دعوة للإنجاز في وقت الأزمات (7)

الهموم.. واستثمارها في إدارة الأزمات

كثير من الناس يشتكي من الهموم التي تصيبه في هذه الحياة، وسرعان ما يتضجر منها ويراها شراً محضاً لا خير فيه، ولكن مع قليل من التدقيق بعد التسليم والرضا بقضاء الله يظهر ما في بواطن الأمر على خلاف الأمر الظاهر.

الهَم في حياة الإنسان همان؛ هَم مدمر، وهَم معمر، الهم المعمر يُعرف حين يكون دافع التعمير أمراً إيجابياً، فعبر التعمير يتم تفريغ الشحنات السلبية، وذلك عبر عدة مراحل هي: الصدمة، والاستيعاب، وإعادة تشكيل الصورة، والتحويل لمشروع، والتفريغ للشحنات.

وماذا عن المدى الزمني اللازم لهذه الخطوات؟ لعلنا نعزز لبعض تلك المراحل بشواهد مما يلي، حيث استخدم جميع رواد الأعمال العظماء هذه الإستراتيجيات لقلب العقبات رأساً على عقب وإيجاد الفرص داخلها، ومنها ما يلي:

1- استيعاب الصدمة:

يُذكر أن جون د. روكفلر حين كان في وظيفته الأولى، وضرب الذعر الاقتصاد الأمريكي عام 1857م، كان من الممكن أن يصبح محبطاً ومشلولاً بسبب الظروف المؤسفة التي واجهها، ولكن بدلاً من التحسر على الاضطراب الاقتصادي، اختار أن ينظر إلى الأحداث بشكل مختلف عن أقرانه، إذ نظر إلى الأزمة كفرصة للتعلم، فقد كان يميل إلى رؤية الفرصة في كل كارثة، كما قالها ذات مرة، وفي غضون 20 عاماً من تلك الأزمة الأولى، سيطر روكفلر وحده على 90% من سوق النفط.

ومثل روكفلر، يعيش رواد الأعمال اليوم في أوقات مضطربة، بدلاً من السماح لتصوراتنا للأحداث في أن تخيم على حكمنا، يمكننا النظر إلى شركات مثل «Linkedin»، و«Microsoft»، التي تم تأسيسها خلال أوقات الأزمات الاقتصادية.

2- فكّر بشكل مختلف:

اشتهر ستيف جوبز بما أسماه المراقبون «مجال تشويه الواقع» الذي جعله يرفض عبارات مثل «لا يمكن القيام بذلك»، فعندما طلب نوعاً خاصاً من الزجاج لأول هاتف «iPhone»، كان المصنعون يشعرون بالذعر في الموعد النهائي، قال جوبز: «لا تخف يمكنك أن تفعل ذلك.. استخدم عقلك حولها يمكنك أن تفعل ذلك»، وبين عشية وضحاها تقريباً، حوّل المصنعون منشآتهم إلى عملاق صناعة الزجاج، وفي غضون 6 أشهر، حققوا ما يكفي لتشغيل أول هاتف بالكامل، وقد دفعه إصراره إلى تجاوز ما اعتقدوا أنه ممكن.

3- تجاهل القواعد:

تم إخبار صموئيل زيموراي، صاحب شركة «United Fruit» ذات مرة بأنه لا يستطيع بناء الجسر الذي يحتاجه عبر النهر في أمريكا الوسطى، واحدة من أقوى الشركات في الولايات المتحدة في ذلك الوقت، طلب زيموراي من مهندسيه بناء رصيفين طويلين إلى وسط النهر عند الحاجة، وقاموا بتثبيت عائم مؤقت يمكن أن يربطهم في غضون ساعات.

يمكننا أن نرى هذا النوع من البراعة في الشركات الناشئة مثل «Uber» و«Tesla»، هناك أوقات يجب أن نتخذ فيها إجراءات جريئة تتطلب جهلاً للوائح القديمة أو القمعية لتحقيق أهداف أعمالنا.

4- لا بأس أن تفكر بشكل سلبي مؤقتاً:

ذلك أنه نادراً ما تشبه خططنا الطريقة التي تسير بها الأمور بالشكل التقليدي، ولكنْ جميل أن ندرب أذهاننا على ما يمكن أن يحدث بطريقة خاطئة، ولا نندهش باستخدام هذه العملية، كي نتفوق على منافسينا الذين صدموا وتراجعوا، دمرهم ما لم يتخيلوا أنهم قادرون.

5- تشبث بمصيرك:

عندما احترق مختبر توماس إديسون بأكمله؛ أخذ بالبحث والإنتاج مجدداً، ولم يغضب أو أصبح يائساً بدلاً من ذلك، أصبح نشيطاً ونشطاً، ففي غضون 3 أسابيع فقط، تم إعادة تشغيل المختبر وتشغيله الذي أفضى الى مصنع، وذلك من حب المصير.

في حياتنا، يمكننا أن نتبع مثال إديسون عندما نفقد مستثمراً أو موظفاً يترك الشركة الناشئة بشكل غير متوقع.

6- عندما تكون المنظمة في خضم أزمة، فإن أكثر ما تحتاجه الحقائق الثابتة:

ماذا حدث؟ لماذا؟ كيف يمكن منعها؟ من ساهمت أعماله في ذلك؟ ما الوضع الحالي حتى يمكن اتخاذ القرارات الإستراتيجية بسرعة؟

إن إثبات هذه الحقائق ليس بالأمر السهل، وهذا يعني إلقاء نظرة باردة وصعبة وموضوعية داخل الشركة، لكن القيام بذلك أمر حتمي، لماذا؟ لأن المعلومات في الأزمات القوة والأساس لاستجابة فعالة وذات مصداقية، علاوة على ذلك، يمكن أن ينتهي نشاط تجاري لا يبذل جهداً لكشف الحقائق في حلقة مفرغة، ويفعل نفس الأشياء مراراً وتكراراً مع توقع نتائج مختلفة.

الحكمة تقول: إن كل شيء يمكن أن يتحول ليصبح سلاحاً ذا حدين، وهذا الأمر ينطبق على انفعالاتنا مع أحداث الحياة، التي تعد الهموم أحد أبرزها، فإن كان المرء سيتأثر بهذا الهم لا محالة، فلِمَ لا نسخره لخدمة أهدافنا وللخروج من الأزمات الحياتية الطارئة بأكبر مكسب وبدون خسارة؟!


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة