من الاستعداد لرمضان.. الإطعام
![](https://mugtama.com/storage/uploads/ogocJmrOwMnaNf21vHcPy2G10sx4hXET26CxBK0B.jpg)
تعتمد حياة المسلم على مسألة تنظيم الوقت وترتيب أولوياته لتنظيم حياته الاجتماعية والتعبدية والقلبية ليكون خالصاً لله عز وجل في كل وقت.
والأولى بالترتيب والتنظيم والتخطيط هو كل ما يتعلق بأمور العبادة، ومنها الاستعداد لشهر رمضان الكريم، وها هي الأمة تحيا تلك الأيام المباركة في انتظار الشهر المبارك، الذي كان ينتظره المسلمون الأوائل ويؤهلون أنفسهم له بـ6 أشهر تسبقه.
والعبادة في رمضان فريدة من حيث الأجر سواء كانت قلبية أو جسدية، فالسُّنة فيها بأجر فريضة، ويضاعف الله عز وجل فيه الحسنات، وكرم الله فيه ليس له حدود أو حساب، والمغفرة فيه هبات ربانية لمن يقبلون عليه بصدق.
ولن يستطيع المسلم إحياء قلبه، وشحذ عزيمته، وشد مئزره للاجتهاد في تحسين علاقته بالله عنوة أو فجأة، وإنما يجب الاستعداد والتخطيط المسبق بوقت كاف لإحياء القلب الذي يجب إيقاظه منذ اللحظة الأولى لدخول الشهر الكريم.
والخطوة الأولى للتخطيط وضع الهدف العام، ثم الأهداف المرحلية، ثم الوسائل المعينة لتحقيق تلك الأهداف، والهدف الأول لكل مسلم مرضاة الله عز وجل، ودخول جنته سبحانه، وأما الأهداف المرحلية فمنها حسن العبادة، وتطهير القلب، والإخلاص وتنزيه القلب عما كل ما هو من دون الله.
وأما الوسائل في كيفية الاستعداد لرمضان بتهيئة القلب والجسد لاستقبال الشهر المبارك، فتأتي أولاها فضيلة الإطعام؛ وهي من أفضل الأعمال التي تقرب العبد لربه مثلها مثل الإنفاق والكرم اللائق بشهر الكرم والعبادة.
الحث على الإطعام
يقول الله تعالى: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً {5} عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً {6} يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً {7} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً {8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً {10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً {11} وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً) (الإنسان).
وهي عبادة من يفعلها يكون من أصحاب الميمنة، فيقول تعالى: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ {14} يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ {15} أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ {16} ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ {17} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (البلد).
وجعلها النبي صلى الله عليه وسلم سبباً من أسباب دخول الجنة، فعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ» (رواه الترمذي).
من ثمرات إطعام الطعام
1- وقاية شر يوم القيامة؛ وذلك لوقاية المسلم نفسه شر شحها، يقول تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً {8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً {9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً {10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً).
2- الإطعام من خير أعمال الإسلام، فعن عبدالله بن عمرو أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خيرٌ؟ قال: «تُطعم الطعام، وتقرأ السلام على مَن عرَفت ومَن لم تَعرِف» (متفق عليه)، وعن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: «أن تدخل على أخيك المسلم سروراً، أو تقضي عنه ديناً، أو تطعمه خبزاً» (رواه البيهقي)، وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غُرفة يُرى ظاهرُها من باطنها، وباطنُها من ظاهرها، أعدَّها الله لمن أطعم الطعام، وألانَ الكلام، وتابَع الصيام، وصلى والناس نيام» (رواه أحمد).
3- جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإطعام إحدى الخصال التي تدخل صاحبها الجنة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «.. فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا؟»، قال أبو بكر: أنا (الحديث) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة» (رواه مسلم).
4- اختفاء ظاهرة الحقد والحسد بين المسلمين، فالمرء يحسد وينظر إذا لم يجد ما يأكله، أو يطعمه لأبنائه بين الأغنياء وهم يغلقون أبوابهم دونه، ومن العار أن يكون بين المسلمين جائعاً أو محاصراً ويبيت بغير طعام أو مأوى أو أمن، بينما المسلمون في غفلة بأنفسهم وإدارة أعمالهم لا يشعرون بإخوانهم بين ظهرانيهم، أو تغلب أرملة أو مطلقة على أمرها فتحبس في بضع مئات من الجنيهات إن لم تجد من يحمل عنها، وقد أمر الله عز وجل بالتكافل، ونجدة الملهوف، وإغاثة المحتاج، والعطاء والكرم مدعاة للمحبة والمودة بين المسلمين.
كيف يكون إطعام الطعام خصلة عند المسلم؟
1- مدارسة أخلاق الكرم والجود والمروءة وحب الإنفاق وما يترتب عليها من أجر عظيم عند الله عز وجل، ومنافع دنيوية أخرى.
2- مصاحبة الصالحين وأهل الكرم والتعلم منهم وتقليدهم في أفعالهم المتعلقة بالعطاء حتى تصير خصلة غير قابلة للتغيير
3- اتخاذ الأسباب المؤدية لعلاج النفس من أمراض البخل والشح.
4- عدم التعلق بالدنيا وجعلها الهدف الأكبر للمسلم، فإن هي إلا أيام معدودة وسرعان ما تنتهي، ولا يتبق سوى الآخرة بما قدم من عمل.
5- اليقين بأن الله عز وجل مخلف كل منفق بأضعاف ما يخرجه من ماله مصداقاً لحديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم، أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم، أعط ممسكاً تلفاً» (رواه البخاري، ومسلم).