سباق الموائد الرمضانية.. غزة تفاجئ الجميع وإفطار "المطرية" يتصدر مصر

منذ أن عرف الإنسان العمران، وهو يسعى إلى الاجتماع، حيث تأتي الموائد كأكبر رمز اجتماعي يلتفّ حوله الجميع، خاصة في شهر رمضان، وصار للكرماء دور في إذكاء العمل الخيري حتى في الجاهلية قبل الإسلام، وكان "عبد الله بن جدعان" من أصحاب الموائد الشهيرة، وكانت يمتلك "جفانا ضخمة" -أواني الطبخ-، لدرجة أن أحد الأطفال غرق فيها بسبب كبر حجمها.

تاريخ الموائد:

وفي الإسلام تطورت الفكرة وصار الإطعام معلما من معالم العمل الخيري، وكان الإمام الزهري في عصر بني أمية ينصب موائد "الزبد والعسل" ويطعم الناس.

كما كان الوالي المصري "أحمد بن طولون" له أيادٍ بيضاء في صناعة الموائد، وكان يشرف عليها بنفسه، وينظر من مشربيات قصره، ويسعده توافد الناس وإقبالهم على موائده.

وفي العصر الحديث تطورت فكرة الموائد رويداً رويداً، حتى ظهر ما يعرف بـ"التكية" بالحجاز؛ التي كانت تقدم الوجبات الغذائية، للحجاج والمعتمرين الوافدين إلى الحرمين الشريفين من شتى البقاع. 

ومع تطورها والاعتناء بها، صارت تقدم حوالي 400 وجبة لتزداد إلى 4 آلاف وجبة يوميا في رمضان.

موائد باكستان:

تختلف طبيعة الإطعام من بلد لآخر في الشكل، لكنها تتفق في المضمون؛ وهو إفطار الصائمين وإطعام المحتاجين، وعابري السبيل.

ففي باكستان تنتشر الموائد في الشوارع، بهدف إفطار الصائمين؛ والتي أصبحت ملجأ للكثير من الفقراء والمعوزين.

وتعدّ أصناف المائدة من الطعام، قبيل الإفطار بساعات، حيث تبدأ التحضيرات بالطهي وتجهيز المشروبات الباردة.

ويساعد في إتمام الموائد الشباب المتطوعين، فمثلا في منطقتين مختلفتين في إسلام آباد، يتم إطعام حوالي ألف صائم يوميا.

موائد أوزبكستان:

يحتفي سكان أوزبكستان بقدوم شهر رمضان عبر طقوس فريدة تميز هذا البلد؛ مع الاحتفاء بالأعلام الإسلامية.

ومع دخول شهر رمضان يتم الاحتفال بالأعلام، مثل الإمام البخاري والترمذي؛ الذي تعود جذوره إلى مدينة ترمذ، أقصى جنوب البلاد.

وتزيّن موائد الأوزبك الـ"سومسا"، وهي عبارة عن عجين محشي باللحم والبصل، الذي يشوى بالفرن، إضافة إلى "ماستوا"، وهي شوربة دسمة تتكون من الأرز واللحم والشحم.

العجيب أن مائدة السحور لا تخلو من الأرز البخاري؛ الدسم المطبوخ بدهن الضأن، والمعروف باسم "أش" باللغة الأوزبكية.

الموائد العُمانية:

وفي دول الخليج تزخر المائدة العمانية بما لذّ وطاب من المأكولات والأصناف المتوارثة، حيث تحرص النساء العُمانيات على تقديم أنواع الأكلات العمانية الشعبية؛ والتي في مضمونها تقترب من المطبخ الخليجي عامة، مثل: «الهريس، والثريد، والعرسية، والخنسروس»، وبعض الفطائر مثل «السمبوسة بالخضار أو اللحم والمصانف، والحلويات كـ «سخانة السمن، والساقو».

كما أن "القهوة" هي أساس السفرة العمانية، لأنها عنوان الكرم، فالسيدات العمانيات يتفنن في صنعها، مع إضافة باقة منوعة من ماء الورد، والأعشاب مثل الريحان والزعفران والهيل.

اقرأ أيضا: «الغبقة».. عادة رمضانية تزيِّن الخليج

مائدة غزة:

رغم ما يعايشه قطاع غزة من حصار وتجويع، فقد أعلنت جمعية النجاة الخيرية الكويتية، تنظيم أطول مائدة لإفطار الصائمين في القطاع.

وجاء ذلك ضمن جهودها الخيرية في الشهر الفضيل، وذلك بتدشين مطبخين شمال وجنوبي القطاع، لتقديم وجبات تصل إلى 5000 وجبة يومياً.

المبادرة جاءت في إطار حملة "مليون إفطار" للصائمين هذا العام التي أطلقتها الجمعية؛ والتي تهدف إلى توزيع وجبات الإفطار في المناطق الأكثر احتياجاً حول العالم.

ومن أهدافها أيضا استهداف مخيمات اللاجئين السودانيين في تشاد، والمناطق الصحراوية والجافة في اليمن، إضافة إلى قطاع غزة، وغيرها.

وتسعى الحملة في قطاع غزة خاصة، إلى تخفيف المعاناة عن الصائمين في المناطق الأشد فقراً، وتوفير وجبات إفطار متكاملة.

يأتي هذا في الوقت الذي تعاني فيه غزة من أوضاع معيشية قاسية، ما يتطلب تقديم الدعم والمساندة عبر مشاريع مستدامة، مثل المطابخ الخيرية.

أطول الموائد في مصر:

أما في مصر، فتتميز الموائد بعفويتها في الإطار العام، والتنظيم في الشكل الخاص.

فقبل سنوات نظم أهالي محافظة الشرقية، وتحديدا في قرية العدلية بمركز بلبيس، أطول مائدة إفطار؛ والتي وصل طولها 700 متر، وتقديم نحو 3000 وجبة للصائمين.

أيضا شهدت مائدة العاشر من رمضان تقديم 1000 وجبة يوميا، والتي قدمها المتطوعون من الشباب.

اقرأ أيضا: رمضان يثري الحملات الإغاثية والخيرية في مصر

بينما أعلنت لجنة تحكيم من «موسوعة غينيس» للأرقام القياسية، قبل سنوات دخول مصر الموسوعة بأطول مائدة طعام في العالم، أقامتها على ساحل البحر المتوسط في مدينة الإسكندرية، في تاسع أيام شهر رمضان.

وأوضحت اللجنة في مؤتمر صحفي، أن طول المائدة بلغ أربعة كيلومترات و303 أمتار، ونوهت أن عدد المشاركين في الحدث، تجاوز 20 ألف شخص، وأكثر من 800 شاب وفتاة من المتطوعين.

إفطار المطرية:

أصبح إفطار رمضان الذي تعده مدينة المطرية منذ 10 سنوات في شرق العاصمة المصرية القاهرة، من المعالم الرمضانية الشهيرة في مصأصبح إفطار رمضان الذي تعده مدينة المطرية منذ 10 سنوات في شرق العاصمة المصرية القاهرة، من المعالم الرمضانية الشهيرة في مصر، حيث يعقد سنويا في يوم 15 من الشهر الفضيل.

"المجتمع" تواصلت مع أحد أبناء المطرية "مصطفى بيومي"؛ الذي أكد أن فكرة الإفطار، بدأت في "عزبة حمادة" و"مرسي خليل" بالمطرية، في 2014، والتي دعمتها بعض العائلات الكبيرة في المنطقة.

وأوضح أن الفكرة بدأت صغيرة ثم كبرت عاما بعد عام، لتضم إليها عددا من العائلات الجديدة، إضافة إلى عائلة "شلش" التي كان لها دور كبير في العمل الخيري.

وأضاف أنه بعد اكتمال الفكرة، فقد استقرّ الوضع على إعداد المائدة من الصباح بوضع السفرة والكراسي، وبعد صلاة العصر وقبل الإفطار بساعتين، يتم تجهيز الطعام عليها، عبر الشباب والرجال؛ الذين يقدمون الطعام بالتنسيق مع عدد من الطباخين من خلال مطبخ كبير.

وحول دعم هذا الإفطار المكلف سنويا، فقد كشف "بيومي" أنه إلى جانب دعم العائلات الكبيرة للإفطار، فإن الأهالي أيضا يقومون بدعمه من خلال فتح باب التطوع من بداية العام وصولا إلى رمضان- كلٌ بحسبه- وذلك لتغطية التكاليف.

وبسبب شهرة الإفطار، صارت المطرية منطقة جذب سياحي في رمضان للشباب وغيرهم، الذين يتوافدون إليها سنويا، بل البعض يقوم بالتطوع مع أبناء المنطقة، في تقديم وتجهيز الموائد الممتدة بطول الشوارع. 

كما أكد "بيومي" لـ"المجتمع" أن الكميات تكفي وتلبي كل احتياجات المفطرين، منوها أن محلات الكشري والسوبر ماركت التي تتواجد بمحيط الإفطار، تقوم بعمليات دعم تطوعية بتقديم مئات الوجبات والتي تصل إلى ألف وجبة من بعض المحلات أثناء الإفطار للمارة أو القادمين للإفطار.

وبسبب انتشار فكرة الإفطار على نطاق واسع، دفع البعض إلى القدوم ومعهم وجبات الإفطار الخاصة بهم، والجلوس على المائدة، لأجل المشاركة فقط، والشعور بسعادة الإفطار الجماعي.

تنافس جديد:

وفي هذا العام 2025 بدأ التنافس يزداد في العمل الخيري بالمطرية وصناعة الموائد على غرار الإفطار الشهير، حيث شهدت منطقة "التعاون" والتي تتواجد أيضا بعزبة حمادة، بالإعلان عن إفطار سنوي، والذي تم في السابع من رمضان، أي قبل أسبوع من الإفطار السنوي الشهير الذي يتم في منتصف رمضان كالمعتاد.

وحول البداية الجديدة لهذا الإفطار المنافس أوضح "بيومي" أنه تم ذبح عجل وكميات ضخمة من الدجاج، وتقديم الطعام من خلال مطبخ ذاتي من الأهالي.

ونوه أن المائدة الجديدة بدأت بعدة "تربيزات" قبل عام، ولكنها الآن في طريقها، لتكون على طول شارع كبير، على غرار الإفطار السنوي الشهير.

اقرأ أيضا: رمضان إثيوبيا.. استعدادات مبكرة وأطباق خاصة في موائد الإفطار وتزاحم في المساجد




 



الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة