مبادئ «حماس» في فلسطين وتحركاتها السياسية.. من منظور شرعي

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ
لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي
الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ) (التوبة: 38)، إن كان الرباط على ثغر من ثغور الإسلام من أسمى منازل
الجهاد وأعلاه رتبة في الإسلام، فإن الرباط على ثغر حماية ظهر المجاهدين
والمرابطين، والذب عنهم في المعركة المصيرية التي يخوضونها نيابة عن أمتهم؛ فرض
واجب على كل مسلم، وإنّ التخلف عنه أشبه بالتولي يوم الزحف في حق كل مسلم قريب أو
بعيد بعد تعيّن الثبات وحرمة الفرار.
«حماس» التي عبَّرت
عن نفسها بحركة تحرر وطني ذات مرجعية سُنية إسلامية، وصاغت أبجدياتها وأهدافها
تبعاً للحالة التي نشأت في خضمها، رفعت شعاراً لها منذ تأسيسها وهو «تحرير أرض
فلسطين من الحركة الصهيونية»، وهي تعمل وفقاً لذلك.
«حماس».. أصالة في المنهج وصلابة في المواقف
حماية ظهر المجاهدين والمرابطين والذب عنهم في المعركة المصيرية واجب على كل مسلم
واجهت الحركة انتقادات عديدة، ولم يشفع لها ابتعادها عن مربع التدخل في شؤون الدول أو اختيارات الشعوب، وهي برغم ذلك لا تزال تواجه انتقادات عديدة طالت تحركاتها الدبلوماسية وقراراتها السياسية، منها اتهامها بالارتماء في أحضان إيران ورهن قرار الحركة لها، ولم يستطع البعض أن يفرق بين مبادئ الحركة وتحركاتها السياسية، فالسياسة تحكمها الضرورات والمصالح، لا العواطف.
وكذلك «حماس»
ليست دولة، وإنما هي حركة محاصرة؛ سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، ومحرومة من أي دعم
عربي، لذلك اضطرت لقبول الدعم من إيران، التي قدمت لها السلاح لمواجهة الاحتلال
الصهيوني، ومع ذلك، لم تتبنَّ «حماس» نهج إيران أو تدخلت في أي حرب خارج فلسطين.
استثمار «حماس»
ازدواجية المعايير
ليس سراً أن
معظم دول المنطقة لديها معاملات تجارية مع إيران ومصالح مشتركة، ولكن المشكلة
الحقيقية هي محاولة شيطنة المقاومة بالرغم من وضوح نهجها وصحة عقيدتها وصواب
بوصلتها.
ولكن، لعل هذا تصديقاً كما جاء في الحديث: «لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين..»، وحينما صاحت المرأة: «وا معتصماه» لم يعاتبها فقيه عبر التاريخ لأنها استنجدت بالمعتصم المنحرف عقدياً بفتنة خلق القرآن، ففي حال الضرورة يجوز أكل الميتة، وكذلك الاستعانة بإيران، فـ«الضرورات تبيح المحظورات».
المشكلة الحقيقة محاولة شيطنة المقاومة برغم وضوح نهجها وصحة عقيدتها وصواب بوصلتها
«حماس» لم تشارك
إيران في تدخلاتها بسورية واليمن ولبنان، ولم يكتب عنها الغوص في استباحة دماء أهل
السُّنة، ورفعت شعاراً خالداً: «مَنْ دَعَمنا في الحق لا ندعمه في الباطل»، في حين
أن أمريكا التي قتلت أكثر من 200 ألف مدني بعد غزو العراق عام 2003م، وأكثر من 70
ألف مدني في أفغانستان، ومع ذلك تقيم الدول العربية علاقات وثيقة معها، بل
وتعتبرها شريكاً إستراتيجياً!
شبهات وردود.. «حماس» خلية إيرانية!
تحالفات تاريخية
لقد تعاون
السلاجقة والزنكيون مع هؤلاء الإسماعيلية العبيديين (الفاطميين) في دفع الصليبيين
عن أرض المسلمين في عسقلان والإسكندرية وبلبيس والقاهرة، وكم تمنوا ورجوا أن يقع
الاتحاد الذي يفضي إلى طرد الصليبيين من بيت المقدس، ولكن الأمر لم يتمّ؛ لأن دولة
العبيديين كانت قد ضعفت وأثخنتها الخلافات الداخلية حتى صار بعض أطرافهم يوالي
الصليبيين على المسلمين، فهيأ الله لذلك صلاح الدين الذي أزال هذه الدولة، فعادت
الوحدة، وبعدها كان تحرير بيت المقدس!
وقد زخرت كتب
مؤرخينا السُّنة بالحمد والشكر لغزوات قام بها العبيديون، فتحوا بها بلاداً أو
أنقذوا مسلمين استغاثوا بهم من الروم!
أما هذا الوضع
الذي نعيشه الآن، فخلل في الفهم وانتكاسة في الفطرة وانقلاب في الدين غير مفهوم.
كيف تُدان حركة
سُنية لم تجد غير الحليف الإيراني إذا استعانت به في معركة وجودية، وفي ظل خذلان من
بعض دول السُّنة؟!
قال الشيخ صالح
اللحيدان رحمه الله لمن يتهم «حماس» والشيخ أحمد ياسين بالضلال: «أَقِلّوا
عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُمُ.. مِنَ اللَومِ.. أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا».