13 فبراير 2025

|

5 فوائد لإيتاء الزكاة في شعبان

 

كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهلوا شعبان ‌أكبوا ‌على ‌المصاحف فعرضوها، وأخرج المسلمون زكاة أموالهم، يقوون المسكين والضعيف على صيام شهر رمضان.([1]) هذا قول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وقد استنبط منه بعض الفقهاء استحباب إخراج الزكاة في شهر شعبان، وذلك تأسياً بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانوا يسارعون بإخراجها في ذلك الشهر. وفي هذا فوائد متعددة، منها: 

1-الاقتداء بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن أبي حاتم رحمه الله: "أما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونُصرته وإقامة دينه، وإظهار حقه، فرضِيهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوة، فحفِظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عز وجل، وما سنَّ وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر ونهى، وحظر وأدب، وعوه وأتْقنوه، ففقِهوا في الدين، وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقُّفهم منه واستنباطهم عنه، فشرَّفهم الله عز وجل بما منَّ عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز، وسماهم عدول الأمة.([2]) هؤلاء الصحابة الكرام بما لهم من فضلٍ وسبقٍ وصحبةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُثِر عنهم أو عن بعضهم أنهم كانوا يفعلون شيئا؛ فإن المسلم يجب أن يسارع في الاقتداء بهم والسير على دربهم. وقد سبق التأكيد على أن الصحابة كانوا إذا دخل شعبان أخرجوا زكاة أموالهم.

2-إعانة الفقراء على حسن الاستعداد لشهر رمضان.

في قول سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يخرجون زكاة أموالهم في شعبان تعليل لهذا الفعل، وهو قوله رضي الله عنه: "يقوون المسكين والضعيف على صيام شهر رمضان". ففي إخراج الزكاة في هذا الوقت إعانة لكل فقير ومحتاج على تدبير أموره وتوفير احتياجاته اللازمة من مأكل ومشرب وملبس وغيرها من متطلبات الحياة، من أجل الاستعداد لشهر رمضان المبارك وحسن العبادة فيه.

3-الاستعداد لاستقبال رمضان بالطهارة المالية. 

ليس في إخراج الزكاة في شهر شعبان نفع للفقير فقط؛ بل إن المزكي ينتفع بذلك أيضا، حيث يطهر ماله من كل ما علق به من حقوق، ويتهيأ لاستقبال هذا الشهر الكريم بقلب خال من التعلق بالدنيا.

4-زيادة الأجر والثواب. 

إن شهر شعبان من الشهور التي يغفل عنها الناس، وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده والنسائي في سننه عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن شهر شعبان: «ذَاكَ شَهْرٌ ‌يَغْفُلُ ‌النَّاسُ ‌عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ». هذه الغفلة تسهم في زيادة أجر العابدين، ذلك أن العبادة في غفلة الناس شاقة على النفس وجالبة للأجر العظيم من الله سبحانه وتعالى، ففي صحيح مسلم عن ‌مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه، أن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «‌الْعِبَادَةُ ‌فِي ‌الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ». وإذا كان وقت الغفلة يسهم في زيادة أجر العابدين؛ فإن إخراج الزكاة من أعظم العبادات عند الله سبحانه وتعالى، فهي ركن من أركان الإسلام، وعمود من أعمدته.

5-التمرين على العطاء.

شهر شعبان هو البوابة لشهر رمضان المبارك، لذا كان العمل الصالح فيه كالتمرين على العمل الصالح في رمضان، ومن أهم الأعمال الصالحة في رمضان: الصدقة. ففي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ ‌أَجْوَدُ ‌مَا ‌يَكُونُ ‌فِي ‌رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المرسلة». فإذا كان الجود والعطاء من العبادات المهمة في رمضان؛ فإن إخراج الزكاة في شعبان يعد تمرينا إلزاميا للمسلم، حتى يتعود على العطاء.


 

([1]) الترغيب والترهيب: إسماعيل الأصبهاني، (2/ 351). وانظر: فتح الباري: لابن حجر العسقلاني، (13/ 311).

([2]) الجرح والتعديل: لابن أبي حاتم، (1/ 7).


كلمات دلاليه

تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة