مغامرات «عمر وجدو» الرمضانية (5)

الأسلوب الجميل!

رن جرس المنزل، فقد جاءت جارات فاطمة لزيارتها بعد صلاة التراويح، وكعادة فاطمة الجميلة استقبلتهن بكثير من الترحيب، فهي تحب ملاقاة الضيوف بابتسامة جميلة تسعد بها الزائرات، وقد أعدت لهن بعض الحلويات اللذيذة، فهي كلما أكرمت ضيفاتها بالمقدور عليه بعيداً عن التكلفة فوق إمكاناتها تذكرت جميل صنعها بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»؛ الأمر الذي يجعلها تصنع الضيافة بكثير من الحب.

جارتها ندى كانت كثيرة الحديث عن المسلسلات التي تشاهدها وعن أحداثها المختلفة، هذا الأمر أدخل في قلب فاطمة الكثير من الحزن لما تسمعه.

هذا جعل فاطمة لا تتردد بالحديث لندى بأسلوبها الجميل وكلماتها الطيبة ونصحها بطريقة محببة: جاراتي الغاليات، يعلم الله تعالى كم أحبكن، فنحن جيران منذ سنوات طويلة، وأحبكن مثل حبي لأخواتي، الأمر الذي يجعلني أذكر نفسي وأهمس في قلوبكن الطيبة: الله تعالى أنعم علينا بأن نكون من أهل شهر رمضان المبارك، الأمر الذي يتطلب منا اغتنامه بالطاعات، فلا يعقل أن نضيع ساعات طويلة في مشاهدة المسلسلات البعيدة كل البعد عن أخلاقنا الإسلامية.

يا جاراتي الحبيبات، لنغتنم هذا الشهر بتلاوة القرآن والذكر والصلاة والدعاء وغيرها من الأعمال الصالحة.

كانت ندى وجاراتها يسمعن بحرص شديد لكل كلمة تتحدث بها فاطمة، فهي محقة بذلك، وظلت كل كلمة محفورة في عقل ندى؛ الأمر الذي جعلها تعقد العزم بعدم مشاهدة هذه المسلسلات سواء في رمضان أو بعده.

الأسلوب الجميل كان له أثر كبير في تدفق الكلمات الطيبة لقلوبهن، وما إن غادت الجارات حتى سمعت صوت عمر يقول بصوت عال لشقيقته ريتال: لا تفعل ذلك!

ذلك جعل فاطمة تترك كل ما في يدها من أطباق الضيافة وتسرع لترى الأمر.

جدو نظر باستغراب لارتفاع صوت عمر على شقيقته، وقبل أن يتحدث بكلمة، كان عمر يقول: انظر يا جدو ماذا تفعل ريتال؟! إنها تضع الحلوى في خزانة الملابس، وهذا سيؤدي إلى تراكم النمل على الملابس.

ابتسم جدو واقترب من ريتال وأخذ يحضنها وهو يحاول أن يعطيها الأمان: حبيبة جدو ريتال الغالية، لا تخافي أنت في حضن جدو، فقد حمل جدو، ريتال، وطلب من عمر أن يتبعه، في هذه اللحظة لم تتحدث فاطمة بشيء، فهي تدرك رجاحة عقل جدو وسوف يهتم بمعالجة الموضوع.

بمجرد أن نظر جدو إلى عمر خفض رأسه فهو يوقن بأنه أخطأ بأسلوبه في نصح شقيقته.

تحدث جدو بصوت منخفض فيه كثير من الحب: عمر حبيب جدو، كل يوم نحن نتعلم، وجميعنا نخطئ، لكن المهم أن نتعلم، حبيب جدو، أنت كنت محقاً في منع ريتال من فعلها، لكن الخطأ بالأسلوب، خاصة أنها ما زالت صغيرة وأنت شقيقها الأكبر، لا بد أن تظهر حنانك لشقيقتك وتتكلم معها بهدوء حتى لا تخاف منك.

الإسلام العظيم علمنا أن نتعامل بأسلوب جميل عند النصح والإرشاد بعيداً عن الصوت العالي المخيف.

نظر عمر إلى جدو وهو يعتذر إلى شقيقته ريتال فأخذها بحضنه وقال لها: ريتال حبيبتي، أنا آسف لن أكرر ذلك.

وسرعان ما ذهب إلى المطبخ وأحضر علبة جميلة ووضع بها الحلوى وأحضرها لريتال وقال لها: رتولة حبيبة عمر، هذه الحلويات مكانها في الثلاجة.

ابتسم جدو وهو يردد: الله يرضى عليك يا عمر، الله يرضى عنك يا ريتال.

الأسلوب الجميل هو الأقرب إلى القلب في النصح، هل تتعامل مع أفراد أسرتك بطريقة طيبة، أو صوت عال؟!


كلمات دلاليه

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة