مغامرات «عمر وجدو» الرمضانية (6)
عمر يتعلم حِفْظ النِّعَم

علامات الحزن
كانت واضحة على ملامح عمر وهو يجلس في صمت على كرسي مائدة الطعام ذات اللون
المشمشي الجميل.
لمح جدو، عمر،
وهو في طريقه إلى غرفة المكتبة المنزلية، قال له: ماذا به حبيب جدو يجلس بصمت وأرى
ملامح الحزن عليه.
في بداية الأمر
لم يرغب عمر في الحديث، ذلك جعله يجيب جدو: لا شيء يا جدو.. لا شيء.
نظر جدو إلى عمر
بكثير من الحب: أيعقل أن تخفي عن جدو حبيبك؟!
خفض عمر رأسه،
وقال بصوت منكسر بعض الشيء: أنا زعلان من ماما.
فتح جدو عينيه
بكثير من الاتساع والاستغراب: أيعقل أنك زعلان من ست الحبايب!
مسك جدو يد عمر
وسارا باتجاه غرفة المكتبة، وجلس جدو على مقعده القريب من النافذة ورفع عمر إلى
حضنه، وهو يلاعب شعره الجميل.
عمر حبيب جدو،
هل ممكن أن أعلم ما السبب؟
أجاب عمر وما زال
رأسه منخفضاً: حقيقة يا جدو الغالي سألت اليوم ماما عن الإفطار، فتعجبت كثيراً
حينما سمعت الإجابة بأنها سوف تسخن طعام أمس وتضيف إليه طبق السلطة مشكلة الخضراوات،
وطبق شوربة البرغل.
أخبرتها بأنني
صائم وأرغب بطعام جديد مختلف عن طعام أمس، ومع ذلك لم يختلف رأيها خاصة أنها
أخبرتني بأنه ما يزال هنالك الكثير من طعام الأمس.
نظر جدو إلى عمر
بابتسامة حنونة، وهو يتحدث إليه: أيعقل أن تزعل من ماما الغالية بسبب ذلك؟!
ماما محقة يا
عمر.
عمر يتكلم بصوت
منخفض: لكن أنا صائم يا جدو.
حافظ جدو على
ابتسامته الحانية: إذا أعدت ماما طعاماً جديداً سيبقى القديم ولا يؤكل؛ وبالتالي
سيتلف ويكون مقامه سلة القمامة، وبذلك سنكون مبذرين، ولا نحترم النِّعَم، وهذا
الأمر مخيف يا حفيدي قد نعاقب بحرمانها، النِّعَم إذا خرجت من الصعب أن تعود،
فلنحافظ عليها بالحمد والشكر وعدم التبذير.
يا حبيب جدو، هنالك
الكثير من الناس تتمنى أن تأكل مثلما تأكل أنت بنِعَم كبيرة جداً، وأن تكون صائماً
لا يعني أن نضع الكثير من الطعام والجديد كل يوم، طالما طعام أمس ما زال يصلح
للأكل، فهذا يكفي لنحافظ على هذه النعمة ونتناولها.
يا حبيب جدو،
حافظ على النعم بالحمد والشكر لله تعالى؛ حيث جاء في كتابه العزيز: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن
شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (إبراهيم: 7)، وهذه الآية الكريمة تؤكد أنه لئن شكرتموه على نعمه
ليزيدنكم من فضله، ولئن جحدتم نعمة اللّه عز وجل ليعذبنَّكم عذابًا شديدًا.
ابتسم عمر
ابتسامته الجميلة، وأخذ يعانق جدو: حبيبي يا جدو، والآن سوف أصالح حبيبتي ماما.
ضحك جدو: الله
يرضى عنك يا عمر.
وبسرعة ذهب عمر
وهو ينادي: حبيبتي ماما، أنا أسف، تعلمت اليوم من جدو كيف أحافظ على النِّعَم.
احتضنت فاطمة
طفلها وهي تحرك شعره بكثير من اللطف: الله يرضى عنك يا حبيب ماما.
ابتسم عمر بكثير
من الحب: ماما، أريد أن أساعدك في إعداد السلطة.
هزت فاطمة رأسها
بالموافقة.
هل توافق والدتك
بتناول طعام الأمس، أم لا بد أن تحضر كل يوم طعاماً جديداً؟!