقروا هناك وصار الجمل الأبيض رمزاً لهذه القومية، وبنوا بجواره بيوتهم ومسجد جهتسي ووضعوا فيه نسخة القرآن الكريم النادرة.
لغة السالار
تنتمي لغة سالار إلى عائلة اللغة التركية، ويعتقد البعض أنها تنتمي إلى لهجة سالور، وفقًا لبعض الاختلافات في النطق والمفردات، وبسبب تأثير الإسلام، تحتوي لغة السالار أيضًا على عدد صغير من الكلمات العربية والفارسية المستعارة في الحياة الدينية والحياة اليومية، وخلال التواصل والتجاور مع شعوب الهان والتبت والهوي، استوعبت أيضًا الكثير من المفردات الصينية والتبتية، واليوم لا يزال شعب سالار يحتفظ بالوثائق التاريخية والدينية والأدبية وغيرها من الوثائق المكتوبة باللغة التركية.
الحياة الدينية
يؤمن شعب سالار بالإسلام، ويلتزمون بشكل صارم بشرائعه، ويمارسون الصلاة والصيام والحج بانتظام والتزام، ويحتفلون بالأعياد الدينية كعيدي الفطر والأضحى، شأنهم في ذلك شأن بقية القوميات المسلمة في الصين.
وللأئمة مكانة خاصة عند أبناء قومية السالار، فهم الذين يتولون الإشراف على الشعائر الدينية، ولهم الدور الأكبر في احتفالات أبناء السالار.
تضم محافظة شونخوا حيث يعيش شعب سالار عدداً من المساجد الشهيرة، من أهمها مسجد منجدا، الواقع في قرية داتشوانغ، بلدة منجدا، محافظة شونهوا، وهو مسجد قديم محلي مشهور، تم بناؤه لأول مرة خلال فترة أسرة مينغ (1368 – 1644م).
منغدا تعني «البقاء هنا» في لغة سالار، ربما لأن أسلاف شعب سالار هاجروا هنا واندمجوا مع التبتيين المحليين، فقد استعار المسجد بعض التقنيات الزخرفية من العمارة التبتية ليجمع بين الثقافتين الإسلامية والتبتية، وتم نحت جبهات المسجد بأنماط قرص العسل، والجداريات مطلية بألوان ثقيلة، والعوارض والأعمدة المنحوتة رائعة.
ومسجد جهشي أيضاً الذي يقع في قرية سانلانباهاي، بلدة جهشي، مقاطعة شونهوا، وهو مبنى نموذجي على الطراز العربي، وثاني أكبر مسجد في تشينغهاي ويضم نسخة مكتوبة بخط اليد من القرآن التي جلبها أسلاف شعب سالار عندما هاجروا شرقًا قبل 700 عام، ويعود تاريخ هذا المصحف إلى 1300 عام وهو واحد من أقدم 3 نسخ في العالم.
التراث الثقافي والمادي لقومية السالار
يحتفظ أبناء السالار ببعض العادات الثقافية الخاصة بها التي توارثوها جيلاً بعد جيل، ومنها:
– رقصة الجمل: تحظى بشعبية كبيرة بين شعب سالار، وهي المسرحية الوحيدة المحفوظة بمحتواها الكامل بين الأنشطة التقليدية لشعب سالار، وهي تصف الرحلة الطويلة لأسلاف سالار أثناء هجرتهم من سمرقند إلى شونهوا.
– سباق النهر: يتمتع شعب سالار الذي عاش على ضفتي النهر الأصفر لفترة طويلة بمهارة التراث الثقافي غير المادي، وهي صناعة الأطواف المصنوعة من جلد الغنم التي يتم ربطها يدويًا، يتم سلخ 12 إلى 20 جلد ماعز بأحجام مختلفة في أنابيب ومعالجتها باستخدام التكنولوجيا لصنع القرب أو «أكياس مياه»، وبعد نفخها يتم ربطها بإطار خشبي على شكل نافذة لتشكيل طوفاً يمكن الاستفادة منه في السباحة أو عبور النهر الأصفر.
في كل صيف، يقيم شعب سالار مسابقة للطوافات، حيث ينطلق الأشخاص الذين يرتدون الأزياء الوطنية معًا للتحرك نحو الجانب الآخر من النهر، وفي الطريق، تحتاج إلى تجنب الدوامات والتيارات المائية، وهو ما يمثل اختبارًا كبيرًا لمهاراتك.