القدس ستبقى همنا الأكبر مهما كثرت المشكلات

وسط حراك سياسي وشعبي كبير تشهده المنطقة
العربية عمومًا، وشمال أفريقيا خصوصًا، وفي ظل تزايد الأخطار والتحديات التي
تواجهها مدينة القدس، وبرعاية الرئيس السوداني عمر البشير.. افتتح مؤخرًا المؤتمر
السنوي الثامن لـ«مؤسسة القدس الدولية» أعماله رسميًا، يوم السادس من مارس الجاري،
في قاعة الصداقة بالعاصمة السودانية الخرطوم؛ حيث حضر جلسة الافتتاح حشدٌ كبيرٌ من
الشخصيات والوفود القادمة من 28 دولة، جَمَعَهم واجب المحافظة على القدس وحماية
مقدساتها الإسلامية والمسيحية.
إضافة إلى حضور نحو 140 من أعضاء مجلس
أمناء مؤسسة القدس الدولية ومجلس إدارتها، وعدد من الشخصيات السودانية، أبرزها:
رئيس المجلس الوطني السوداني أحمد إبراهيم الطاهر، ومساعد رئيس الجمهورية د. نافع
علي نافع، ومستشار رئيس الجمهورية البروفيسور إبراهيم أحمد عمر، ووزير الأوقاف د.
أزهري التيجاني، ووزير الإعلام د. كمال عبيد، ووزير رئاسة الجمهورية الفريق بكري
حسن صالح، ووالي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر، ورئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة
الإسلامية المشير عبد الرحمن سوار الذهب.
المرشد العام للإخوان: القدس وفلسطين.. قضية الإخوان الأولى ونعتبر
الإمام البنا شهيدًا لهذه القضية
سبق حفل الافتتاح معرضٌ للصور والتراث
المقدسي، وبعد أن جال الضيوف في أرجاء المعرض افتتحت فعاليات المؤتمر التي شهدت
عددًا من الكلمات.
جلس على المنصة الرئيسة كل من: الرئيس
السوداني عمر البشير، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، ونائب رئيس
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د. علي القره داغي (ممثلًا عن العلامة د. يوسف
القرضاوي)، ونائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية الوزير السابق بشارة مرهج،
ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر ورئيس مجلس أمناء فرع المؤسسة في السودان الأستاذ
قطبي المهدي، ورئيس المكتب السياسي لـ«حزب الله» السيد إبراهيم أمين السيد.
بدايةً، ألقى الأستاذ قطبي المهدي كلمة
تحدث فيها عن نشاط مكتب مؤسسة القدس في السودان، لا سيما وضع الحجر الأساس لـ«وقف
القدس» في الخرطوم، وإطلاق «رابطة نساء لأجل القدس» في السودان وذلك يوم الخامس من
مارس.
د. صبري: الاحتلال سحب 14 ألف هوية مقدسية و50 ألفًا أخرى مهددة
بالسحب.. إنه تفريغ للقدس من سكانها!
ثم ألقى الأستاذ بشارة مرهج كلمة مؤسسة
القدس الدولية؛ شكر فيها السودان -رئيسًا وحكومة وشعبًا- على استضافة المؤتمر،
وعلى الوقف الذي خصص للقدس، وعلى رعاية النشاطات المصاحبة الكثيرة التي جرت،
منوهًا بأن «المؤسسة نفذت في العام الماضي 26 مشروعًا مقدسيًا، مساهمةً منها في
تثبيت المقدسيين في أرضهم، وإن كان الواقع المبني على الدراسات يقول: إن القدس
بحاجة خلال السنوات الخمس القادمة إلى نصف مليار دولار، وإن قطاع الإسكان وحده
بحاجة إلى 180 مليون دولار».
ثلاث رسائل
كلمة فلسطين ألقاها خالد مشعل رئيس
المكتب السياسي لحركة «حماس»؛ حيا فيها السودان على مواقفه الداعمة للقضية
الفلسطينية، منبهًا إلى أن «القضية الفلسطينية ترفع من يعمل لها وتخفض من يتنكر
لها»، مستدلًا بالشواهد التي تجري من حولنا اليوم.. وفي كلمته وجه ثلاث رسائل:
فلسطينياً تحدث عن «إعادة ترتيب البيت
الفلسطيني على أسس وطنية»، داعيًا الرئيس السوداني وباقي الرؤساء العرب إلى «تشکيل
مظلة عربية للوحدة الفلسطينية على قاعدة عفا الله عما مضى إذا تحقق التوحد على
مشروع المقاومة».
وعربيًا؛ طالب «الذين سعوا لإعادة الوجه
العربي لعواصمهم؛ أن يعيدوا الوجه العربي والإسلامي للقدس، لأننا إذا لم نستنقذ
القدس فإن سيادتنا الوطنية تبقى منقوصة».
ودوليًا: ذكر بـ«أن في العالم أحرارًا
يجب أن نستفيد من وجودهم، وأن تطرق أبواب العالم بمواقف وطنية، بعيدًا عن الرهان
على الإدارة الأمريكية».
بعد ذلك تسلم الرئيس عمر البشير درع
مؤسسة القدس، تكريمًا له على استضافته ورعاية المؤتمر والنشاطات المصاحبة، وألقى
الرئيس البشير بعد ذلك؛ كلمة أشاد فيها بالجيل العربي الجديد الذي اعتبره «أقدر
على تحقيق التغيير المطلوب من شباب الأمس».. وتساءل: «كيف لا تستطيع نحو خمسين
دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي أن ترفع صوتها من أجل القدس وفلسطين».
الرئيس البشير: كيف لا تستطيع خمسون دولة مسلمة رفع صوتها تجاه ما
يحدث في القدس وفلسطين؟!
وأكد البشير وقوف السودان وشعبه إلى جانب
القضية الفلسطينية، وأنه وجه الولاة في الأقاليم كافة لدعم مؤسسة القدس وإنشاء
الأوقاف باسمها، وقال: «إن السودان لن يتراجع عن دعم الحق الفلسطيني، وأن القدس
ستبقى همنا الأول، مهما كثرت المشكلات».
انتفاضة حقيقية
تلا ذلك كلمة العلامة د. يوسف القرضاوي
ألقاها عنه د. علي القرة داغي، وقد بشَّر في مستهلها المؤتمرين بأن دولة قطر خصصت
أرضًا ليُبنى عليها برج ضخم، كوقف للقدس، داعيًا إلى «مضاعفة الجهد والاهتمام
بقضية القدس حتى لا يستغل العدو المتربص انشغالنا بالقضايا الداخلية لينفذ مخططه
في تهويد المدينة المقدسة».
كلمة المرشد العام لـ«الإخوان المسلمين»
ألقاها الأستاذ جمعة أمين: قال فيها: «إن القدس وفلسطين هي قضية الإخوان الأولى،
وإننا نعتبر الإمام حسن البنا شهيدًا لهذه القضية التي تشغلنا ليل نهار»، متمنيًا
أن ينعقد المؤتمر القادم في مصر.
كلمة القدس
كلمة القدس ألقاها الشيخ د. عكرمة صبري،
رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، أشار فيها إلى أن السنتين الأخيرتين شهدتا
عددًا كبيرًا من البيوت المهدمة، وأن 14 ألف هوية مقدسية قد سحبها الاحتلال
بالفعل، وأن 50 ألف هوية أخرى مهددة بالسحب أيضًا، وأن هذه الهويات تسحب تحت عنوان
تبادل الأراضي، وأن الهيئة الإسلامية أصدرت فتوى بتحريم هذا التبادل.. إنه تفريغ
للقدس من سكانها!
كلمة المؤتمرات الثلاثة
كلمة المؤتمرات الثلاثة (القومي العربي -
مؤتمر الأحزاب العربية - المؤتمر القومي الإسلامي) ألقاها الأستاذ منير شفيق؛
فأشاد فيها بالثورات العربية، معتبرًا أن أكثر من يجب أن يستفيد منها القضيةالفلسطينية لكنه اعتبر ذلك مشروطًا بـ«سقوط سلطة رام الله، حتى تتحقق الوحدة
الفلسطينية وتقوم انتفاضة حقيقية تجبر الاحتلال على الاندحار».
تبرعات
ولعل الفعالية الأبرز في هذا المؤتمر
تمثلت في إقامة مؤسسة القدس الدولية أمسية خيرية في فندق «الفاتح» بالعاصمة
السودانية برعاية والي الخرطوم د. عبد الرحيم الخضر، وخصصت لجمع التبرعات من أجل
القدس.
القدس بحاجة إلى نصف مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة..
منها 180 مليونًا لقطاع الإسكان
بدأت الأمسية بمقدمة من الأستاذ هشام
يعقوب، ثم عرض لحزمة المشروعات المنفذة عام 2011م من قبل مؤسسة القدس الدولية، وقد
بلغت قيمتها 651 ألف دولار أمريكي.. ثم أدار الأستاذ حسام غالي جلسة التبرعات التي
سادتها أجواء حماسية وتبرعات بمبالغ كبيرة وصغيرة كل حسب قدرته، وقد بلغ إجمالي
التبرعات ما قيمته سبعة ملايين دولار.
وقد عبرت الكويت عن التزامها التاريخي
تجاه دعم مشروعات التثبيت في القدس، عبر المساهمة بتبني عدد من المشروعات خلال عام
2011م، قاربت تكاليفها مليوني دولار من المؤسسات الخيرية الكويتية، وعلى رأسها
الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية والرحمة العالمية واللجنة الكويتية المشتركة
للإغاثة.
على هامش المؤتمر
- عبر العديد من المشاركين عن اعتزازهم
بالدور التاريخي للعم «يوسف الحجي»، تجاه قضايا القدس وفلسطين، وجهوده المتواصلة
في العمل الخيري والإنساني، والتي تكللت بتكريمه في حفل الافتتاح من قبل الرئيس
البشير.
- شهد المؤتمر تغطية واسعة من وسائل
الإعلام المحلية والدولية، ونقلت جلسة الافتتاح على الهواء مباشرة في عدد من
القنوات العربية.
- عقد المؤتمر على وقع الأحداث في ليبيا،
ومن المفارقات أن يقام المؤتمر في فندق «الفاتح» المملوك لليبيا يسميه أهل السودان
فندق «القذافي»، وكانت قاعاته وأجنحته مسماة بمناطق: «بنغازي»، و«الزاوية»، و«سرت»
و«طرابلس»(1)!
للمزيد:
- محاولة لفهم الجذور الثقافية للتأييد
الأمريكي المطلق لـ«إسرائيل»
- المعايير
النسبية لربانية التعليم
- الأسبوع الدراسي الأول.. والتحديات الجديدة
- رسالة وزير التربية إلى نظَّار المدارس في
الكويت
- لقاءات «المجتمع» مع الأستاذ خالد المذكور
المعيد بجامعة الكويت
- وزارة التربية تعلن مسؤولياتها في مطلع هذا
العام الجديد
- التنشئة العلمية للطفل المسلم ضرورة عصرية
- مناهج التربية الدينية.. بين الواقع
والمأمول
_________________
(1) نُشر بالعدد (1945)، 27 ربيع الآخر
1432هـ/ 1 أبريل 2011م، ص48.