13 فبراير 2025

|

البيت في غزة غالي الثمن!

ريما محمد زنادة

06 فبراير 2025

5185

البيت في غزة ليس عبارة عن حجارة وحديد وأسمنت ونوافذ وأبواب؛ بل أعظم بكثير؛ فهو ثمن سنوات عمر مشبعة بالتعب والحصار، والاحتلال، والغلاء، والعمل لساعات متواصلة لمهن مختلفة.

كل حجر في البيت كانت كلفته كبيرة جداً يدفعها المواطن الغزي من لحمه ودمه والكثير الكثير من سنوات شبابه وكبر سنه، حتى إنه قد يتجاوز السبعين وهو ما زال يدفع ثمن البيت الذي يعيش به.

وكثير من هذه البيوت أصحابها شهداء سواء في حروب سابقة أو في هذه الحرب الأخيرة، وما زال العديد من أصحابها تحت ركامها.

الستر الدافئ

البيت في غزة مثل الملابس الملاصقة للجسد تحميه من برودة الشتاء وتخفف عنه حرارة الصيف، فهو لا يستر جسده وأسرته فحسب؛ بل يستر عالمه وحياته وأسراره التي أحاطتها جدران منزله لسنوات طويلة.

كثير من البيوت بنيت في سنوات طويلة، كانت بمثابة «تحويشة» العمر، دفع من أجل بنيانها كل ما يملك من مال، وأعانته زوجته التي باعت مصاغها وتحويشتها، لتعين بها زوجها لبناء هذا البيت الذي طال انتظاره.

البيت يستحق كل هذا التعب والمال، فهو الستر الدافئ لقلوب أفراد الأسرة.

أقساط طويلة

وكثير من الأبراج والعمارات التي تحتوي على شقق سكنية ما هي إلا عبارة في أغلبها عن أقساط ما زال ساكنوها يدفعون ثمنها، ولا غرابة إذا علمنا أن سنوات الدفع تتجاوز 10 سنوات، إضافة للمقدَّم الذي وضع فيه، الذي كان عبارة عن ديون ومصاغ الزوجة وتحويشة العمر ومساعدة الأهل.

البيت في غزة ليس مجرد جدران، إنما هو عمر وتعب، تحمل في داخله العديد من الذكريات والمقتنيات الغالية على أصحابها، خاصة حينما ترتبط برائحة أشخاص أعزاء قد استشهدوا، فكل شيء في هذه اللحظة يعتبر غالياً جداً، فلا نستغرب حين نرى رجلاً يبكي على جدران بيته المدمر، فهو يبكي على جدرانه مرة، وعلى ذكريات نجله الشهيد فيه ألف مرة.

قصف المنازل وحرقها

في حروب سابقة، وخاصة هذه الحرب الأخيرة، تعمدت صواريخ الاحتلال أن تقتل الإنسان الغزي مراراً، فتارة في قصف منزله وهو داخلها، وتارة بحرقه وحرق جسده الذي التصق بجدرانه، وأخرى بقتله مباشرة.

العديد من الأحياء السكنية لم يعد لها أي ملامح، أصبحت مجهولة من الصعب معرفتها، فقد تعمد الاحتلال تدميرها وجعلها تفتقد أبسط مقومات الحياة.

ومع ذلك، عاد إليها المواطن الغزي بعائلته، فلا نستغرب من ذلك، فالأرض في غزة ثمنها غال جداً؛ فهي دين وعقيدة وبمثابة العرض وسنوات عمر طويلة.

رغم توقف الحرب، فإن هناك العديد من العائلات لا تجد حتى خيمة؛ ما جعلها تفترش الأرض، فلا حيلة لها أو أي مكان بديل.

البحث عن بيت

الدمار هائل في قطاع غزة الذي قد تجاوز 161500 وحدة سكنية دمرها الاحتلال بشكل كلي، و82 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن، و194 ألف وحدة سكنية مدمرة جزئياً.

هذا الأمر جعل عملية البحث عن بيت حتى وإن كان للإيجار أمراً مرهقاً جداً، ناهيك عن سعره المرتفع جداً، ذلك جعل الكثير من العائلات يحاولون إصلاح ولو غرفة من ركام بيوتهم المهدمة للسكن فيها رغم خطورة الأمر، لكن ليس باليد حيلة.

وتزداد هذه الأوجاع في فصل الشتاء القارس الذي زاد من رجفان القلب الموجع قبل البدن. 


تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة