13 فبراير 2025

|

القراءة في العصر الرقمي: فرص وتحديات

سامح ابو الحسن

06 فبراير 2025

68

في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي يشهده العالم، يعتقد البعض أن الكتاب الرقمي قد يتصدر المشهد، وأن الكتاب الورقي في طريقه إلى الزوال. 

لكن الدراسات العلمية والمقابلات التي أجراها الكاتب مع مؤلفين، ناشرين، متخصصين، ومسؤولين تؤكد أن الكتاب الورقي لا يزال يحافظ على مكانته في الصدارة بين القراء. 

دراسة أجرتها كلية الأعمال والاقتصاد بجامعة ماكويري في أستراليا على عينة من ألف كاتب وناشر، أظهرت أن الكتب المطبوعة تحتل الصدارة بنسبة 45%، في حين أن الكتب الرقمية تشكل 35% فقط، مع تزايد الإقبال على الكتب الصوتية بحسب البي بي سي.

ومع التقدم التكنولوجي، يجد البعض في الكتاب الورقي ملاذًا للهروب من تأثير الأشعة المنبعثة من الأجهزة الرقمية التي تحيط بنا في كل مكان.

وهذا الهروب من الصخب التكنولوجي يعزز عودة الكتب الورقية لدى العديد من القراء، حيث يُعتبر الكتاب الورقي أيضًا وسيلة للتفاعل الشخصي بين الكاتب والقارئ. 

كما أشارت شيخة، إحدى المشاركات في معرض مسقط الدولي للكتاب، إلى أنها تفضل تدوين ملاحظاتها داخل الكتاب الورقي، مما يخلق علاقة حميمية لا يمكن تحقيقها مع الكتاب الرقمي.

ورغم الإقبال الكبير على الكتب الرقمية بفضل سهولة الحصول عليها ورخص ثمنها، بالإضافة إلى إمكانية نشر الكتب إلكترونيًا دون الحاجة إلى دور النشر التقليدية، تبقى التحديات التي يواجهها الكتاب الورقي، مثل ارتفاع تكاليف الورق وصعوبة حمل العديد من الكتب أثناء السفر، مما يدفع البعض نحو الكتاب الرقمي. 

ولكن، وعلى الرغم من هذه التحديات، يبقى الكتاب الورقي الخيار المفضل لكثير من القراء في المعارض، حيث يعكس نجاح معارض مثل معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي استقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر، وأيضًا معرض مسقط الدولي للكتاب الذي شهد حضورًا لافتًا في عام 2024.

التحديات التي تواجه الكتاب الورقي لا تلغي حقيقة أنه ما زال يحظى بشعبية كبيرة، وهو ما يعكس التفاعل المستمر بين الكتاب الورقي والرقمي.

ويؤكد الخبراء أن التكامل بين الكتاب الورقي والرقمي هو الحل الأمثل لتلبية احتياجات مختلف فئات القراء. 

فالكتاب الورقي سيظل يحتفظ بمكانته لدى محبي القراءة التقليدية، بينما سيظل الكتاب الرقمي يشهد تزايدًا في استخدامه بفضل ما يوفره من مزايا عملية واقتصادية.

فرغم أن الكتاب الرقمي يعزز الوصول السريع والواسع للمحتوى، يظل الكتاب الورقي خيارًا مفضلًا للكثيرين، ويعكس التنافس بين الأشكال المختلفة للكتب دورًا حيويًا في نمو وتنوع المصادر التي تدعم الثقافة والمعرفة.

في هذا العصر الرقمي المتسارع، تظل القراءة وسيلة حيوية لاكتساب المعرفة وتنمية الفكر، رغم التحديات التي تواجها جراء التقنيات الحديثة. على الرغم من أن القراءة الإلكترونية توفر العديد من الفرص، فإنها ليست خالية من التحديات التي تؤثر على طبيعة استهلاك المحتوى وتفاعل القارئ معه. وفي هذا السياق، يمكننا أن نركز على بعض الفوائد الملموسة التي تقدمها القراءة الإلكترونية.

إيجابيات القراءة الإلكترونية:

سهولة الوصول وتوفير التكاليف: مع انتشار الكتب الإلكترونية، يمكن للقراء الوصول إلى محتوى متنوع بأسعار زهيدة، بل وأحيانًا مجانية، مما يجعل القراءة في متناول الجميع دون أن تكون عبئًا ماليًا. كما أن الأجهزة الإلكترونية المتنوعة تسهل الوصول إلى الكتب في أي وقت وأي مكان.

التجربة التفاعلية: تتيح القراءة الإلكترونية للقراء إمكانية الاستمتاع بتجربة تفاعلية من خلال الإصدارات الصوتية والمرئية. يمكن الاستماع إلى الكتب أثناء أداء الأنشطة اليومية مثل الرياضة أو الأعمال المنزلية، مما يزيد من معدل الاستفادة.

المزايا البيئية: تعد القراءة الإلكترونية أحد الحلول الفعّالة للحفاظ على البيئة؛ فالتوجه نحو الكتب الرقمية يقلل الحاجة إلى استخدام الورق ويحد من استهلاك الموارد الطبيعية مثل الأشجار والمواد الكيميائية المستخدمة في عملية الطباعة.

التخصيص والتنقل: توفر القراءة الإلكترونية العديد من الخيارات لتخصيص النصوص بما يتناسب مع احتياجات القارئ، مثل تعديل حجم الخط، وتغيير اللون، وتنظيم المحتوى. علاوة على ذلك، يمكن للقراء حمل مكتبة ضخمة من الكتب على جهاز واحد، مما يسهل عليهم التنقل بها في أي مكان.

سلبيات القراءة الإلكترونية:

محدودية الوصول: بالرغم من مزايا الكتب الإلكترونية، إلا أنها تعتمد على توفر الإنترنت والأجهزة الرقمية، ما يمثل تحديًا للعديد من الأفراد في المناطق النائية أو للأشخاص الذين لا يمتلكون هذه الأجهزة.

التحديات التكنولوجية: يجد الكثيرون صعوبة في التكيف مع الأجهزة الإلكترونية، لا سيما كبار السن أو أولئك الذين لا يمتلكون مهارات تكنولوجية متقدمة، هذا يجعل القراءة الرقمية أقل جذبًا لبعض الفئات.

إجهاد العين: تعد القراءة على الشاشات لفترات طويلة أحد الأسباب الرئيسية لإجهاد العين والشعور بآلام الرأس. الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية يتسبب في زيادة الإجهاد البصري، مما يجعل الحفاظ على صحة العين تحديًا حقيقيًا.

مخاطر حقوق الملكية: مع سهولة نسخ وتوزيع المحتوى الرقمي، تواجه الكتب الإلكترونية تهديدات فيما يخص حقوق الملكية الفكرية. فعادةً ما يتم مشاركة الكتب دون إذن المؤلف، مما يؤثر سلبًا على حقوق المؤلفين ويحد من تحفيزهم لإنتاج محتوى جديد.

الإعلانات والمشتتات: يعاني العديد من القراء من التشتت بسبب الإعلانات المنبثقة، والإشعارات المزعجة، مما يؤثر على تجربتهم في القراءة ويعيق قدرتهم على التركيز واستيعاب المحتوى بشكل فعّال.

التوجه المستقبلي للقراءة الرقمية

على الرغم من التحديات التي تطرحها القراءة الإلكترونية، إلا أنها تفتح المجال أمام حلول جديدة ومبتكرة لتعزيز تجربة القراءة. إن دمج التعليم الرقمي مع القراءة الإلكترونية يمكن أن يحقق فوائد عدة، بدايةً من توفير المحتوى التعليمي بشكل تفاعلي وصولاً إلى جعل عملية القراءة أكثر متعة وفائدة. تظل الحاجة إلى توازن بين الاستخدام الرقمي والتقليدي للقراءة أمرًا ضروريًا للحفاظ على الصحة العقلية والبدنية للقراء في عالم مليء بالمشتتات.

إن القراءة الإلكترونية تُمثل أحد الحلول المستقبلية التي يجب أن يتم استغلالها بطريقة مدروسة، بحيث تُدمج بين فوائدها التقنية والعملية وبين أهمية المحافظة على عادة القراءة التقليدية. فقط من خلال التحفيز المجتمعي والتعليم المبكر، يمكننا أن نعيد تعريف تجربة القراءة في العصر الرقمي.

 


تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة