في مدرستنا طالب منحرف!

المتخصصون:
- نرفض التركيز
على التفوق الدراسي فقط!
- الانحرافات
السلوكية يتم علاجها بالتنسيق بين المدرسة والأسرة
- الطرد ينتج
شابًا فاشلًا محبطًا يريد الانتقام
- إشراكه في
نشاطات مناسبة في المدرسة يعزز السلوك الإيجابي لديه
يعاني العديد من
الطلاب والمعلمين من وجود طالب منحرف يمارس سلوكيات خاطئة، وتختلف الآراء حيث يؤمن
البعض بضرورة اتخاذ إجراءات رادعة عنيفة تجاهه، ويؤمن البعض الآخر بأهمية التعامل
التربوي حتى إن أخذ وقتا لعلاج هذا السلوك.
تكوين صداقات مع الشباب
تواصلنا مع بعض
الطلبة والطالبات للتعرف على السلوكيات الانحرافية بين صفوف شباب المدارس
الإعدادية والثانوية وتبدأ فاطمة (14 عامًا) حديثها قائلة: السلوكيات الخاطئة لدى
معظم الفتيات تكون بالرغبة في تكوين صداقات مع الشباب والفتاة المنحرفة تجر
الطالبات لتعرفهن على طريقة التعارف عبر الإنترنت، بل تجلب لهن عناوين بريدية
للتواصل، وأنا أرى أن الحل يكون بفصل هذه الطالبة من المدرسة حتى تتأدب.
ويضيف فادي (16
عامًا): «من أهم المشكلات التي تعاني منها مدارسنا والتي تبدأ في رفض الطالب
المنحرف للمدرسة أصلًا، فيلجأ إلى الهروب من أسوار المدرسة فيظن أهله أنه في
المدرسة بينما هو في صالات البلياردو أو غيرها، وأعتقد أن حل هذه المشكلة في تعزيز
ثقة الطالب بنفسه أولًا وتحبيبه في المعلم والدراسة وتوفير أوقات لممارسة الهوايات
والتقليل من التكدس الطلابي في الفصول حتى يستطيع المعلم متابعة المشكلات المتعلقة
بكل طالب بدلا من الطرد أو العقاب».
الطلاب: الطرد هو الحل الأنسب
ويتفق معه فهد (17 عامًا)
ويقول: «من أهم السلوكيات الخاطئة والأكثر انتشارا في مدرستنا التدخين بدورات
المياه، وبعضهم يدخن المخدرات، ويكون مدخل الطالب المنحرف أنه رجل وجسمه قوي يتحمل
المخدر، ومن يرفض مجاراته يعتبره ما زال طفلا يخاف من بابا، وأنا أرى أن المدرسة
لن تقوم بعلاج مثل هؤلاء في المستشفيات لذلك يجب طردهم نهائيًا لأنهم سبب في إيذاء
باقي الطلاب».
المعلم المنحرف
أما محمود فله
رأي آخر حيث يقول: «قد يكون المعلم المنحرف أصلًا سببًا من أسباب انحراف الطلاب،
فبعض أصدقائي يحدثونني عن معلم يعاني الشذوذ الجنسي، ويستغل دوره لإقامة علاقات
غير شرعية مع الطلاب، كذلك هناك معلم غير نزيه، يقوم بتسريب أسئلة الامتحانات
بمقابل، أو يقوم بمساعدة طلاب على حل أسئلة الامتحانات داخل اللجان، وغيرها من
الأمور التي تفقد المعلم احترامه ويصبح قدوة للانحراف».
ممارسة تربوية
حملنا آراء
الشباب وتوجهنا إلى د. صلاح عبد السميع أستاذ المناهج وطرق التدريس المشارك بكلية
التربية جامعة حلوان، والمدرب المعتمد بمركز تنمية القدرات بالجامعات المصرية،
الذي يتحدث عن مراحل الانحراف الطلابي قائلا: «نموذج السلوك الانحرافي بالمرحلة
الإعدادية والثانوية يتمثل في انتشار المعاكسات بين الشباب والفتيات في تلك السن
الحرجة، الأمر الآخر، فيتمثل في ممارسة عادة التدخين ومنها قد ينطلق نحو الإدمان
والمخدرات، وذلك بسبب أصدقاء السوء من ناحية، وغياب الأسرة كنموذج تربوي من ناحية
أخرى، فتقصير البيت عن أداء دوره وغياب دور المدرسة في العلاج التربوي وتركيز
المدرسة على عملية التحصيل بعيدًا عن التربية الحقيقية من أهم الأسباب لتفاقم تلك
المشكلات، بل وصل الأمر إلى تسرب الطلاب من تلك المراحل».
وعن مقترحاته
العلاجية قال: «لا أتفق أبدا مع من يدعون إلى بتر تلك الحالات وفصلها مباشرة بل
أدعو إلى استخدام أسلوب التوجيه والإرشاد والمتابعة على المستوى النفسي والأسري،
إضافة إلى التصريح والتلميح بأن ما يحدث سوف يعرض مستقبله للخطر، وعلى الاختصاصي
النفسي والاجتماعي أن يمارس دوره في تلك التعامل مع الحالات، ولعلي أرى أن دور
المعلم والإدارة المدرسية من الأهمية بمكان في التعامل مع المشكلات الانحرافية
للطلاب، كما أود الإشارة إلى أن مصاحبة الوالدين للابن أو البنت في تلك المرحلة من
الأمور المهمة التي تدفع نحو عدم الانخراط مع أصدقاء السوء».
أولى خطوات العلاج
ومن جانبه يقول
الأستاذ منصور الجار الله المستشار النفسي والأسري بمركز التنمية الإنسانية
للاستشارات الأسرية قائلا: «أكثر الانحرافات السلوكية لدى الطلاب المراهقين هي
مشاهدة الصور والمشاهد الخليعة وخاصة على الجوال والتدخين والتمرد على النظام وعلى
المعلمين والإدارة، وفي رأيي أن دور المشرفة الاجتماعية أو المرشد الطلابي هو رقم
واحد في متابعة هذه المشكلات والتعرف عليها بالاستعانة بالمعلم عن طريق الملاحظة
وذلك لأنه متخصص في ذلك ويستطيع وضع برامج علاجية لها حتى لو تطلب الأمر إلى
التواصل مع متخصصين في علم النفس وعلم الاجتماع.
وعزل الطالب
المنحرف عن زملائه يختلف من طبيعة انحراف الأخرى، فإذا كان سيؤثر على زملائه،
فالأفضل تغيير البيئة على الطالب وتغيير الفصل الدراسي كي يساعد ذلك في التغلب على
المشكلة في البيئة الجديدة، وكذلك كي نحقق شيئًا آخر وهو إيجاد زملاء مميزين في
سلوكهم وقوة ثباتهم على الفعل الحسن، أي بيئة سوية صالحة تساعده على تعديل سلوكه،
ولا ننس أمرًا مهمًا جدًا وهو المتابعة
حتى لو تعدل السلوك بشكل مبدئي حتى نضمن الاستمرار، وحتى نقضي على المراوغة لدى
الطالب، وكذلك يجب مساعدة الطالب المنحرف على متابعة بعض المواد سواء كانت سمعية
أو مشاهدة أو حتى مقروءة تساهم في تعديل سلوكه، وكذلك نبين له مضار السلوك السلبي
الذي يمارسه».
رعاية واحتواء
وعن أساليب
احتواء الطالب المنحرف يضيف قائلًا: «يجب على المدرسة ممثلة بالإدارة والمشرفة
الاجتماعية احتواء هذا الطالب المنحرف نفسيا، وإعطاؤه أفضل رعاية ممكنة، وتوظيف
سلوكه بشكل أمثل، فإشراكه في نشاطات بديلة ومناسبة في المدرسة تعزز السلوك
الإيجابي، وبالتالي ينطفئ ويزول السلوك السلبي بالتدرج بإذن الله».
كما أنه من
الضروري التواصل مع والديه من قبل المشرفة الاجتماعية لربط التعامل والاحتواء بين
البيت والمدرسة، وبالتالي معرفة طريقة تعامل الوالدين مع الطالب أيضًا فربما تسببا
– دون وعى منهما – في هذه المشكلة، فالاتفاق معهما على برنامج معين مناسب لمدى
انحراف هذا الطالب ضروري لتوحيد الأسلوب التربوي العلاجي».
الطرد يصنع إنسانًا فاشلًا!
وتختلف معه د.
هند القاسم أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة قائلة: «أرفض تمامًا فكرة طرد
الطالب المنحرف من الفصل، أو استئصاله وبتره بشكل عام، لأن ذلك يفقده الشعور
بالانتماء، الذي يعتبر من ضروريات الإنسان للحياة وخاصة المراهقين ويفقد الرغبة في
التغيير بل يتمادى في العناد وممارسة السلوكيات المرفوضة لأنه يشعر بانتقاص كرامته
ومن ثم يبحث عن انتماء بديل يوافق سلوكياته المرفوضة فيلجأ لأصدقاء السوء، كما أن
طرده هو مؤشر على فشل الإدارة التعليمية والتربوية في التعامل مع هؤلاء المراهقين،
والأهم من ذلك يجب أن يتفهم التربويون - المعلم أو المشرف الاجتماعي - مراعاة
نفسية الطالب المراهق المنحرف - والتغيرات الفسيولوجية التي تطرأ عليه والتي تسبب
ثورة العاصفة والتمرد، فإذا تمت معاملته بطريقة خاطئة؛ فسوف نصنع إنسانًا فاشلًا
محبطًا، كما يأخذ الطالب موقفا سيئا من المعلم ويبدأ في تبادل الشعور بالكراهية،
مما ينعكس سلبًا على مستواه التحصيلي، لذلك علينا أن نعطي هذا الطالب الفرصة
للتعبير عن ذاته، فمن المستهجن مصادرة حقوق الطالب بمجرد خطأ ممن هو مكلف باحتوائه
ومعالجته وهو المعلم».
خطوات علاجية
- ضرورة شغل
أوقات الفراغ للطلاب بالأنشطة المجدية والنافعة وتفريغ طاقاتهم الجسمانية في
ممارسة الرياضة.
- إشباع فضول
المراهقين حول الاستفسارات الجنسية بشكل علمي غير مبتذل.
وعن الخطوات
العلاجية للسلوكيات المنحرفة للطالب تضيف قائلة: «هناك إجراءات كثيرة تساعد المعلم
أو المشرف التربوي على النجاح في معالجة سلوكيات الطلاب داخل الصف، أولها تحويل
الطالب باستمارة توضح المخالفة إلى المرشد الطلابي ليتولى علاجها.
وعند ارتكاب
الطالب سلوكًا سيئًا، يستخدم المعلم أسلوب التلميح، حيث يلمح للطالب بأنه علم بما
صدر منه، وأن استمراره في ذلك سيؤدي إلى الفشل، وأسلوب العتاب أنا مندهش هذا منكم
فكيف تفعلون ذلك؟! وإذا لزم الأمر يمكن مخاصمة الطالب لفترة قليلة تشعره معها
بخطئه ويعتذر، أو حرمان الطالب من ممارسة النشاط الرياضي أو الاشتراك في رحلة
مدرسية أو الاستعارة من المكتبة كما أن التوبيخ أحد الإجراءات العقابية المسموح
بها تربويًا بشرط ألا يصل التوبيخ إلى السخرية أو السب، وألا يكون أمام الآخرين في
الفصل؛ لأن هذا يدفع المراهق إلى الدفاع عن نفسه ورد الإهانة أو السب مما يزيد
المشكلة، ويصعد سلوكه المنحرف، ومن المهم إذا هدد المعلم بمعاقبة الطالب إن تصرف
بشكل سيء، وحدث هذا، فعليه أن يعاقبه فعلًا.
طاعة وامتثال
وتدريب الطلاب
منذ بداية العام الدراسي على الطاعة والامتثال للتعليمات والقواعد السلوكية التي
يضعها المعلمون تساعدهم على الانضباط، وحب المعلم والمدرسة.
وتساعد المراهق
على تكوين صورة عن السلوك الحسن، ويهتم بما يقوله الآخرون ويتصرف كما يطلب منه.
ومن المجدي أن
نطلب من الطالب صاحب السلوك المنحرف أن يسجل المواقف التي واجهته وكيف تصرف
حيالها، ويقوم بعد ذلك بمناقشتها مع المشرف الاجتماعي أو الطبيب النفسي بالمدرسة،
وهذا ينمي فيه ملكة مراقبة سلوكه ومحاولة التحكم وفي كل مرة ينجح فيها الطالب في
التحكم يكافئ نفسه، أو يكافئه المرشد حتى يتعزز سلوك التحكم والسيطرة الداخلية.
استئصال الجزء المصاب!
وعن دور الأسرة
في متابعة سلوك الطلاب، يضيف الأستاذ يوسف بن سليمان الهاجري المشرف بمركز التدريب
الطلابي، ومقدم برنامج المستشار في قناة «دليل» الفضائية قائلًا: «هناك العديد من
السلوكيات الانحرافية، التي يعاني منها الطلاب أبرزها الكذب، بذاءة اللسان،
الإعجاب المفرط، التحرش الجنسي، التدخين، وللتعامل مع الطلاب المنحرفين في الصف
الدراسي يجب رسم خطة عناية ومتابعة واسعة من جانبين في نفس الوقت، الأولى لمحاولة
استئصال السلوك السيء منه، والناحية الأخرى حفظ زملائه من سلوكه.
وهنا يأتي دور
المعلم داخل الصف، وكيفية التوجيه غير المباشر، والاستفادة من بعض الطلاب
المؤثرين، ويكون هناك دور بارز للمرشد الطلابي من الناحية النفسية والاجتماعية
والتواصل مع والديه، وعمومًا لا يمنع من عزل هذا الطالب المنحرف خاصة إذا كان
مؤثرًا سلبيًا على غيره من الطلاب كما يستطيع المعلم أن يستغل الطلاب للمشاركة في
تقويم السلوك المنحرف من خلال تعزيز القيم الحسنة عند الطلاب يؤدي بالتالي إلى
تقويم السلوك المنحرف.
انحرافات خطيرة
وعن الانحرافات
الخطيرة تضيف د. القاسم قائلة: «من الانحرافات المدمرة التحرشات الجنسية بين
الطلبة، والتدخين الذي يؤدي إلى الإدمان» والانحراف الجنسي هو حصول المراهق على
الإشباع الجنسي بطرق غير مشروعة تخالف المنهج الرباني ويستهجنها المجتمع أو يعاقب
عليها، عند اكتشاف المعلم لهذا الأمر عليه متابعة سلوك الطالب بشكل دوري مستمر،
وينبغي إدراك أن طبيعة سن المراهقة يمر بالفضول الجنسي، لذلك يجب أن يتسم المعلم
أو المشرف الاجتماعي بالعملية وألا يطالب بالمثالية فعلى المربي أن يتعرف على
الأسباب التي أدت إلى الانحراف، وأن يعالج الخطأ بهدوء، وألا يلجأ إلى التهديد أو
العقاب، أو إثارة الانفعالات كي يتغلب الطالب على مشكلاته السلوكية، لكن قد يحتاج
إلى عزله في حالة تعرضه لزملائه بالتحرش.
يجب إشباع فضول
المراهقين حول الاستفسارات الجنسية بشكل علمي غير مبتذل، ومن خلال ذلك يتم تحذير
الطلاب من الانحرافات الجنسية على هذه الأسس العلمية لا على مجرد التخويف
والترهيب.
شغل أوقات الفراغ
من الضروري جدًا
شغل أوقات الفراغ للطلاب بالأنشطة المجدية والنافعة وأن يتم تفريغ طاقاتهم
الجسمانية في ممارسة الرياضة والحذر من انتشار المجلات الإباحية والصور بين
الطلاب.
إيضاح النتائج
الخطيرة للانحرافات دينيًا وخلقيًا وصحيًا واجتماعيًا، والعمل على تنمية سلوكه
ووعيه الديني، وذلك بتشجيعه على قراءة القرآن الكريم، وحضور المحاضرات الدينية.
وتضيف: «كما
تعاني بعض المدارس من الانحرافات الفكرية التي تؤدي إلى سلوك عنيف بدرجاته
المتفاوتة، وهنا يجب تكثيف البرامج التوعوية التي تحذر من الإرهاب، وإشراك الطلاب
جميعهم في هذه البرامج التدريبية خاصة من يجدون فيه بوادر السلوك العدواني من
الطلبة.
ومن الضروري
أيضًا رصد سلوك الطلاب، وتتبع أنواع التصرفات المنحرفة في بداياتها قبل أن تستفحل
في نفس الطالب، واستغلال مراكز مصادر التعلم في التحذير من الإرهاب، ونشر الدراسات
والبحوث التي ترصد آثار الإرهاب وسلبياته على الوطن بلغة الأرقام والصور، وتزويد
جميع المدارس بها.
كما يجب على
المشرف التربوي التعرف على أسباب السلوك الانحرافي لدى الطالب ومتابعة إذا كان
للأسرة دور في هذا السلوك في تربيتها ولأفرادها بكثرة المشاحنات بين الوالدين أو
انفصالهما، وتفكك الروابط الأسرية، أو كان أحد أفراد الأسرة شخصًا عدوانيًا ينظر
للمجتمع نظرةً سلبية، أو الحرمان الشديد وعدم إشباع الحاجات الأساسية أو سوء
معاملة الوالدين وفقدان التنشئة السليمة، وضعف الرقابة الوالدية وغياب القدوة
الحسنة(1).
يمكنك الاطلاع على:
- الأسبوع الدراسي الأول.. والتحديات الجديدة
- رسالة وزير التربية إلى نظَّار المدارس في الكويت
-
لقاءات «المجتمع» مع الأستاذ خالد المذكور المعيد بجامعة الكويت
- وزارة التربية تعلن مسؤولياتها في مطلع هذا العام الجديد
___________________
(1) نُشر بالعدد
(1997)، 16 جمادى الأولى 1433هـ/ 13 أبريل 2012م، ص60.